أفلح بن عبدالله الصقري
ظهرت في الفترة الأخيرة بعض الظواهر السلبية التي يقوم بها بعض الأتراك تجاه بعض السياح الخليجيين والعرب الذين يرتادون مختلف المناطق السياحية في تركيا بقصد الاستجمام وقضاء إجازة الصيف في هذه المناطق، والتي عادة ما يقصدها معظم الخليجيين والعرب، وقد رأينا الكثير من المشاكل التي يتعرض لها السائح الخليجي من تهديد لشخصهم أو لمرافقيهم أو حتى لأطفالهم، حتى وصل الأمر إلى مطالبة البعض بطرد هؤلاء السياح الخليجيين من تركيا مرفقة بعبارات لا أخلاقية وتصرفات فردية وبعبارات غير لائقة من قِبل هذه الفئة من المواطنين الأتراك.
وفي السنوات الأخيرة، انتعشت السياحة التركية وكانت ولا تزال إلى اليوم مقصدًا للخليجيين وللعرب كونها دولة ذات طابع إسلامي ومزار شعبي، حيث تنتشر المتاحف والمساجد بشكل كبير هناك، وكذلك أكثر المطاعم فيها حلال، فلا يفكر السائحون أين سيأكلون وماذا سيأكلون، فيما تتعدد الثقافات في هذه الدولة الإسلامية، وتتعدد الأماكن السياحية فيها، ولكن بدأ السياح الخليجيون والعرب البحث عن وجهة أخرى لأسباب عديدة منها: عدم شعورهم بالأمان، وأنهم مستهدفون من بعض الأشخاص الذين ينتشرون في بعض المناطق.
لم يُعرف حتى اليوم ما هو الهدف الأساسي والمغزى من استهداف بعض المواطنين الأتراك للسياح الخليجيين والعرب، وماذا يشكلون بالنسبة لهم، هل لأنهم عرب وغير مرغوب فيهم في وطن يتحدث معظمهم التركية، أم هناك مشكلة أخرى تستهدف الحزب الحاكم في تركيا وتريد هذه الفئة ضرب السياحة الداخلية كي يقول السائح الخليجي والعربي لن نعود إلى تركيا لعدم شعورنا بالأمان في ظل حكم الرئيس التركي الحالي؟ بعدها تنهار السياحة في هذا البلد الجميل الذي طالما تغنى به العالم العربي.
نحن هنا لا نريد التعميم، ولكن مثل هذه الفئة لا تطمئن السائح الخليجي والعربي كون السائح الخليجي والعربي لديه الكثير من الخيارات في بلدان أخرى كشرق آسيا وشمال إفريقيا وغيرها من الدول السياحية الأخرى، علمًا أن السياح الخليجيين والعرب كانت وجهاتهم متعددة قبل وصول الشهرة السياحية التركية للعالم. فهل نرى في السنوات المقبلة تراجع السياحة في تركيا بسبب هذه التصرفات الغريبة التي تحدث في تركيا؟ أم ستتخذ الحكومة التركية خطوات تحد من الكراهية والحد ضد السياح الخليجيين والعرب؟ أم للخليجيين والعرب كلمة الفصل في عدم العودة ونصح الآخرين بعدم التوجه إلى تركيا لقضاء العطلة السياحية؟!
لقد واجهت -بنفسي- أكثر من موقف من بعض الفنادق وبعض سائقي الأجرة وفي السوق، كدت ألا أصدق ما يُنشر من معظم الخليجيين عن تعرضهم للمضايقات والتهديد من قبل بعض الأشخاص المحسوبين على الدولة التركية الصديقة، ولكن تعرضت -بنفسي- لمثل هذه المواقف، لذلك أرى وأنصح الجميع بالتعامل مع مثل هذه الأمور بروية وحكمة، وعدم الاندفاع نحو استفزازاتهم وتهديداتهم، وأن يكونوا أكثر ذكاءً واحتراما في مكان لا ينتمون إليه.
إن لم تتخذ الحكومة التركية موقفًا نهائيًا وصارمًا من هذه الفئة الخارجة عن القانون، فأتوقع أن السياحة في تركيا ستصبح من الماضي خلال السنوات القليلة القادمة بسبب السياسة الداخلية الرعناء مع بعض السياح وتخريب السياحة في بلدهم.
إن المواقف هذا العام، زادت عن حدها عن الأعوام السابقة، من حيث المضايقات والوعيد والشتم الذي يتعرض له السائح الخليجي أيًا كانت جنسيته وانتماءاته، فقد زرت تركيا أكثر من مرة، ولم أرَ أو أتعرض لمثل هذه المواقف التي أقل ما أطلق عليها غريبة وغير مفهومة، ولم نرها إلا في الأفلام والمسلسلات، ولكن الحقيقة عكست ذلك، فهي ليست مجرد قصة تروى في المجلات ولا صفحة في جريدة، وإنما هي حقيقة تراها بعينك سواءً أنت في ذلك الموقف أو أمام عينيك.
من هذا المنبر الحُر أرى بأن الخيارات كثيرة للسياحة في العالم، فهناك شعوب تُرحب بك، بداية من وصولك للمطار، إلى المناطق السياحية، إلى جلوسك في المقاهي، أو وجودك في الفنادق والشقق، وحتى عودتك لوطنك مُعززًا مُكرمًا لا ضرر ولا ضرار.
أنا هنا ومن خلال كلماتي هذه لا أُحرض على الأتراك والسياحة في تركيا ولكن أقول إن كل شخص حُر في اختياراته، ولكن ما يحدث هناك من مواقف أرى أنها عنصرية ضد العرب والخليجيين، وما رأيته بنفسي وحدث أمامي، وحدث معي يجعلني أنبه الجميع بما فيهم نفسي أن ينتبهوا جيدًا، والخيارات متاحة وكثيرة، والعالم واسع والسياحة في كل بلد موجودة، والسائح الخليجي والعربي مُرحبٌ به في كل الدول ما دام مُلتزما بقوانين تلك الدولة التي يقصدها للسياحة والترفيه، سواءً كان مع أصدقائه أم مع عائلته.