مُناقشات مُستفيضة حول تحديات تنمية المحافظات وتوفير فرص العمل للمواطنين

"منتدى عُمان للقيمة المحلية المُضافة" يدعو لتنمية "اقتصاد المحافظات" والاستفادة من الميزات التنافسية لكل محافظة

 

 

◄ الطائي: القيمة المحلية المُضافة محفز اقتصادي يخلق فرص العمل للمواطنين

◄ الهنائي: 1600 مشروع وعقد عبر نظام "إسناد" منذ بداية 2024

◄ البلوشي: ضرورة تغيير النموذج الاقتصادي وتفادي "الشلل البرادايمي"

◄ العبدلي: "العُمانية للنطاق العريض" نفذت العديد من المبادرات الداعمة للقيمة المحلية المُضافة

◄ 81.8 مليون ريال حجم إنفاق "النطاق العريض" على سلسلة التوريد

◄ "النطاق العريض": 26.8 مليون ريال مشاريع وعقود مُسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

 

 

الرؤية- سارة العبرية- فيصل السعدي- ريم الحامدية

تصوير/ راشد الكندي

 

 

دعا المشاركون في الدورة الخامسة من "منتدى عُمان للقيمة المحلية المُضافة" إلى تعزيز جهود القيمة المحلية المُضافة في تنمية اقتصاد المحافظات، عبر التوسُّع في خطط إسناد المشاريع والمشتريات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة النسب الإلزامية في الاعتماد على المُكوِّن المحلي.

الذي رعى انطلاق أعماله معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط، خرج بحزمة من التوصيات، تضمنت التوجُّه لتنمية اقتصاد المحليات عبر الاستفادة من المزايا النسبية التنافسية لكل محافظة، وتحفيز نمو القطاعات الواعدة حسب طبيعة المقومات الخاصة سواءً على مستوى الموارد أو الكثافة السكانية وبيئة الأعمال.

والتأمت أعمال الدورة الخامسة من منتدى عُمان للقيمة المحلية المُضافة، تحت شعار "الاستثمار في تنمية المحافظات"؛ وذلك بفندق جراند حياة مسقط. واستهل حاتم بن حمد الطائي الأمين العام رئيس اللجنة العليا أعمال المنتدى بكلمة ترحيبية، أشار في بدايتها إلى دور المنتدى في أن يترك أثرًا واضحًا على مسيرة تعزيز القيمة المحلية المُضافة، ورفد اقتصادنا الوطني بمزيد من عوامل النمو والازدهار.

 

 

القيمة المحلية المُضافة

وقال الطائي- في كلمته- إنه على الرغم من الشوط الكبير الذي قطعته جهود تعزيز القيمة المحلية المُضافة، إلّا أنه ما يزال يختلط على البعض- ولا سيما غير المتخصصين- الفوارق بين مفهوم القيمة المحلية المُضافة، ومفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات. ولكي نُوضِّح الفارق بدون تعقيد وبلغة سهلة، يُمكن تعريف القيمة المحلية المُضافة على أنها الجهود المبذولة من أجل إبقاء الموارد المحلية داخل المنظومة الاقتصادية، وتشغيلها في نطاقها المحلي، دون خروجها إلى أي منظومة اقتصادية أخرى خارج الدولة، وهذا يعني التوسُّع في المشتريات المحلية وتوطين المشروعات ودعم المنتج المحلي، وزيادة إسهامات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في عملية الإنتاج.

وأضاف أن المسؤولية الاجتماعية للشركات، تعني الإسهام الاجتماعي الطوعي من أجل دعم المجتمعات المحلية، وتقديم خدمات لهم، مثل بناء المؤسسات الصحية أو التعليمية أو دعم الفئات الأكثر احتياجًا، وغيرها من أوجه المسؤولية الاجتماعية.

وأوضح رئيس تحرير جريدة الرؤية أن العقود الماضية شهدت تعدُّد أشكال القيمة المحلية المُضافة، غير أنها تركّزت بصفة أساسية في بعض إسناد بعض الأعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وشراء جزء من احتياجات المشاريع الكبرى من الأسواق المحلية، لكنها ظلت دون مستوى الطموح، وذلك لعدة أسباب؛ من بينها: عدم قدرة الشركات المحلية على توفير جميع المُتطلبات التي ينبغي توفيرها للمشاريع، وخاصة في قطاع الخدمات، الذي تأخرنا فيه كثيرًا، رغم ما يحمله من فرص اقتصادية واعدة. وأشار إلى أن بعض المشاريع المرتبطة باستثمارات أجنبية، سعت إلى جلب احتياجاتها من الخارج، للاستفادة من فوارق الأسعار، علاوة على سرعة النقل والتخزين، عبر خطوط الملاحة وغيرها.

وتابع القول: "ثمَّة سبب ثالث وراء تباطؤ نمو القيمة المحلية المُضافة، والمُتمثِّل في محدودية القطاع الخاص المحلي، وعزوف الشركات الكبرى (خاصة العائلية منها) على التوسع في السوق، لأسباب عدة من بينها تحديات السيولة والتمويل، ورحيل الجيل الأول من أصحاب هذه المؤسسات، فضلًا عن سيطرة بعض الفئات على مفاصل العمل في هذه الشركات، ما تسبب في تراجع أدوارها، وأخيرًا الاعتماد بصورة مُفرطة على الاستيراد من الخارج، بدلًا عن التصنيع المحلي وتوطين الصناعات".

وأكد الطائي أنَّ القيمة المحلية المُضافة باعتبارها محفزًا اقتصاديًا، قادرة على تعزيز نمو الفرص الوظيفية للمواطنين، من خلال التركيز على خلق وظائف للباحثين عن عمل في مختلف القطاعات، لا سيما في المجتمعات المحلية القريبة من مواقع إنتاج الشركات الكبرى.

وقال إنَّ تطوير إسهامات القيمة المحلية المُضافة من شأنه أن يدعم النمو الاقتصادي، من خلال دفع قطاع التصنيع، وهو أحد مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، نحو مزيد من الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يشهد نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة الماضية، بفضل التوجهات الحكومية، وفي مقدمتها الحوافز الاقتصادية الجاذبة، وكذلك التوسع في بناء المناطق الصناعية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، التي نجحت في استقطاب استثمارات بمليارات الريالات.

منافع اقتصادية

ولفت الطائي إلى أن من أبرز الفوائد الاقتصادي التي تحققها القيمة المحلية المُضافة، هي الإسهام في نقل التكنولوجيا والمعرفة وتوطينهما، عبر ما يتحقق من شراكات استثمارية مع مستثمرين أجانب يضخون رؤوس الأموال في اقتصادنا الوطني، ويعملون على نقل القدرات الإنتاجية والابتكارية إلى السوق المحلي.

وأشار إلى أن سلاسل القيمة المحلية المُضافة تُسهم كذلك في خفض فاتورة الواردات؛ إذ بفضل عمليات التصنيع المحلي وزيادة معدلات الإنتاج داخل المنظومة الاقتصادية، تتراجع الوردات، ويتعزز الاكتفاء الذاتي سواء من السلع أو الخدمات، وفي الأخير تحسين أداء الميزان التجاري.

وشدد الطائي على أن تعزيز جهود القيمة المحلية المُضافة يدعم نمو اقتصاد المحافظات؛ حيث يمكن من خلالها أن تتطور الاقتصادات المحلية لكل محافظة، عبر الاستفادة من الميزات النسبية التنافسية لكل محافظة، وهذا لن يتحقق سوى بإطلاق رؤية استراتيجية شاملة، تضع مُحددات النمو في كل محافظة، اعتمادًا على الميزة النسبية لهذه المحافظة، مثل التصنيع أو السياحة أو الزراعة أو الصيد السمكي والاستزراع، وحتى على مستوى الخدمات، مثل اللوجستيات، والدعم الفني والتقني، والبحوث، والإنتاج الفكري والثقافي، وغيرها الكثير من الميزات النسبية التي تتمتع بها محافظاتنا الإحدى عشرة. وبيَّن أنه في ظل ما تزخر به كل محافظة في عُمان من مقومات واعدة جدًا، يُمكن ترسيخ عدة نماذج اقتصادية محلية، قادرة على الإسهام بفاعلية في النمو الاقتصادي؛ بل ويُمكن أن تتخصص المحافظة الواحدة في أكثر من مجال اقتصادي.

وأشار إلى أن هناك محافظة ظفار- على سبيل المثال- التي يزدهر فيها القطاع السياحي، وكذلك القطاع الزراعي، ونموذج منطقة النجد مُبشِّر للغاية. أيضا محافظة الظاهرة، التي تزخر بموارد طبيعية وتعدينية كبيرة، أصبحت الآن على خارطة القطاع اللوجستي بعد افتتاح منفذ الربع الخالي وبدء إنشاء المنطقة الاقتصادية المتكاملة بالظاهرة، ما يُنبِئ بمستقبل أكثر ازدهارًا لهذه المحافظة.

وأضاف: "عندما ننظر إلى محافظة جنوب الشرقية، نجدها مُزدهرة في قطاع الثروة السمكية، لكنها أيضًا واعدة جدًا في القطاع السياحي، ويمكن إنشاء مشاريع متنوعة توفر الخدمات السياحية للسياح المحليين أو الأجانب". وتابع: "إذا ما توجَّهنا إلى محافظة شمال الباطنة، التي تضم ميناء صحار الذي يعد أكبر ميناء تجاري في عُمان، وكذلك المنطقة الحرة في صحار، لتبين لنا آفاق نمو القطاع اللوجستي والنقل البحري والتخزين وغيرها".

وأشار الطائي إلى محافظة مسقط، وقال إنها تملك مقومات التحوُّل إلى مركز نوعي في العديد من الخدمات، بفضل ما ترتكز عليه من أسس اقتصادية لا مثيل لها بين محافظات السلطنة، فهناك مطار مسقط الدولي والمنطقة الحرة بالمطار، وكذلك ميناء السلطان قابوس السياحي، أكبر ميناء غير تجاري في عُمان، علاوة على الطفرة العقارية التي تشهدها المحافظة، وما تحويه من أنشطة اقتصادية ومراكز ترفيهية وخدمية.

وشدد الطائي على الدور الرائد والمُهم لاقتصاد المحافظات في تعزيز النمو الاقتصادي للدولة، لكن هذا الدور يستلزم مزيد من التوسُّع في مشروعات القيمة المحلية المُضافة، والعمل المتواصل على اكتشاف الفرص الكامنة في كل محافظة؛ بل في كل ولاية، وبلورة هذه الفرص في صورة مشروعات متكاملة تخدم مسيرة التنمية الشاملة واستدامتها.

تفعيل الشراكات

وأكد الطائي أنه لا غنى عن تفعيل الشراكات، وتضافر الجهود، وتبسيط الإجراءات، مشيرًا إلى ضرورة أن تكونَ كلُ مؤسسات الدولة (حكومة وقطاع خاص) على قلب رجلٍ واحدٍ، والعمل الدؤوب بروح الفريق، والإيمان بأن مستقبل البلاد وحلحلة مختلف القضايا وأهمهما قضية الباحثين عن عمل والنمو الاقتصادي، لن يتحقق إلّا بالعمل الجاد المشترك، ومعرفة أن المسؤولية لا تقع على عاتق وزارة بعينها أو جهة محددة، ولكن المجتمع بأسره.

ووجه الطائي حديثه للشباب، وقال: "لا تنتظروا الوظيفة الحكومية، وعليكم بأخذ زمام المبادرة، والتحوُّل نحو العمل الحر والقطاع الخاص، خاصةً وأننا نحن العُمانيين نحترف التجارة والأعمال منذ قديم الأزل، وهي متأصلة في الجينات العُمانية، ولكم أن تنظروا إلى جميع التُجّار العُمانيين وما حققوه من نجاحات متواصلة على مدى عقود وحقب زمنية مختلفة، حتى وصلنا إلى عصرنا الحديث".

وجدد رئيس تحرير جريدة الرؤية التأكيدَ على أهمية تغيير ثقافة العمل، والتخلص من الأفكار التقليدية التي تحصر الوظيفة في العمل الإداري والدوام من الساعة الثامنة وحتى الثانية عشرة ظهرا، والإجازات الطويلة بدون إنتاج، وعلى كل شاب أن يؤمن أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وهذه الخطوة لن توفرها لك أي جهة، لكنك أنت القادر على اتخاذها، بكل روح مُبادِرة، توّاقة للعمل الحُر، والإنتاج بأعلى معدلات مُمكنة.

وأكد أن معالجة تحدياتِ التوظيف تستلزمُ وضعَ رؤيةٍ منهجيةٍ شاملةٍ تضمُ الجهاتَ المسؤولة عن الاقتصاد والتمويل؛ بما يضمن تعميق اقتصادنا الوطني وتوسيع القطاع الخاص، ودعم نموه، وأن نضع هدفًا طموحًا يتمثل في توفير 100 ألف فرصة عمل على مدى قصير لا يتجاوز 3 سنوات، عبر تذليل تحديات التمويل وتبسيط الإجراءات ذات الصلة بالتراخيص، مع تقديم حوافز مالية وقروض منخفضة أو بدون فائدة، وطرح مبادرات ضريبية تشتمل على إعفاءات، خاصة للشركات المُتعثرة، وتعزيز أدوار غرفة تجارة وصناعة عُمان في دعم النمو الاقتصادي، من خلال الاستفادة من شبكة علاقاتها المحلية والأجنبية في جذب استثمارات نوعية للاقتصاد.

البيان الافتتاحي

وألقى المهندس غالب الهنائي مدير عام المحتوى المحلي بمجلس المناقصات بيان افتتاح أعمال الدورة الخامسة من المنتدى، تحدث خلالها عن تنمية المحتوى المحلي في المحافظات، مشيرًا إلى استراتيجية المحتوى المحلي، والتي تستهدف القوى العاملة الوطنية، والمنتجات الوطنية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تعظيم العائد من الإنفاق المحلي. وذكر الغالبي أن المسارات الاستراتيجية تتضمن الحوكمة وبناء القدرات وبناء الثقافة. وأبرز كذلك مبادرات الأمانة العامة للمناقصات؛ حيث صدرت لائحة تنظيم المحتوى المحلي، والقائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية، وإضافة متطلبات المحتوى المحلي في نظام "إسناد"، إلى جانب بناء القدرات من خلال تدريب موظفي الجهات الحكومية وتنظيم ورش عمل لتطبيق المحتوى المحلي، فضلًا عن إطلاق برنامج "إمكان". وأوضح الغالبي أن مؤشرات المبادرات توضح أن عدد المشروعات والعقود بلغ أكثر من 1700 مشروع وعقد خلال عام 2023، وأنه في العام الجاري بلغ العدد حتى الآن أكثر من 1600 مشروع وعقد.

وذكر الغالبي أن القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية تتضمن 2083 سلعة، و127 خدمة، و249 وظيفة.

البناء والتنمية

فيما قدَّم الدكتور يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار، ورقة العمل الرئيسية، والتي تطرق فيها إلى مسيرة البناء والتنمية واطار الاقتصاد الكلي والقطاع الخاص خلال الفترة من 1970 وحتى العام الجاري 2024، وأهمية تحقيق النقلات النوعية في استراتيجيات الأعمال؛ بما يتوافق مع رؤية "عُمان 2040"، والتوجهات العالمية، وكذلك الاستثمار في تنمية المحافظات والقيمة المُضافة المحلية وفقًا للرؤية المستقبلية.

وأبرز البلوشي العلاقة بين أسعار النفط والنمو في الناتج الإجمالي المحلي بالأسعار الثابتة، وقال إن الاقتصاد العُماني يعتمد على الأنشطة النفطية على مدى العقود الخمسة الماضية، كما يرتبط توسع الاقتصاد وانكماشة بشكل مباشر بأسعار النفط والغاز، فيما تعمل الحكومة من خلال استراتيجية طويلة المدى على الحد من اعتمادها على عائدات القطاع الهيدروكربوني، لكن على المدى القصير، ستبقى عُمان معتمدة وبشكل أكبر على عائدات القطاع الهيدروكربوني لتنويع اقتصادها.

وأشار البلوشي إلى تحديات النفط، وتنقسم إلى العرض والمتمثل في تحسُّن التقنية المرتبطة بإنتاج النفط الصخري وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة كالشمس والرياح، أما الطلب فيشهد تغيُّر أنماط الاستهلاك وخاصة في قطاع النقل أكبر مستهلك للنفط، وتزايد وتيرة السيارات الكهربائية والمحركات التي تعتمد على مصادر طاقة متجددة.

وتحدث  البلوشي عن دورة الأنشطة الاقتصادية المحلية، فيما يتعل بالواردات والصادرات والإنفاق الحكومي والخدمات المتقدمة والاستثمارات الأجنبية. وقال البلوشي إن زيادة الاعتماد على الاستيراد أدت إلى محدودية النجاح في إيجاد صناعات محلية في مختلف القطاعات ومحدودية خلق فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص، وكذلك تسبب في ضعف قيمة مُضاعِف الإنفاق. وأكد أن العمل يجب أن ينصب على زيادة المدخلات من خلال زيادة الصادرات ورفع تنافسية السلطنة لجذب الاستثمارات، علاوة على إيجاد سياسات عامة تعمل على الحد من التسربات من داخل الدورة الاقتصادية المحلية.

وشدد البلوشي على أهمية تغيير النموذج الاقتصادي، مشيرًا في هذا السياق إلى مصطلح "الشلل البرادايمي"، وتساءل عن أسباب موت الشركات وحتى الدول والشعوب، وأوضح أنها تتضمن الثقة المفرطة في السوق، وغياب الرؤية الواضحة، وعدم القدرة على التأقلم، وعدم القدرة على الابتكار وإيجاد حلول جديدة، والخوف  التردد من اتخاد القرار، مشيرًا في هذا السياق إلى شركات أُصيبت بالشلل البرادايمي، مثل نوكيا الفنلندية، وبلاك بيري الكندية، وكوداك اليابانية. كما أبرز البلوشي النمو القائم على المزايا النسبية للمحافظات.

نهج اللامركزية

وتحدث البلوشي عن اللامركزية باعتبارها النهج التنموي الحديث في الإدارة الاقتصادية، وقال إن أهداف وأولويات الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، والمرسوم السلطاني رقم (36/2022)، أطرت لأبعادٍ إستراتيجية جديدة للمسار التنموي الوطني، ضَمِنت معه تمكين مفهوميْ "اللامركزية" و"تنمية المحافظات" من جُملة الخطط والإستراتيجيات المُنفَّذة على أرض الواقع. وأضاف أن اللامركزية تعد جزءًا من عملية نقل السلطة بمختلف أنواعها -سواء التنفيذية أو الإدارية أو الاقتصادية- من مستوى إداري أعلى إلى مستوى إداري أدنى. وأشار إلى أن اللامركزية تضمنُ تمكين الجميع من المشاركة الفاعلة في صناعة واتخاذ القرار وإنتاج الفرص وتفعيل المشاركة المجتمعية في التنمية الوطنية الشاملة. كما يمنح مفهوم "تنمية المحافظات" مجالًا أوسع أمام المحافظات لتقديم نفسها كوحدات تنموية أساسية قائمة بذاتها فيما يتعلق بتنظيم شؤونها، وإدارة مواردها، وإعادة تصحيح أوضاعها.

ولفلت البلوشي إلى إدارة القطاع الخاص، قال إن المُراقب للتطورات المحلية، يُلاحظ وجود تحدٍ واضح في إدارة شؤون القطاع الخاص، ومحدودية قدراته على التأثير في رسم السياسات العامة وتحديد الأولويات الوطنية. وأضاف أن هناك من يرى تصاعدًا في وتيرة الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية المحلية، المُتمثلة في صور شتى مُباشرة وغير مُباشرة، كما إن هُناك تزايدًا مُطردًا في أعداد الباحثين عن عمل والمُسرحين من أعمالهم، إلى جانب ارتفاع كلفة الخدمات كالمياه والكهرباء جراء تخفيض الدعم وتغيير التسعيرة، وأيضًا ارتفاع كُلفة العمالة المُتمثلة في رسوم الاستقدام، وارتفاع كلفة اشتراطات التمويل، وانخفاض الدخل المُتاح للأفراد جراء التقاعدات وتوقف الترقيات، وانخفاض الدخل المُتاح للشركات جراء محدودية الأعمال والمُناقصات الحكومية، وارتفاع تكلفة الأعمال وتنافسيتها، وانحسار كبير في حجم إيراداتها، وانعكاسات كل ذلك على قدرتها على الدفع بقاطرات التنمية المُختلفة.

وأبرز البلوشي كذلك مفهوم "التجمعات الاقتصادية المتكاملة" (Clusters)، وقال إنها تمثل إحدى الأدوات الاقتصادية الحديثة والفعالة لتسريع النمو وتحقيق التنويع الاقتصادي؛ كونها تخلق إطارًا تنظيميًا للجميع يسمح بتركيز الموارد والتمويل لشركات والموردين ومقدمي الخدمات المختلفة وتطوير فهم مشترك وتنسيق بينهم في مناطق مستهدفة ذات إمكانات نمو عالية وتعمل على ربطهم بعلاقات تكاملية وتنافسية امامية وخلفية وعمودية وافقية وتوجد اطار من العلاقات والمنافع والاعتماد المتبادل والحوار، وذلك بغرض توليد قيمة مُضافة ومكاسب إنتاجية للمجموعة؛ بما ينعكس في زيادة التنافسية والقدرات على الابتكار والتطوير وزيادة الكفاءة والوصول الى العالمية.

وأوضح أن كل شركة في التجمع تستطيع تعظيم الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة في التجمع كما لو انها كانت اكبر من حجمها، كما يُمكن للحكومات أن تُقدِّم الدعم والتسهيلات إلى تجمعات كاملة وليس إلى فرد أو شركة واحدة، مشيرًا إلى وجود آليات ملائمة للتدخل لكل تجمع؛ حيث تعمل التجمعات الاقتصادية العنقودية بشراكة تامة ما بين القطاعين العام والخاص.

تعزيز القيمة المحلية المُضافة

ولخّص البلوشي سبل تعزيز القيمة المُضافة المحلية، ومنها: منح أولوية في المناقصات الحكومية للشركات المحلية، وتقديم حوافز للشركات التي تحقق نسبًا عالية من القيمة المُضافة المحلية، وفرض متطلبات على الشركات الأجنبية للمساهمة في القيمة المُضافة المحلية، وتسهيل إجراءات الترخيص والتشغيل للشركات المحلية، وإنشاء منصات إلكترونية لربط الموردين المحليين بالشركات الكبرى، وتوفير التمويل بشروط ميسرة  لتطوير قدرات الموردين المحليين، وتعزيز المخصصات الاستثمارية  لدعم المشاريع ذات المحتوى المحلي العالي، وتعزيز الاستثمار في المناطق الصناعية لدعم سلاسل التوريد المحلية، وتسهيل وتيسير التجارة البينية بين دول مجلس التعاون لتعزيز سلاسل القيمة الإقليمية والاستفادة من المزايا النسبية.

وأضاف أن هذه السبل تتضمن كذلك تطوير منهجية استراتيجية لبرامج القيمة المحلية المُضافة، واتخاذ تدابير وإجراءات من شأنها زيادة استقرار الأموال وتدويرها محليًا، من خلال إقامة أنشطة اقتصادية، وإنتاج سلع وخدمات يغلب عليها المكون المحلي، وتحليل أفضل الممارسات العالمية لتمكين منظومات القيمة الحلية المُضافة والمؤسسات العاملة بها، وتحليل أهم المؤثرات والتطورات التي من شانها ان تؤثر على استراتيجية القيمة المحلية المُضافة في السوق العُماني، وبناء القدرات البشرية المتخصصة والمعرفة الكافية والمهارات المطلوبة لوضع برامج القيمة المُضافة المحلية في موضع التنفيذ، والإشراك الحقيقي للقطاع الخاص وتمكينه في رسم السياسات وتحديد الأولويات الوطنية فيما يتعلق بالمحتوى المحلي، والدفع نحو مبادرات الشراء التعاقدي، وتأهيل الشركات المحلية، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، فنيًا وإداريًا وتقنيًا، وتعزيز قُدرتها على مُحاكاة المواصفات والمقاييس العالمية المطلوبة محليًا ودوليًا.

الكلمة الرئيسية

وقدَّم المهندس حامد بن عبدالله العبدلي مدير عام سلاسل التوريد بالشركة العُمانية للنطاق العريض الكلمة الرئيسية للمنتدى، أشار فيها إلى دور الشركة في تعزيز نمو القيمة المحلية المُضافة. وأبرز العبدلي مبادرات الشركة لدعم القيمة المحلية المُضافة؛ ومنها: دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بإسناد أعمال مباشرة لها أو بالإسناد غير المباشر ودعم الشركات المحلية الأخرى، وخلق فرص وظيفية للعُمانيين سواء بشكل مباشر في النطاق العريض أو عن طريق المقاولين والموردين المعتمدين في الشركة، وخلق فرص تشغيلية لمبادرات العمل الحر، وتأهيل الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتابعتها للحصول على شهادات الجودة والمعايير الدولية، وتأهيل الشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدًا عن طريق تشجيع اندماج الشركات معاً للتنافس على المشاريع الكبرى، وخلق فرص تدريب وتأهيل للخريجين لتمكين الباحثين عن العمل، وخلق فرص تدريبية لطلاب الجامعات والمعاهد، ودعم المنتج المحلي (صنع في عُمان)، والشراكة في تقديم البنية الأساسية بين النطاق العريض والشركات المحلية والأهلية (PPP Model).

وحول دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بإسناد أعمال مباشرة لها أو بالإسناد غير المباشر، كشف العبدلي أنه خلال الفترة من 2017 وحتى 2021 بلغ إجمالي إنفاق سلسلة التوريد 144,191,905 ريالات عُمانية، فيما بلغ إجمالي المبالغ المسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 23,309,769 ريالًا عُمانيًا، فيما سجلت نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 16%.

وأضاف أنه خلال الفترة من 2022 وحتى 2024، بلغ إجمالي إنفاق سلسلة التوريد 81,836,689 ريالًا عُمانيًا، فيما بلغ إجمالي المبالغ المسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 26,832,720 ريالًا عُمانيًا، وسجّلت نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 33%.

أما عن مجموع الإسناد المباشر، بين عامي 2017 و2024، فقد بلغ إجمالي المبالغ المُسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 50,142,489 ريالًا عُمانيًا. في حين بلغ مجموع الإسناد غير المباشر بين عامي 2021 و2024 نحو 50,519,921 ريالًا عُمانيًا، جرى إسنادها للشركات الصغيرة والمتوسطة من قبل مقاولي النطاق العريض، وبلغن نسبة مساهمة مقاولي النطاق العريض للشركات الصغيرة والمتوسطة 44%.

تلى ذلك تدشين الطبعة الأولى من كتاب "المحتوى المحلي في سلطنة عُمان.. نحو مستقبل مستدام ومزدهر" إعداد المهندس كهلان الخروصي.

الجلسة النقاشية الأولى

وبعدها انطلقت وقائع الجلسة النقاشية الأولى "برامج القيمة المُضافة وتنمية المحافظات"، بمشاركة كلٍّ من: سعادة الشيخ محمد بن حميد الغابشي والي جعلان بني بوعلي، والمهندس غسان فضل بيت بن سليم رئيس المسار الاقتصادي بالبرنامج الوطني للتشغيل، والمهندس حامد بن عبدالله العبدلي مدير عام سلاسل التوريد بالشركة العُمانية للنطاق العريض، ومحمد بن قاسم الشيزاوي رئيس قسم التخطيط والاستثمار بمحافظة شمال الباطنة، فيما يُدير الجلسة الدكتور مسلم بن علي المعني عميد كلية الزهراء للبنات.

وتمحور النقاش حول التقدُّم المحرز على مستوى أولوية "تنمية المحافظات والمدن المستدامة"، والدور التنموي المتطلع إليه من الشركات العاملة في السلطنة للمساهمة في تسريع وتيرة تنمية المجتمع المحلي عبر استثمارات برامج القيمة المحلية المُضافة، وآلية التنسيق والتعاون مع مكاتب المحافظين والولاة لتحقيق مزيدٍ من الإفادات.

أما الجلسة النقاشية الثانية، فانطلقت تحت عنوان "شركاء التنمية والاستثمارات المستدامة"، وبمشاركة كلٍّ من: المهندس سعود بن علي الجابري مدير القيمة المحلية المُضافة بشركة تنمية نفط عُمان، والدكتور هلال الصواعي مدير القيمة المحلية المُضافة بدليل للنفط، وطلال بن عزيز السيابي مدير القيمة المحلية المُضافة بشركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج، والدكتور يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار، فيما يُدير الجلسة المندس كهلان بن عبدالله المحروقي.

وهدفت الجلسة إلى تحديد مسارات الشراكة في تنمية المحافظات والتحديات الحالية ومقترحات الحلول، واستعراض الرؤى حول خُطط ضمان توفير فرص العمل والتدريب، وتوطين الصناعات، واستشراف فاعلية الاستثمار في التنمية المحلية وتحفيز مؤشرات تنافسية المحافظات من وجهة نظر استثمارية.

وتأتي أعمال الدورة الحالية من المنتدى في توقيت تعدُّ فيه اللامركزية في التنمية المحلية (تنمية المحافظات) وجهًا من أوجه التنظيم المجتمعي، يُركِّز على إرساء بُنى أساسية للعلاقات والمسارات والنُّظم التي تجعل من الممكن على المجتمع المحلّي حل تحدياته بنفسه والتجاوب مع حاجاته المرحلية في نطاق إمكاناته؛ لتأتي أعمال الدورة الحالية مستهدفةً تنمية مُستدامة للمجتمع المحلي العُماني.

توصيات "منتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة 2024"

 

 

  1. الدعوة لتعزيز جهود القيمة المحلية المضافة في تنمية المحافظات، عبر التوسُّع في خطط إسناد المشاريع والمشتريات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة النسب الإلزامية في الاعتماد على المُكوِّن المحلي.

 

  1. العمل على إيجاد معاملات ربط عملية بين برامج القيمة المحلية المضافة وأولوية تنمية المحافظات والمدن الاستدامة، وفق مؤشرات الأداء المنصوص عليها في رؤية عمان 2040.

 

  1. التوجُّه لتنمية اقتصاد المحليات عبر الاستفادة من المزايا النسبية التنافسية لكل محافظة، وتحفيز نمو القطاعات الواعدة حسب طبيعة المقومات الخاصة سواءً على مستوى الموارد أو الكثافة السكانية وبيئة الأعمال.

 

  1. أخذ خطوات عملية لتعزيز مستوى الشراكات وتنسيق التعاون بين مكاتب المحافظين والولاة، والشركات ذات برامج القيمة المحلية المضافة، لدعم التوجهات الأساسية لتعزيز تنافسية المحافظات.

 

  1. تعزيز إسهام مشروعات القيمة المحلية المُضافة في معالجة تحديات التوظيف من خلال رؤيةٍ منهجيةٍ شاملةٍ تضمُ الجهاتَ المسؤولة عن الاقتصاد والتمويل، بما يساعد على توسُّع القطاع الخاص وزيادة إنتاجيته.

 

  1. الدعوة لتغيير النموذج الاقتصادي القائم، والتوجُّه بسرعة أكبر نحو اقتصاد المعرفة والابتكار، بهدف تعميق الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدة الإنتاج، وتحقيق التنويع المنشود.

 

 

  1. ربط مفهوم اللامركزية مع "تنمية المحافظات" باعتبارها النهج التنموي الحديث في الإدارة الاقتصادية، ترجمةً لأهداف وأولويات الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".

 

 

  1. اقتراح إنشاء "تجمعات اقتصادية متكاملة"؛ كإحدى الأدوات الاقتصادية الحديثة والفعَّالة لتسريع النمو وتحقيق التنويع الاقتصادي.

 

  1. تطوير سلاسل الإمداد والتوريد لضمان تقليص الاعتماد على الصادرات، وتوجيه مديري المشتريات لاعتماد المحتوى المحلي، والتنسيق بين الموردين ومقدمي الخدمات في مناطق النمو الاقتصادي.

 

 

  1. منح الشركات المحلية التي يُديرها العُمانيون، الأولوية في المناقصات الحكومية، وتقديم حوافز للشركات التي تحقق نسبًا عالية من القيمة المضافة المحلية، والدعوة لاتخاذ التدابير والإجراءات التي من شأنها زيادة استقرار الأموال وتدويرها محليًا

 

هدية راعي المنتدى.JPG
تكريمات (20).JPG
تكريمات (19).JPG
تكريمات (18).JPG
تكريمات (16).JPG
تكريمات (15).JPG
تكريمات (14).JPG
تكريمات (13).JPG
تكريمات (12).JPG
تكريمات (11).JPG
تكريمات (10).JPG
تكريمات (9).JPG
تكريمات (8).JPG
تكريمات (7).JPG
تكريمات (6).JPG
تكريمات (2).JPG
DSC_4511.JPG
DSC_4427.JPG
DSC_4420.JPG
DSC_4355.JPG
DSC_4365.JPG
DSC_4307.JPG
DSC_4324_1.JPG
DSC_4293.JPG
DSC_4290.JPG
DSC_4285.JPG
4 المهندس حامد بن عبدالله العبدلي.JPG
3 المهندس غالب الهنائي.JPG
2 د. يوسف البلوشي.JPG
1 الرئيسية.JPG
1  حاتم الطائي.JPG
 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة