فتحية الحكمانية
استكمالًا لما سبق الحديث عنه في المقالات الماضية، نود الإشارة إلى أنه بجانب أدوات التمويل التي تم التطرق إليها، يبرز الاستثمار كمحرك رئيسي لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، حيث يسهم في ضخ رؤوس الأموال وتوفير الدعم الاستراتيجي والتقني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة؛ مما يعزز قدرتها على النمو والمنافسة في السوق المحلي والعالمي. ويساهم المستثمرون في تقديم خبراتهم ورؤاهم المستقبلية لهذه المؤسسات، مما يفتح أمامها فرصًا جديدة للتوسع والتطور.
وفي هذا المقال، سنتناول أبرز أدوات الاستثمار المُتاحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، وسنتطرق إلى دور الاستثمار كعنصر حيوي في دعم وتحفيز هذا القطاع الواعد.
ويمكن للمستثمرين توفير التمويل اللازم للشركات الناشئة من خلال رأس المال الاستثماري، ويختلف رأس المال الاستثماري عن التمويل التقليدي في عدة جوانب مهمة. ومن أبرز هذه الاختلافات، ما يلي:
• يركز على المشاريع ذات النمو السريع
• يستثمر رأس المال في مقابل حقوق المساهمين (ليس قرض)
• يأخذ مخاطر أكبر في المقابل عوائد أعلى
• ذو مدى طويل الأجل مقارنة بالتمويل التقليدي
• وكل مساهم في رأس المال يخصص له مقعد في مجلس إدارة الشركة.
وهناك وسائل تمويل استثمارية متاحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، ومنه:
- رأس المال الجريء (ويسمى أيضا برأس المال المغامر أو المبادر)، وهو نوع من التمويل الذي يُقدّم للمؤسسات المتوسطة والشركات الناشئة ذات النمو السريع والمستوى العالي من المخاطر، حيث يهدف إلى تحقيق عوائد كبيرة. ويتمثل الهدف الأساسي لرأس المال الجريء في دعم الشركات التي تملك إمكانيات واعدة، لكنها قد تواجه صعوبة في الحصول على تمويل من البنوك أو القنوات التقليدية نظرًا للمخاطر المرتبطة بنشاطها أو كونها في مرحلة التطوير.
وغالبًا ما يكون هذا النوع من التمويل مصدره شركات استثمارية متخصصة، أو صناديق رأس مال جريء، أو حتى مستثمرين أفراد يعرفون بالمستثمرين الملائكيين. ويمتاز رأس المال الجريء بأنه لا يعتمد فقط على تقديم المال، بل يشمل أيضًا دعمًا استراتيجيًا وإرشاديًا للشركات، ويساعدها في تحسين أدائها وزيادة فرص نجاحها.
ويقوم المستثمرون في رأس المال الجريء بشراء حصص في الشركة والحصول على ملكية جزئية، مما يعني أنهم قد يشاركون في القرارات الكبرى للشركة ويستفيدون من نجاحها لاحقًا عند بيع حصصهم أو طرح الشركة للاكتتاب العام).
أمثلة على صناديق استثمار رأس مال جريء محلية (جزء من النسبة المخصصة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من صندوق عُمان المستقبل وتدار من صناديق رأس المال الجريء مثل المجموعة العُمانية للاتصالات وتقنية المعلومات (إذكاء)، صندوق سايفر، صندوق عُمانتل، وأيضًا توجد بعض الصناديق الأخرى مثل ذا فيز فينشر، والجبر، وغيرها من الصنايق الخاصة في طور التأسيس). كما إن بعض مسرعات الأعمال وأستوديوهات رأس المال الجريء لديها صناديق رأس مال جريء.
- التمويل الجماعي: هو آلية تمويل تعتمد على جمع مبالغ مالية صغيرة من عدد كبير من الأفراد، عادةً عبر منصات إلكترونية، لتمويل مشروع أو فكرة أو منتج جديد. يتيح هذا النوع من التمويل للأفراد المساهمة في دعم مشاريع يرون فيها قيمة أو إمكانات مستقبلية، سواء أكانت شركات ناشئة، مؤسسات صغيرة ومتوسطة، ومشاريع إبداعية، أو حتى حملات مجتمعية.
وتوجد عدة أنواع من التمويل الجماعي، وهي على النحو التالي :
- التمويل الجماعي القائم على التبرع: يقوم على مساهمة الناس بمبالغ مالية دون توقع أي عائد مادي، ويستخدم غالبًا في المشاريع الخيرية أو الاجتماعية.
- التمويل الجماعي القائم على المكافآت: يحصل المساهمون على مكافآت أو منتجات مستقبلية من المشروع مقابل دعمهم، وهو شائع لدى حملات التمويل الإبداعية.
- التمويل الجماعي بالدين: يتمثل في تقديم قروض مالية للمشروع مقابل فائدة، ويعيد صاحب المشروع الأموال إلى المساهمين بعد فترة.
- التمويل الجماعي القائم على الأسهم: يحصل المساهمون فيه على حصص أو أسهم في المشروع، مما يمنحهم نصيبًا من الأرباح مستقبلًا.
وتعد هذه الطريقة من التمويل وسيلة فعّالة لرواد الأعمال والشركات الناشئة لجمع رأس المال اللازم لتطوير مشاريعهم دون الاعتماد على المصادر التقليدية مثل البنوك، كما أنها تساهم في بناء قاعدة جماهيرية وتحقق دعمًا واسعًا من مختلف الفئات.
ومن أمثلة منصات التمويل الجماعي الفاعلة في سلطنة عُمان: منصة مأمون، ومنصة بيهايف، ومنصة وديعة، ومنصة روافد، ومنصة إثبار، وغيرها من المنصات في طور التأسيس.
يُتبع...