جودة الخدمة.. أن نعطي أكثر مما نحتاج

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

لا ريب أن السؤال الكبير الذي ينبغي البحث عن إجابة له، هو سؤال عن الخدمة المقدمة وجودتها، وكيف يمكن لطالبها أن يكون راض عنها، هل بيئة الخدمات مهيأة ومؤهَّلة؟، بحيث تضمن خدمات أكثر كفاءة وراحة، بدرجة تصل الى الثقة بين الوحدات الخدمية والمجتمع، بما يؤدي إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية المستدامة.. من أين يبدأ من يرغب في تقديم الخدمة وينشد جودتها، هل هناك نموذج يمكن الاسترشاد به والبناء عليه؟

كانت كل هذه الأفكار تدور في ذهني، وتعتمل في خاطري وخاطر جلسائي.. حين اسمع شكوى عن الخدمات واجراءات تقديمها، وعدم رضا طالب الخدمة من إجراءاتها، في مجالس كثيرة.. يجذبني نقاش اصحاب التجربة في حديثهم عن اجراءات تلك الخدمات، وآثار تجربتهم العملية عنها، زاد من عجبي أن يكون هذا الأمر ليس مجرد دردشة عابرة بين الاصحاب والمتحدثين، إنما كان طرحًا لتجاربهم الحيَّة يضعونها بين أيدينا.

نعم.. كيف يمكن للمواطن أن يخرج من حالة التذمر والاحباط من اجراءات تقديم الخدمات؟ دفعني هذا التساؤل إلى مزيد من البحث، ثم بدأتُ بفكرة حديث التجربة الشخصية التي طرحت في مجالس كثيرة للنقاش، أدركت أن العلاقة بين الاجراءات ورضا طالبي الخدمات هي علاقة ديناميكية تتأثر بجودة هذه الخدمة أو تلك، تكلفتها وتجربة اجراءات الحصول عليها.. ضمان الرضا عن الخدمات واستمراريتها، يكمن في تركيز مقدمها على تحسين إجراءاتها، وتلبية توقعات من يطلبها، والاستماع إلى التغذية الراجعة لتحسين اجراءاتها بشكل مستمر.. وتحقيق الرضا عن الخدمات الحكومية ليس مجرد هدف، بل هو مسؤولية تتطلب تطويرًا مستمرًا وتفاعلًا حقيقيًا مع احتياجات المجتمع، جودتها من العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر على رفاهية المجتمع واستقراره، والنمو الاقتصادي فيه، كلما كانت الخدمات أكثر كفاءة وشفافية زادت ثقة المواطنين بموظفي الخدمة، القائمين على تقديمها، ينعكس إيجابًا على المجتمع ككل.

تكمن الجودة في الكفاءة والفاعلية والعدالة، السهولة، سرعة التنفيذ، والتوزيع، ورضا المواطنين عن الاداء في تحسين مستوى معيشتهم.. وكلما تحسنت جودة الخدمات زاد الرضا، وتوطدت الثقة وتعزز الاستقرار المجتمعي وقل الشعور بالإحباط وعدم العدالة.. وكفاءة موظف الخدمة العامة هي مفتاح النجاح في تحقيق رضا المواطنين وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. وكلما كان الموظف أكثر عطاء في تحسين جودة الخدمات الحكومية من حيث أنجازه لمهامه بسرعة ودقة، قلَّل من الاخطاء والتأخيرات، وانعكس ايجابًا في عطائه على جودة الخدمة وظهرت كفاءته، ومن ثم حصل المواطن على الخدمة السريعة، الشفافة، والعادلة.. وضاقت الفجوة بين مقدم الخدمة ورضا طالبها، وترسخت الثقة في الحكومة نتيجة الالتزام المستمر، تحقيق العدالة وتحقق التفاعل الإيجابي بين الموظفين والمواطنين، عندما يرى المواطن أن الموظف الحكومي يعمل بجد من أجله، فإن الثقة بالحكومة تصبح قوية ومستدامة.

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة