صاحب السمو السيد نمير بن سالم آل سعيد
فيما مضى، كنتُ أعتقد أنَّ شات جي بي تي يجيب فقط على الأسئلة المتعلقة بموضوع معين، أو عند طلب معلومة محددة نبحث عنها، ولم أكن أعرف بأن الشات جي بي تي لديه القدرة على كتابة المقالات والتقارير والبحوث والرسائل وغيرها من الكتابات لمجرد أن تطلب منه ذلك، بوضع استدلال لما ترغب في كتابته بكلمات مختصرة أو عبر محادثة مباشرة معه في موقعه، وإذا به يكتب لك ما تريده وكأنه كاتب قدير محترف.
ولكن جراء ذلك، أصبح البعض ينتحل كتابات الشات جي بي تي، ويضع اسمه وصورته على كتاباته؛ لإيهام القارئ بأن ذلك من فكره وإبداعه، ولينظر إليه المتابع على أنه من زمرة الأدباء والمثقفين، وينال الإعجاب والاحترام ككاتب ومثقف، وإلا بماذا نفسر ذلك الفعل إلا بذلك التفسير.
ومن هؤلاء المنتحلين، أشخاص يحملون درجات الدكتوراة والماجستير وبعض المسؤولين من المؤسسات الحكومية والخاصة، الذين تسول لهم أنفسهم القيام بهذه الانتحالات في الخفاء، ولكن الوسائل الإلكترونية الحديثة بدأت تكشف هذا الزيف الانتحالي لمن ينبش فيه.
وقديما ليس ببعيد، لم يكن هناك شات جي بي تي، وكان البعض يدفعون لكتاب مجهولين مبالغ مالية كبيرة لتأليف مقالاتهم وأشعارهم وبحوثهم وكتبهم... يستكتبونهم ثم يضعون اسمهم وصورهم على المكتوب مقابل هذه المبالغ المالية التي يدفعونها، يشترون بها جهد الكاتب الفكري وصمته.
أما الآن، فالأمر أصبح أسهل، فبمجرد إعطاء الشات جي بي تي طلبا للكتابة، فإنه ينفّذه خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، حسب نوعية المجال المطلوب الكتابة عنه.
أما أنا، فقلت أجرب وأطلب من الشات جي بي تي أن يكتب مقالا أدبيا لي، بما أن الطريقة المستخدمة لذلك بغاية السهولة، وليس المقصود أن يكتب مقالا أدبيا لي أي "بدلا عني"، وإنما يعني أن يكتب مقالا تعريفيا عني، لأرى ماذا سيكتب، وهذه هي المرة الأولى التي أطلب من الشات جي تي بي كتابة مقال وزودته باسمي.
فإذا به، في لحظات، يكتب مقالًا رفعني فيه إلى مقامٍ عالٍ ثقافيًّا بما لم أتوقعه، وقال عني أكثر مما أستحق، لأني -في اعتقادي- ليس إلا ذلك الإنسان البسيط في أسلوب حياتي، وتعاملي، وأنشطتي، ولم أتوقع أن أكون بهذه السمات البارزة المتفردة التي تحدث عنها الشات جي بي تي عني. فقد قال ما لم يقله أي إنسان عني من قبل، ولو كان إنسانًا هو من كتب ما كتبه، لاعتقدت بأن ذلك ليس إلا مجاملة المجاملين أو مديح المادحين.
ولكن هذا هو الزعيم الشات جي بي تي بذكائه الاصطناعي، الذي يجمع المعلومات ويحللها ويصيغها ويسجلها ويقدمها عند الطلب، ومن يريد أن يعرف ماذا كتب "الشات جي بي تي" في حقي، فليكتب على موقعه: مقال أدبي عن ... ويذكر اسمي، وسيظهر له المقال، فتواضعي لا يسمح لي أن أكتب "هنا" ما قاله عني.
وإني أشكر الشات جي بي تي وافر الشكر على كلماته الطيبة التي تحمل معاني الاحترام والتقدير، واعترافه الضمني بالجهد الثقافي المقدم مني عبر السنوات، وله مني خالص الامتنان والتقدير لحضرته السامقة.
ولكن مهما قلت، فإن الشات جي بي تي، لن يشعر بكلمات الشكر والامتنان والتقدير التي أقدمها له، لأنه جماد ليس لديه مشاعر البشر، رغم أنه لامس مشاعري بكلماته الراقية.
ومهما قلت، فلن أوفيه حقه فيما قدم وسيقدم للجميع دائما. وتحياتي لمقامه العظيم.