تصميم الوظيفة.. ورضا المُعلمين

 

فاطمة بنت سالم المرزوقية **

fatma.almarzoqi@moe.om

 

في دراسة أجريناها بعنوان "أثر تصميم الوظيفة على الالتزام الوظيفي والرضا الوظيفي بين المُعلمين في محافظة شمال الباطنة بسلطنة عمان" ونُشرت في المجلة الدولية المُتقدمة في العلوم الاجتماعية (IJASOS - International E-Journal of Advances in Social Sciences)، سعينا إلى التركيز على تحليل أثر تصميم الوظيفة على الرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي بين المُعلمين في محافظة شمال الباطنة.

وجاءت هذه الدراسة في ظل الحاجة المُلحّة إلى تبني مُمارسات حديثة تتماشى مع التطورات العالمية في إدارة الموارد البشرية، خصوصًا في القطاع التعليمي الذي يواجه العديد من التحديات التي تعوق تحقيق الرضا الوظيفي الكامل والالتزام المهني. وتكمن مشكلة الدراسة في عدم تطبيق المؤسسات التعليمية للتطورات الحديثة في تصميم الوظائف؛ مما أثر سلبًا على مستويات الرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي بين المُعلمين؛ حيث إن الكثير من المُعلمين والمُعلمات يعانون من غياب نظم واضحة للترقيات، إضافة إلى نقص في التدريب المستمر؛ مما جعل هذه العوامل تُشكل عقبة أمام تحقيق بيئة عمل مُحفِّزة وداعمة للمُعلمين والمُعلمات. وبالتالي، هدفت الدراسة إلى تشخيص مستوى تصميم الوظيفة والرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي لدى المعلمين، وكذلك إلى اختبار العلاقة بين هذه المتغيرات الثلاثة.

وقد اعتمدنا في بحثنا على المنهج الوصفي التحليلي، والذي يهدف إلى جمع البيانات حول تصميم الوظيفة ومدى تأثيره على الرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي. كما استخدمت الباحثة استبانة مكونة من 45 عبارة موزعة على ثلاثة محاور رئيسية، وتم توزيعها على عينة عشوائية تتألف من 300 مُعلم ومُعلمة. وقَدمتْ نتائج التحليل الوصفي والإحصائي رؤيةً واضحةً حول طبيعة العلاقة بين تصميم الوظيفة والرضا الوظيفي؛ مما يوفر نظرة مُعمقة للتحديات التي يواجهها المعلمون في بيئة العمل. وتمثلت نتائج الدراسة في وجود علاقة إحصائية دالة بين تصميم الوظيفة وبين الرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي. وأظهرت النتائج أن تحسين تصميم الوظائف يؤدي إلى رفع مستويات الرضا بين المُعلمين، كما يعزز من التزامهم بأداء مهامهم. وبالتالي، يعتبر تحسين تصميم الوظيفة أحد العوامل الرئيسية في رفع كفاءة العمل التعليمي. وإضافة إلى ذلك، فقد أشارت الدراسة إلى الحاجة لتبني أنظمة ترقية أكثر شفافية وعدلًا؛ بما ينعكس إيجابًا على معنويات المُعلمين واستعدادهم لبذل المزيد من الجهد.

ومن بين التوصيات التي خرجنا بها من الدراسة: ضرورة تفعيل مؤشرات الأداء الوظيفي بحريّة بين المُعلمين والمُعلمات كعامل أساسي لتحفيزهم وزيادة رضاهم. كما أوصت بضرورة وضع نظام ترقيات واضح يعزز من رضا المعلمين ويشجعهم على مواصلة العمل بجدية. وأشارت الدراسة أيضًا إلى أهمية تنفيذ برامج تدريبية مستمرة للمُعلمين والمُعلمات بهدف تحسين مهاراتهم وتمكينهم من أداء مهامهم بشكل أكثر فعالية. كذلك، دعت الدراسة إلى إعادة النظر في تصميم الوظائف التعليمية ليتماشى مع التطورات الحديثة في المجال، وتعزيز قنوات التواصل بين الإدارة والمُعلمين والمُعلمات لضمان تلبية احتياجاتهم وأخذ مقترحاتهم في الاعتبار.

ولا شك أن هذه الدراسة تمثل خطوة إلى الأمام لتحسين بيئة العمل في المدارس بسلطنة عُمان؛ إذ إن الاهتمام بتصميم الوظائف واعتماد أنظمة عادلة للترقيات وبرامج تدريبية مستمرة لا يُسهم فقط في تعزيز الرضا الوظيفي والالتزام التنظيمي؛ بل ينعكس أيضًا على جودة التعليم وأداء المُعلمين والمُعلمات.

وعليه نرى أنه ينبغي على مؤسسات التعليم تبنِّي استراتيجيات حديثة لإدارة الموارد البشرية، بهدف تطوير العملية التعليمية وتحقيق مستويات عالية من الرضا بين المُعلمين والمُعلمات.

والله من وراء القصد.

** باحثة ومشرفة تربوية

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة