د. عبدالعزيز بن محمد الصوافي
باحث أكاديمي
في عالمٍ سريع التحوّلات والتغيرات والابتكارات والتشكيك في المعتقدات والثوابت، أصبح من الصعب مواكبة وحصر أفضل الممارسات التربوية والتعليمية التي نقرأ أو نسمع عنها كل يوم. يتزايد الحديث عن ضرورة الابتعاد عن الطرق والأساليب التقليدية في التدريس، والانتقال نحو مواكبة أساليب تعليمية أكثر حداثة وتطورًا.
ولكن السؤال الذي يبقى مطروحًا: هل ما نقوم بتطبيقه حاليًا في نظامنا التعليمي هو نتائج وخلاصة بحوث ودراسات وتجارب وممارسات علمية موثوقة ورصينة ومتفق عليها، أم أننا نُجرِّب ونتبنى كل ما يتم الترويج له من قبل الباحثين والمنظّرين والمنصات التربوية العالمية، والتي تُتحفنا بشكل يومي بابتكار أساليب تربوية وتعليمية جديدة أكثر حداثة وأقوى أثرًا كما يزعمون؟!
يبدو أن طلابنا أصبحوا كفئران تجارب، ومدارسنا أصبحت مختبرات للتجريب، ومعلمو وإدارات المدارس لا حول لهم ولا قوة؛ حيث يتم تطبيق وتبني أساليب جديدة ومتغيرة في التدريس والتقويم والمناهج والأنشطة... إلخ كل عام، ومع قدوم مسؤول تربوي جديد، صاحب قرار، تتغير الأفكار والممارسات التربوية بشكل قد يتناقض مع ما كان يُطبّق في عهد المسؤول السابق، والضحية هنا الطالب وكل من له علاقة بالعملية التربوية والتعليمية (المعلم، إدارة المدرسة، أسرة الطالب... إلخ).
نحن نعيش -مع كل أطراف العملية التعليمية- حالة من التوهان والضبابية وعدم القدرة على الحسم، مما يؤثر سلبًا على العملية التعليمية برمّتها. نحن مع تبنّي الأساليب والطرق والمناهج الحديثة في مجال التربية والتعليم، ولكننا ضد تبنّي كل ما يأتي إلينا ويُروّج له بدون تمحيص أو تفكير أو معرفة مدى قدرة نظامنا التعليمي وبنيته التحتية على استيعابه.
ونحن مع المرونة والسرعة في تبنّي هذه الأساليب والطرق والمناهج الحديثة، ولكننا ضد أن يكون القرار في يد فرد واحد يتخذ القرار بجرة قلم، من منطلق "ما أريكم إلا ما أرى".