وكيل "الثقافة" يرعى الحفل الموسيقي بحضور كوكبة من العازفين الروس

4 أعمال من موسيقى الحجرة في "وترٌ على ضفاف عُمان".. ومقطوعة "أكفان" تُعبِّر عن المعاناة والألم

 

 

◄ الحفل يعكس جهود جريدة "الرؤية" لدعم الفنون الرفيعة وتحفيز المواهب الوطنية

◄ د. ناصر الطائي: "وتر على ضفاف عُمان" لحظة تأسيسية لصوت موسيقي عُماني حديث

◄ انطلاقة جديدة لهُويَّة موسيقية تحمل روح عُمان وتُقدِّم لغة موسيقية مُعاصرة

◄ 3 لوحات موسيقية مُتباينة في الإيقاع والشكل تستدعي صورًا داخلية وأجواءً وجدانية

◄ الأعمال الموسيقية مُفعمة بالرمزية والانسياب العاطفي

 

 

مسقط- الرؤية

 

 

رعى سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، الأمسية الموسيقية "وترٌ على ضفاف عُمان"، والتي نظمتها جريدة الرؤية، مساء الخميس، في مدرسة عزان بن قيس العالمية بمدينة السلطان قابوس في مسقط، وبمشاركة عازفين من فرقة "تريو بولشوي"، إحدى أبرز الفرق العالمية في موسيقى الحجرة.

وأُقيمت الأمسية الموسيقية لتسلِّط الضوء على 4 أعمال موسيقية رائدة للدكتور ناصر بن حمد الطائي، تُقدَّم لأول مرة في سلطنة عُمان، في حدث فني يُشكِّل نقطة تحول في المشهد الثقافي العُماني. وتندرج هذه المبادرة ضمن جهود جريدة "الرؤية" لدعم الفنون الرفيعة وتحفيز المواهب الوطنية؛ حيث تُكرِّس الموسيقى لغةً إنسانية سامية تتجاوز حدود الكلمات، وتصبح أداة فعّالة للحوار بين الشعوب، وجسرًا للتواصل الإنساني والفكري. ويتميّز الحفل بتقديم تجارب موسيقية غير مسبوقة في السياق العُماني، عبر توظيف آلتي التشيلو والبيانو ضمن قالب السوناتا، الذي يُعدّ أحد أرقى أشكال التعبير الموسيقية الكلاسيكية.

وتأتي أعمال موسيقى الحجرة التي يُقدِّمها المؤلف في هذه المرحلة، بمثابة تحولٍ فنيٍ تأمُّليٍ بعد سلسلة من الأعمال الأوركسترالية ذات الطابع الدرامي والملحمي، والتي رسّخت اسمه كأحد أبرز الأصوات المعاصرة في الموسيقى العُمانية، بعد تقديم بعضها في بولندا وجمهورية مصر العربية ولبنان. وخاض المؤلف الدكتور ناصر بن حمد الطائي، غمار التعبير الموسيقي عن قضايا كبرى وهموم إنسانية وجُغرافية في أعماله مثل سيمفونية "الأمل"، التي تمثل تخليدًا للانتقال السلمي في سلطنة عُمان في 2020، وسيمفونية "أحمد بن ماجد" التي تستحضرُ روح المِلاحة العربية في القرن الخامس عشر؛ ضمن إطار سردي موسيقي غني بالتصوير الأوركسترالي، والسيمفونية "الشرقية" التي تسبر أغوار الهُويَّة الموسيقية للشرق، بصياغةٍ تجمع بين الأصالة والحداثة. هذا إلى جانب ثلاثية "غزة"، التي نجح الطائي من خلالها في تسليط الضوء على مأساة ومعاناة وصمود الشعب الفلسطيني. وفي الأمسية، قدم الموسيقار الدكتور ناصر الطائي رؤيةً موسيقيةً أكثر تجريدًا، تُركِّز على المشاعر الداخلية والتفاعلات الحِسِّيَّة بين الآلات ضمن سياق موسيقى الحجرة.

وقال الدكتور ناصر بن حمد الطائي، إن أمسية "وتر على ضفاف عُمان" ليست مجرد مناسبة فنية؛ بل لحظة تأسيسية تُعلن عن ولادة صوت موسيقي عُماني حديث، يستلهم تراثه التليد ويتطلع بثقة نحو العالم. وأضاف أن الأمسية إعلان عن انطلاقة جديدة لهُويَّة موسيقية تحمل روح عُمان، وتُترجِم طموحاتها الثقافية إلى لغةٍ موسيقيةٍ معاصرة، تُلامس القلوب، وتخاطب الوجدان، وتضع الموسيقى العُمانية على خارطة الإبداع العالمي.

وحول طبيعة ومضمون هذا العمل الموسيقي الآثر، أوضح الطائي أنَّ الانتقال من الطابع الملحمي إلى الطابع الحميمي في المقطوعات الموسيقية، لا يعني تقليلًا من شأن القضايا الكبرى، وإنَّما يُمثِّل إعادة تموضع للمشهد الموسيقي باتجاه الذات، والحوار الداخلي، والتفاصيل التعبيرية الدقيقة التي تُتيحها بُنية السوناتا وثنائية البيانو والتشيلو. واعتبر الطائي هذه الأمسية إيذاناً ببدء مرحلة جديدة تَستكشفُ فيها الموسيقى حدود الصمت، وتمنح المستمع فرصة الدخول في تأمل شخصي يتجاوز الصخب ويُعيد تعريف العلاقة بين المُؤلِّف والمُستمِع.

وبدأ الحفل الموسيقي، بمقطوعات قصيرة للبيانو، من خلال 3 لوحات موسيقية مُتباينة في الإيقاع والشكل، استدعت صورًا داخلية وأجواءً وجدانية نابضة بالرمزية والانسياب العاطفي. وكانت المقطوعة الأهم في هذه الثلاثية هي المقطوعة الثالثة، والتي حملت اسم "أكفان"؛ كأداة تعبيرية مُهمة عن المعاناة والألم.

ومهدت هذه المقطوعات الطريق إلى "سوناتا التشيلو الأولى"، التي تألَّفت من 4 حركات تقليدية، وتميّزت بروح تعبيرية ورومانسية، حاورت فيها آلة التشيلو نظيرتها البيانو في تفاعلٍ موسيقيٍ تراوح بين الرقة والحيوية، وبين التأمل والدراما.

فيما بدأ الجزء الثاني من الأمسية بعملٍ مُنفردٍ للكمان باسم "كابريتشيو الكمان"؛ صُمِّمَ ليكشف عن البراعة التقنية للعازف، دون أن يُغفُل الجانب الشاعري والتأملي للآلة، ليُبرز الكمان كصوتٍ دراميٍّ وإنسانيٍّ. واتَّبع هذا العمل "سوناتا التشيلو الثانية"، التي أكملت الحوار مع السوناتا الأولى، لكن بنَفَسٍ أكثر نُضجًا وجرأة؛ حيث ظهرت الكتابة الموسيقية بكثافةٍ شعوريةٍ أكبر، وبرزت التفاعلات بين الآلتين على نحوٍ أكثر تعقيدًا وشاعرية، في مشهدٍ يفيض بالانسجام والدهشة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة