د. قاسم بن محمد الصالحي
العلاقات بين سلطنة عُمان والجمهورية التركية تراث له قيمته وأهميته في كشف النفس الإنسانية العُمانية والتركية، وروح التقارب والتعاطف بين الأمتين والشعبين؛ حيث إنَّ هذه العلاقة الممتدة لقرون خلت، تصور الغرائز والعواطف المشتركة بين البلدين، ومبادئهما وقيمهما الاجتماعية، ومفردات الحياة الإسلامية التي تسيطرت على الأمتين والشعبين والتي ظلّت متعلقة بها إلى اليوم.
ومما لا يستطيع أحد إنكاره، هو أنَّ هذه العلاقة أصبحت مرجعًا لتطوير التَّعاون بينهما، والتجديد فيه، بمجالات مُتعددة، بوسائل وأدوات العصر الحديث.. فاعتمدت الزيارة الكريمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله- إلى جمهورية تركيا الصديقة، على هذا الإرث التاريخي في العلاقة بين البلدين، واعتمدت زيارته -حفظه الله- عليه في توضيح وتبسيط طبيعة هذه العلاقات ومستوى التعاون فيها، والتوافق للأمتين العُمانية والتركية، لمجموعة من الجوانب المختلفة في هذه العلاقة.. ولا ننسى علماء ومثقفي البلدين الذين حاولوا اتخاذ التبادل الثقافي والفكري باباً رئيسًا لتطور العلاقة الدالة على عدة من المعاني والمستويات.
من ناحية أخرى، فإنِّه يُمكننا القول إنَّ العلاقة بين سلطنة عُمان وجمهورية تركيا قد نشأت ممّا يُعرف بالـ"الاحترام المُتبادل"، والذي يعد المبدأ الأساسي في العلاقات بين الدول، وفطرة إنسانية بدافع العيش المشترك والسلم المجتمعي، وكونه عملًا تحث عليه الأمم التي تنشد السلام والأمن الدوليين.
وبالتالي فإنَّ العلاقات العُمانية التركية التي توارثتها الحقب التاريخية الممتدة تعدّ في أصلها عملًا تراكمياً قامت به الأمتان العُمانية والتركية منذ القدم، فهي أكثر من كونها مجرد علاقات مصلحية ظرفية.. وقد جاءت زيارة جلالة السُّلطان- حفظه الله ورعاه- امتدادًا لهذه العلاقة التاريخية، وتجديدا لوسائل وأدوات تطويرها؛ إذ تفتح آفاقًا جديدة في هذه العلاقة، وترسم معالم الارتقاء في الاقتصاد والاستثمار في مجالات متعددة، وفي ربط خطوط التواصل الفكري والثقافي بوسائل وأدوات التواصل الحديثة، وتجعل التلاقح بين ثقافتي البلدين أكثر ثراء وحيوية، وحركة التنقل بين شعبي البلدين أكبر.