"الصمت عار".. نداء المقالح لعشاق النهار

 

 

 

خالد بن سالم الغساني

 

"الصمت عار، والخوف عار، ونحن عشاق النهار"…

صرخةٌ مدويةٌ أطلقها الشاعر اليمني الكبير عبد العزيز المقالح -رحمه الله- ارتدت أصداؤها في قلوب الأحرار، وألهمت أجيالًا من المناضلين أن يرفضوا الانكسار. نحن الذين نحيا ونحب ونخاصم الأشباح، نرفض أن ننحني أمام جدار الظلم، ونحفر فيه بمعاول الصبر والإرادة، نبحث عن ثغرة للنور، فإن لم نجدها، متنا على وجه الجدار واقفين.

في زمننا البائس هذا، الذي تتوالى فيه الجرائم ضد الإنسانية، تبقى القضية الفلسطينية منارة الحق، وصوتًا يدوّي في وجه الطغيان. هي قضية كل شريف يرفض أن يبيع ضميره أو يرضى بالسكوت، خاصة أمام وحشية كيان محتل يقتل بلا تمييز. هناك في غزة العزة؛ حيث الروح الفلسطينية تتحدى الحصار والقصف، شعبًا يقاوم الموت بالثبات، ويعيش الأمل رغم كل شيء. حيث لا مكان لليأس أو الملل. "لا يأس تدركه معاولنا، ولا ملل انكسار".

المجازر التي يرتكبها الاحتلال، والتي أودت بحياة آلاف الأطفال والنساء والشيوخ، ليست إلا محاولة يائسة لإطفاء شعلة المقاومة. لكنها شعلة أُوقدت بإرادة لا تنطفئ، نار تحرق روايات الزيف، وتؤكد أن الظلم مهما طال، لن يغلب شعبًا يتمسك بحلمه في النور.

القضية الفلسطينية معركة من أجل الكرامة الإنسانية، واختبار لضمائر البشر، ودعم المقاومة واجب إنساني يفرضه الشرف، إنها صرخة شعب يناضل من أجل الحرية والعدالة في وجه الظلم والاحتلال، وكل صوت يرتفع لنصرتها يعزز من إنسانيتنا المشتركة. والوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني هو تأكيد على قيم العدالة والمساواة، ودعوة لكل إنسان أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية في مواجهة الظلم، حتى يتحقق النصر وتعود الأرض إلى أهلها.

وكما كان يرى المقالح، أن المقاومة هي الطريق الذي اختاره الشعب الذي يعشق الحياة، وارتأى أن المضي فيه هو الخيار الوحيد لتحرير كل ذرة تراب على أرض فلسطين من رِجس الاحتلال، وحتى إذا أجدبت سحب الربيع، فإن ربيعنا زاخر بأمطار التضامن، التي تغسل عن الأرض دنس الاحتلال، وتروي شجرة الحرية.

أيها الشرفاء، إن الصمت أمام هذا الظلم خيانة، والخوف من مواجهته هزيمة للقيم التي نزعم الدفاع عنها. فلنجعل فلسطين قضيتنا الأولى، نحارب بالكلمة التي تكشف الحقيقة، وبالأغنية التي تلهب نار الثورة، وباللوحة التي تعبر عن الإصرار، وبالتضامن الذي يعبر الحدود، وبالاستمرار في فضح الجرائم.

فلسطين رمز لكل قضية عادلة في العالم، ونضال شعبها صوت لكل مظلوم يطالب بحقه، فلنكن معاول الحق التي لا تعرف اليأس، ولنبقَ أحياء بالحب والأمل، واثقين أن غدًا سيكون الانتصار، كما وعدنا المقالح في صرخة صمته.

المقاومة مدرسةٌ تُعلِّم طلابها ومريديها ومحبيها، أن الجدب لا يوقف العطاء، وأن كل تضحية تقدمها تقربنا جميعًا من النصر. إنها دعوة لكل إنسان يرفض العيش في الظلام، ويؤمن أن الحق يعلو مهما طال الليل.

ولنُذكّر ونتذكر بما يفعله التاريخ، إنه يكتب أسماء الذين يقفون مع الحق، ويلعن من اختاروا الصمت. فلنكن من الذين يصنعون التاريخ بمواقفهم الشجاعة، عُشّاق النهار الذين يحفرون في جدار الظلم بإيمان لا يلين، ونعلم أن ثغرة النور قادمة. ونرفع أصواتنا، ونمد أيدينا، ونحمل راية فلسطين عاليًا، هاتفين بأن غدًا سيكون الانتصار لشعب لم ولن يعرف الاستسلام.

فلتعلوا أصواتنا بترديد نشيد الصمت عار، والخوف عار، والمقاومة حق لا يُسلب ولا يُستعار حتى يطلع النهار ويعم الحب والسلام والازدهار.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة