رفض الوظائف المتاحة؟!

 

سالم بن نجيم البادي

بعد أن كتبت مقالات كثيرة عن قضية الباحثين عن عمل سألوني لماذا استمر في الكتابة عن هذه القضية وهل توجد فائدة من الكتابة ويسألون ما إذا كان الملل قد أصابني؟!

أقول لهم كلا، إنها قضية المجتمع كله ومن عاش بين النَّاس في المجتمع يدرك معاناة الباحثين عن عمل ومعاناة أسرهم

ثم إنها قضيتي أيضا؛ فالكثير من أهلي وأقربائي وجيراني هم من الباحثين عن عمل، وأنا أعلم بوجود شباب كثر يبحثون عن عمل أي عمل، حتى لو كان براتب زهيد أو عمل بعقد مؤقت في القطاع العام أو الخاص، وفي المؤسسة الحكومية التي أعمل بها أرى تهافت الشباب على وظيفة الحارس البديل. ويسألونني إن كان أحد الحراس سوف يحصل على إجازة لقد اعتدت على هذا السؤال في كل مكان أذهب إليه وبعض هؤلاء الشباب يبحثون عن وسيط ليكلمني حتى أوظفهم بدل الحارس الذي خرج في إجازة، ويقوم بعضهم بكتابة رسائل مكتوبة بلغة تلقائية وبسيطة وتُبيِّن وضع هؤلاء وحاجتهم المُلحَّة للعمل وسوء أحوالهم المالية، وأنهم يستحقون التعاطف معهم.

وتوجد قائمة من أسماء الباحثين عن عمل لدى المديرية التي تتبع لها المؤسسة التي أعمل بها، ينتظرون وظيفة حارس بديل ومدتها شهر واحد فقط في الغالب، وهذا مثال واحد من أمثلة كثيرة لشباب صار لهم سنوات طويلة يبحثون عن عمل في الشركات والمراكز التجارية والمحال الصغيرة وفي كل مكان. ومن أراد أن يعرف حاجة الباحثين عن العمل للوظيفة؛ فليتابع الإعلانات عن الوظائف حين يتم الإعلان عن وظيفة مطلوب لشغلها موظف واحد؛ فيتقدم لها الآلاف من الشباب. وفي كل عام جديد ينتظرون الفرج، وفي هذا العام بعض الفئات في المجتمع حدثت زيادة في رواتبهم وإن كانت زهيدة، وفئات أخرى حدث تحسن في مخصصاتهم المالية وتم إعفاء فئات أخرى من بعض الديون. وحدهم الباحثون عن عمل لا جديد في قضيتهم ولا شيء غير الانتظار والخوف من أن يفوتهم قطار التوظيف بسبب شرط العمر.

ثم يظهر لك من يقول إنَّ الشباب يرفضون الوظائف التي تُعرض عليهم، وهذا غير صحيح إطلاقًا، ويُكذبه الواقع، ويجب على من يقول ذلك أن يأتي بالدليل على صدق كلامه، وأن يذكر ما هي هذه الوظائف التي رفضها الشباب وعددها وزمن الإعلان عنها، ومكانها، وعدد الشباب الذين رفضوا قبول هذه الوظائف.

هناك من يدعي أن الحصول على المال أصبح سهلًا ومريحًا وبإمكان الشاب أن يجني المال وهو مسترخٍٍ على الأريكة في بيته! عن طريق التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في الحقيقة، ليس كل الباحثين عن عمل لديهم هذه المهارة، وليس كل من خاض هذه التجربة صار ناجحًا، ولا حاجة له في الوظائف التقليدية، كما إن تجربة المشاريع التجارية الخاصة للباحثين عن عمل ليست تجربة ناجحة في جميع الحالات؛ بل إن البعض خاض تجربة محفوفة بالفشل ومحاطة بالروتين والعقبات، وليس كل من جربها نجح واستغنى عن الوظيفة.

الذين يبحثون عن وظائف يكفيهم ما فيهم وبعض التصريحات من المسؤولين ومن بعض الذين يكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من الهم والغم واليأس والإحباط عند الباحثين عن عمل.

وأخيرًا.. لا تصدقوا من يقول إن كُل الشباب يرفضون الوظائف المعروضة عليهم.

الأكثر قراءة