مجلس عُمان.. النهج والسياسات

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

لا يختلف اثنان على مدى أهمية مجلس عُمان في مسيرة التنمية التي رافقت النهضة المباركة والنهضة المتجددة، فقد لعب هذا المجلس دورًا بارزًا منذ بداياته وعبر المراحل التي مر بها في مسيرة بناء الوطن، وكانت له مواقف مشهودة عبر العقود الأربعة التي شارف على انتصافها منذ كان لبنة أولى وصولًا إلى مجلس بغرفتين واحدة معينة وأخرى منتخبة ممثلة للشعب.

واليوم ونحن نقف مع بداية دور الانعقاد الثاني للدورة الثامنة من عمر هذا المجلس، فإنَّ الآمال معقودة عليه للمضي قدمًا في ممارسة صلاحياته التي حددها النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عُمان الذي صدر في العام 2021؛ ليكون تتويجًا لمرحلة من العمل الوطني المخلص والمساهمات التي قدمها المجلس في مختلف المجالات، والتي كانت بلا شك مثمرة في جوانب كثيرة وذات آثر كبير على خطط التنمية الوطنية والاستراتيجيات التي وضعت من قبل الحكومة بالشراكة مع الجميع.

وبالعودة إلى مكونات مجلس عُمان فقد قدم مجلس الشورى جهدًا كبيرًا وبارزًا خلال الفترات العشر منذ إنشائه بشكله الجديد في العام 1991، عندما بدأت مرحلة جديدة من العمل الشوروي، هذه المرحلة انتقلت بسلطنة عُمان إلى مرحلة مختلفة من الشراكة والتكامل بين مختلف عناصر الدولة، وأصبح للمواطن صوت مشارك في العمل الوطني من خلال ترشيح الكفاءات الوطنية القادرة على العمل وتقديم الدعم والمساندة للحكومة ممن لهم مساهمات مجتمعية ووطنية وأثر في ولاياتهم ويتسمون بالفكر والمعرفة، ولقد حظى مجلس الشورى بالتمكين الذي ساعده على تقديم رؤى واضحة وآراء بناءة ساهمت في تعزيز نجاح الخطط والاستراتيجيات الوطنية وفق منظومة تكاملية بين الجهات المختلفة داخل الدولة.

كما أن مجلس الدولة الذي يمضي في فترته الثامنة من بعد إنشائه، هو الآخر، قدم جهودًا كبيرة وشارك بفاعلية في العمل الوطني وكانت له مساهمات مشهودة وقيمة مضافة وهذا بفضل ما يضمه من كفاءات وطنية خدمت في مفاصل الدولة لسنوات طويلة، وأصحاب رأي لهم من رزانة الفكر والخبرة ما مكنهم من تقديم عمل وطني يتوافق مع التطلعات التي وضعتها القيادة الرشيدة على عاتقهم، وقد كان لمجلس الدولة مساهمات عديدة من خلال ما قدمه من دراسات وآراء وتوصيات في شتى المجالات وخاصة تلك المتعلقة بالتشريعات والقوانين.

إنَّ أدوار مجلس عُمان بُنيت على نهج يتسم بالشراكة والتكامل مع باقي مكونات الدولة، وكانت الإرادة السامية لقيادتنا الحكيمة دائمًا داعمة لهذا التكامل ومؤكدة له في كل محفل منذ إنشائه، وقد تجلى الحرص السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- في أهمية تمكين هذا المجلس وقيامه بدوره ونهجه التكاملي، من خلال إصدار قانون مجلس عُمان وخطاباته السامية التي ركز فيها على أهمية المجلس، وتشريفه السامي في افتتاح الدورة الحالية للمجلس، ولقائه الكريم مع مكتبي المجلسين خلال الدورة السابقة، وما هذا إلا توجيه واضح حول النهج الذي يجب أن يسير عليه المجلس، وتمكين من القيادة الرشيدة للمضي قدمًا في تحقيق الأهداف المرجوة منه.

والسياسات التي قام عليها مجلس عُمان ويمضي بها حددها قانون مجلس عُمان ونظمها في إطار من الوضوح والتكامل والعلاقات التي تساهم في خدمة الوطن والمواطن وتحقق تطلعات القيادة الرشيدة وتلبي احتياجات المرحلة من الشراكة وتسير جنبًا إلى جنب لدعم الاستراتيجيات الوطنية والخطط التنموية في مزيج فريد من العلاقات التي تجمع الأطراف كافة بما يحقق المصلحة العامة ويحقق الاهداف المنشودة.

إنَّ مسيرة مجلس عُمان مرَّت عبر مراحل زمنية تدرجت فيها الأدوار والصلاحيات والمسؤوليات وأخذت هذه التجربة وقتها لتصل اليوم إلى هذه المرحلة من التمكين، كل ذلك بفضل الحكمة التي كانت حاضرة في رعاية هذه الموسسة الوطنية وحتى تنمو وتصل لهذا المستوى كان لابد من أن تأخذ كل مرحلة وقتها من النضج والتطور، حتى وصل المجلس إلى ما هو عليه الآن، ولا شك أن القادم سوف يكون أكثر تمكينا وسوف يكون للمجلس أدوار أكبر وصلاحيات أكثر وفق ما يتطلب المستقبل من شراكة وتعاون، وعلى مجلس عُمان أن يكون مستعدًا لذلك من خلال بناء قدراته وهياكله وتشريعاته الداخلية.

تعليق عبر الفيس بوك