نحو اقتصاد أكثر متانة

 

علي حبيب اللواتي

 

نشر الأستاذ حاتم الطائي رئيس تحرير جريدة الرُّؤية، مقالته الأسبوعية يوم الأحد، بتاريخ 4 يناير 2025، دعا فيها الحكومة الرشيدة إلى توسيع حجم القطاع الخاص ودعمه، من خلال اقتراح إنشاء مليون شركة جديدة (متوسطة وصغيرة ومُتناهية الصغر)، خلال الخطة الخمسية المُقبلة (2026- 2030) لتكون قاعدة لاقتصاد أكثر متانة وثباتًا.

ولا شك أنَّ مثل هذه المقترحات تساعد على رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات أعلى، ليتحول الاقتصاد الوطني من ريعي يعتمد على إيرادات النفط والغاز إلى اقتصاد إنتاجي يعتمد على استثمار جميع خيرات الوطن، ومن خلاله يُمكن استيعاب جميع الباحثين عن عمل والمسرحين ومخرجات التعليم السابقة والقادمة بإذن الله وتحقيق عوائد مالية للدولة وللمجتمع والأفراد.

إنها رؤية واقعية سبق أن طبقتها جمهورية الصين؛ حيث وسَّعت القاعدة الاقتصادية لديها وواصلت تقديم الدعم المالي للقطاع الخاص، وتهيئة البيئة التجارية والإنتاجية لتحفيز الإنتاج وقد نجحت في ذلك بجدارة.

وإذا ما أردنا تحقيق ذلك الأمر في عُمان، يتطلب الأمر المقترحات التالية:

1. إحداث تغيرات في القوانين والتشريعات وجعلها أكثر تناسقاً وتكاملا.

2. خفض جميع أنواع الكلف المؤثرة في الإنتاج كالخدمات الحكومية المقدمة لتلك الشركات الجديدة (الكهرباء والغاز والوقود) سواء كانت إنتاجية للسلع أو الخدمات.

3. خفض وتعديل أو إلغاء كل ما يرفع من تكلفة الإنتاج سواء المباشرة أو غير المباشرة كالقوانين والإجراءات وجعلها محفزة.

4. خفض الضرائب بأنواعها المؤثرة على الإنتاج فهي بالتأكيد ترفع من كلفة الإنتاج.

5. كبح مظاهر إغراق السوق بالعمالة الوافدة، وضبط العمالة الهاربة، وإيقاف تحويل إقامات حاملي تأشيرات الزيارة إلى إقامة عمل مباشرة، حيث يتوجب قفل هذا الباب لما يسببه من آثار سلبية على الوظائف المتاحة للمواطنين ذوي الكفاءة، وكذلك حل مشكلة حاملي بطاقات الاستثمار الذين يجوبون الولايات بحثا عن وظيفة وهم مقيدين في الحكومة على أنهم مستثمرون.

6. إصدار تشريع وضوابط ذكية تمنع من إغراق السوق بالمنتجات الأجنبية الموجود لها نظير محلي لكي لا تسيطر على السوق وتعيق نجاح المنتجات الوطنية وتطويرها.

7. إنشاء محكمة تجارية مفصلة لتكون ضماناً لتطبيق القوانين والتشريعات من دون تأخير تتميز بسرعة البت في القضايا المرفوعة لها، حيث التأخير يرفع من كلفة الإنتاج ويعطل تلك الشركات ويُضيع الحقوق.

8. نشر منظومة العمل المهني في كل ولايات السلطنة؛ حيث من خلالها يمكن استيعاب الكثير من الشباب المهني من خلال استحداث سجل تجاري جديد مختص بالمهن له تطبيقات محفزة للإنتاج مخصص للمواطنين، حيث تعتبر الحوض الأوسع لاستيعاب شباب الوطن، حوض يتوسع ويمتد طبيعياً بتوسع حجم الولايات وإزياد عدد سكانها. وقد سبق أن تطرقت إلى أهمية وكيفية بناء منظومة العمل المهني، في مقالتين بجريدة الرؤية.

9. تهيئة الكوادر الطبية والتعليمية لإدارة المستشفيات والمدارس الجديدة لكي لا يتم الاستعانة بالوافدين فيها إلا بالقدر المحدود فقط، والكوادر الزائدة يتم دعم رواتب تشغليها في القطاع الخاص.

10. السماح بإنشاء جمعيات استهلاكية تعاونية؛ وذلك بإيجاد تشريع يعمل على تحفيزها وتوسعها وانتشارها في الولايات؛ لما لها من إيجابيات على المجتمع وعجلة الاقتصاد ودوران حركة الأموال في الوطن بدلًا من تحويلها للخارج، حيث ستقوم تلك الجمعيات بتوفير أعمال للشباب وتكون أسواق مفتوحة لاستيعاب المنتجات المحلية.

11. توسعة الاقتصاد يمكن تحقيقه بدعم قطاع الزراعة والتصنيع الغذائي وقطاع التصنيع السمكي؛ فيتم تغير التشريعات والإجراءات المعطلة لتواكب روح التوسع والانتشار؛ وهنا يمكن تشجيع خريجي الكليات تخصص زراعة وأسماك بأن يصدر لهم سجل مهني وطني خاص بهم يحمل ويتضمن مميزات تحفزهم للبدء في مشروعهم الذاتي مع توفير دعم لهم.

12. تشجيع إنشاء شركات متوسطة وصغيرة لتمارس أنشطة تحويل المشتقات النفطية الأولية المحلية إلى منتجات متكاملة أو شبه متكاملة تدخل في الصناعات التحويلية الأخرى.

ختاما.. أود أن أؤكد على أنَّ تكاتف القطاع الخاص الوطني والعام الرسمي في تنسيق تام بينهما في علاقة متكاملة يشد بعضها البعض هو السبيل الوحيد إلى النجاح في تنويع مصادر الدخل الوطني؛ علاقة بعيدة ثابتة مستقرة ذات رؤية تنظر للقطاع الخاص بأنه المستقبل الواعد للوطن، علاقة تبتعد عن روح الترصد والجباية والعقاب. وتحقيق ذلك لا يتم إلا بتكاتف المجتمع الوفي والحكومة الموقرة والسير معًا في طريق تحقيق الإنجازات تحت رؤية القيادة الحكيمة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة