حوار: أمل بنت خلف الذهلية
في زمن يشهد تحوّلات كبرى بفعل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، برزت نماذج شبابية لافتة في الوطن العربي، من بينها ديما المعولي، طالبة في جامعة السلطان قابوس، جمعت بين الشغف العلمي وروح المبادرة، استطاعت ديما أن تترك بصمتها من خلال مشاركات نوعية في مسابقات وطنية وعالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، منها "Engineer it with AI" و"Generative AI for Higher Education"، وصولًا إلى تمثيلها لجامعة السلطان قابوس في مبادرة "Shell NXplorers Pro"، في هذا الحوار، نقترب من هذه الشابة الطموحة لنتعرف على رحلتها، وما حفّزها للاستمرار، والتجارب التي صاغت شخصيتها العلمية والقيادية.
1، في البداية نود تعريف القارئ بكِ وبتخصصك الدراسي؟
اسمي ديما خلف سليمان المعولي، طالبة في السنة الأخيرة بجامعة السلطان قابوس، أدرس تخصص الإحصاء مع تخصص فرعي في علوم الحاسوب.
2، متى بدأ اهتمامكِ بمجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة؟
منذ طفولتي، كنت أحب مشاهدة الرسوم المتحركة، كانت الشخصيات الخارقة هي المفضلة لدى الجميع، لكنها كانت خيالية، ما جذبني أكثر هي الشخصيات التي تستمد قوتها من العقل، مثل Iron Man وBatman، والروبوتات البشرية مثل Zane من Ninjago، أدركت لاحقًا أن هذه التقنيات لم تعد خيالًا، بل واقعًا نستطيع نحن أن نصنعه، وهذا ما يميز الذكاء الاصطناعي: أنه يتيح لك تحويل الأفكار إلى واقع باستخدام أدوات متاحة.
3، ما الذي دفعكِ للمشاركة في المسابقات التقنية؟
لم أتعامل مع المسابقات كمجرد تحدٍّ تنافسي، بل كفرصة لاختبار قدراتي وتطبيق ما تعلمته، سواء من خلال أدواري القيادية في جماعات الجامعة، أو عملي لمدة تسعة أشهر كمديرة منتج في شركة Decoil الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى التدريبات التي حصلنا عليها في مختبرات عُمانتل للابتكار، رأيت في المسابقات "ساحة اللعب" التي أستطيع من خلالها تجربة كل الأوراق التي تعلمتها، لاكتشف ما الذي ينجح فعليًا، وأين تكمن مناطق الضعف التي يمكنني تطويرها.
4، شاركتِ في مسابقة "Engineer it with AI"، أول مسابقة للذكاء الاصطناعي في سلطنة عُمان، كيف كانت تجربتكِ؟
كانت فرصة مثالية، خاصة أنها أول وأكبر مسابقة من نوعها في السلطنة، قدمنا فكرة منصة تعليمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، توفّر خططًا دراسية فورية، وملخصات، واختبارات تفاعلية، ومساعدًا ذكيًا، ورغم صعوبة المنافسة وتقدّم بعض الفرق الأخرى من حيث الجاهزية، استطعنا الفوز بالمركز الأول، ما ميزنا كان فهمنا العميق لاحتياجات الطلاب، والمزايا الغنية التي تضمنتها المنصة، والتي نافست حتى المنصات العالمية.
5، لاحقًا، شاركتِ في مسابقة "Higher Education Generative AI"، كيف اختلفت هذه التجربة؟
قدّمنا خلالها فكرة مختلفة باسم "SQUvisor"، مرشد أكاديمي ذكي يساعد الطلاب على اختيار المقررات بناءً على تحليل الأداء الدراسي، واهتماماتهم، وجدولتهم المثالية، حظيت الفكرة بإعجاب واسع من الطلاب والمحكّمين، وتمكّنا بفضل الله من الفوز بجائزة خدمة المجتمع.
6، أنتِ حاليًا مشاركة في مسابقة "شل"، ما طبيعة التحدي الذي تعملون عليه؟
Shell NXplorers Pro هي مبادرة عالمية من شل تُعقد لأول مرة في سلطنة عُمان بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس، وقد تم اختياري كممثلة لكلية العلوم ضمن 100 طالب وطالبة، نهدف لحل مشكلات وطنية باستخدام أدوات التفكير المنظومي والإبداعي.
رغم أنني لم أكن أملك خلفية عن مجالات المياه والطاقة والغذاء، في كل مره أشعر بأن هذا المكان ليس مكاني أتذكر اقتباسي المفضل: "الفرق بين الماضي والحاضر والمستقبل ليس سوى وهم عنيد مستمر"، هذا الاقتباس يذكرني دائما بأن الماضي لا يقيّدنا، والمستقبل لم يُكتب بعد، فالحاضر هو المساحة الوحيدة التي نملك السيطرة عليها، لذلك، لا يجب أن نخشى التجربة، فكل لحظة نعيشها هي فرصة لنكتشف عالمًا مختلفًا.
اكتشفنا أن شركة نماء للمياه تخسر نحو 40% من إنتاج المياه، وهي أعلى نسبة في الخليج، من هنا وُلدت فكرتنا :PAMNET منصة رقمية تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تحتوي على خريطة مرئية ذكية تعرض حالة الأنابيب تحت الأرض، هذه الخريطة تربط بين بيانات الشبكة المائية في جميع أنظمة الشركة، وتُظهر المناطق الأشد تضررًا باللون الأحمر، مما يساعد المهندسين على توجيه جهودهم نحو الأنابيب الأكثر حاجة للاستبدال.
7، كيف تشعرين بعد إعلان النتائج وفوزكم بالمركز الأول؟
منذ البداية لم يكن هدفنا مجرد الفوز على الفرق الأخرى، بل منافسة شركات عالمية، ونؤمن أن قيمة الفكرة تُقاس بجرأتك في التفكير الكبير، لا بحجم منافسيك، وشعورنا قوي بأننا سنحقق المركز الأول وبالفعل قد تم؛ لأننا قدمنا مميزات لا تتفوق على مستوى السلطنة فقط وإنما على مستوى العالم بأكمله.
8، هل هناك قدوة ألهمتكِ في هذا المجال؟
قدوتي تنقلت بين شخصيات كرتونية أثّرت في طفولتي، ورواد أعمال عالميين مثل ستيف جوبز وإيلون ماسك، لكن في نهاية المطاف، أصبحت نسختي المستقبلية هي قدوتي، لم أعد أبحث عن شخص أُقلّده، بل أسعى لأكون مخرجة قصتي الخاصة، ولا يمكنني الحديث عن إلهامي دون أن أعبّر عن امتناني العميق لعائلتي، وبالأخص لوالديّ، اللذين وفّرا لي بيئة داعمة منذ طفولتي، فكانت ثقتهما دافعًا كبيرًا لي للاستمرار في التقدّم، وجعلتهما يشعران بالفخر.
9، ما أهمية المشاركة في المسابقات من وجهة نظركِ؟
من النادر أن تجد من يشاركك الشغف نفسه، لذا أعتبر المسابقات فرصة ذهبية لبناء علاقات مع أشخاص يشبهونك في الطموح، لقد قابلت خلالها صديقتي ملاك البحري، التي أصبحت شريكة خطواتي في كل شيء، المنافسات الحقيقية هي التي تستمر بعدها العلاقات.
10، كلمة أخيرة توجّهينها للطلاب أو من يسعون لتحقيق إنجازات مماثلة؟
الذكاء الاصطناعي ليس مجالًا صعبًا كما يُعتقد، نحن نعيش في زمن يمكن فيه لأي شخص أن يكون "جيشًا من فرد واحد" بفضل الأدوات المتاحة، لا تركزوا على منافسة من حولكم، بل اجعلوا طموحكم في مصاف الشركات الكبرى، الابتكار لا يصنعه امتلاك الأدوات فقط، بل طريقة التفكير، مشروع مثل Deepseek أطاح بشركات عملاقة رغم أنه مجرد مشروع جانبي، لذا لا تخفضوا سقف طموحاتكم.