علي بن سهيل المعشني
الإنسان في جوهره يُشبه المؤسسة المتكاملة، التي تحتاج إلى رؤية واضحة، ورسالة محددة، وأهداف مرسومة بدقة، ويساهم هذا التنظيم الشخصي في التقدم بخطى ثابتة وفق خطة منهجية قابلة للتنفيذ؛ مما يضمن له تحقيق النجاح.
وكما تعتمد المؤسسات على خطط سنوية تشمل أهدافًا عملية ومالية وإدارية، ينبغي على الفرد أن يضع لنفسه أهدافًا شخصية تتنوع بين قصيرة، متوسطة، وطويلة المدى.
أهمية الأهداف الشخصية:
لكي تكون الأهداف فعالة، يجب أن تتمتع بخصائص مُحددة، أهمها: أن تكون واقعية وقابلة للتحقيق، مرتبطة بمدة زمنية واضحة، ومقسمة إلى مراحل. كما ينبغي مراجعتها باستمرار للوقوف على ما تم تحقيقه وما لم يُنجز بعد، بهدف تحسين الأداء. وتنقسم الأهداف الشخصية إلى عدة مستويات منها على سبيل المثال:
- المستوى الروحي.
- المواظبة على أداء الصلوات في أوقاتها.
- قراءة القرآن الكريم بانتظام.
- السعي لأداء فريضة الحج أو العمرة.
المستوى الاجتماعي:
- بر الوالدين والإحسان إليهما.
- صلة الأرحام وتعزيز العلاقات العائلية.
- القيام بالواجبات الاجتماعية والتواصل مع الأصدقاء.
المستوى المالي:
- تحديد مصادر الدخل ووضع خطة لزيادته.
- تنظيم المصروفات وترتيب أولويات الادخار.
- التخطيط المالي لتحقيق الاستقرار وتجنب الأزمات.
المستوى الصحي:
- الحفاظ على الصحة العامة.
- الالتزام ببرنامج رياضي يناسب احتياجات الجسم والعمر.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- تنظيم أوقات العمل والراحة لتحقيق توازن صحي.
المستوى العملي:
- تحديد أهداف دراسية ومهنية واضحة.
- تنمية المهارات والثقافة الشخصية.
- السعي نحو تحقيق طموحات عملية سواء في الوظيفة أو في مشروع خاص.
الوعي بالذات وأثره في تحقيق الأهداف:
وإذا لم يكن الإنسان واعيًا بذاته ومتوافقًا مع نفسه، فإنه يقع في أخطاء قد تعوقه عن التقدم. لكن الفرق الحقيقي يكمن بين شخص يعي أخطاءه ويعمل على تصحيحها، وآخر يستمر في السير في طريق الخطأ متوقعًا نتائج إيجابية.
وهناك دوائر ثلاث تتحكم في حياة الإنسان:
- دائرة الهموم؛ في هذه الدائرة، ينغمس الإنسان في الشكوى المستمرة ولوم الآخرين على إخفاقاته. يعيش في حالة إنهاك نفسي نتيجة التساؤلات العقيمة: "لماذا لم يساعدني فلان؟" أو "لماذا لم أحصل على الفرصة الفلانية؟"وكذلك الابحار في الثقافة السلبية والنقد الهدام . يؤدي هذا السلوك إلى استنزاف الطاقة وفقدان الرؤية المستقبلية، و البقاء في هذه الدائرة يُضعف إنتاجية الفرد ويهدده بالفشل، لأن النفس إن لم تشغلها بالعمل شغلتك بالمعاصي.
- دائرة العمل، وتمثل هذه الدائرة ميدان تحقيق الأهداف وتحويل الخطط إلى واقع ملموس. العمل هو الطريق إلى النجاح، وهو أيضًا صورة من صور شكر الله على نعمه. قال الله تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 105)، و"اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ" (سبأ: 13). فعندما ينشغل الإنسان بعمله ويسعى لتحقيق أهدافه، لن يجد وقتًا للشكوى أو لوم الآخرين. فالعمل الجاد والمثمر يُعد عبادة، وهو السبيل لتحقيق التقدم بإرادة وعزيمة.
- دائرة التأثير، وتتسع دائرة التأثير مع تحقيق الأهداف ونجاح دائرة العمل. الإنجازات الشخصية تعبر عن الفرد وتضعه في مقدمة الصفوف، مما يمنحه تأثيرًا إيجابيًا في محيطه الاجتماعي والمهني. الإنسان الناجح لا يحتاج إلى التباهي بإنجازاته؛ فهي تتحدث عنه وتفرض وجوده بين الآخرين.
الخلاصة.. إن بداية الطريق إلى الهدف يبداء من طرحك السؤال على نفسك.
لكن، ماذا يمكن أن أفعل لنفسي؟ بدلًا من التساؤل، لماذا لم يفعل الآخرون شيئًا من أجلي؟
يبدأ النجاح من الداخل، عندما تتصالح مع ذاتك. والعمل المستمر على تحقيق الأهداف الشخصية هو المفتاح لحياة متوازنة مليئة بالإنجازات. اجعل من وقتك وطاقتك وسيلة للتقدم، وتجاوز العقبات التي قد تواجهك. فبتوكل على الله والعمل الجاد، تحقق أهدافك وتصل إلى النجاح المنشود.