أحمق.. وعولمة مريضة

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

إنها العولمة حيث السيطرة على العالم، وجعله نسقاً واحداً، فقد ذكر توماس فريدمان "صحفي وكاتب أمريكي" أنَّ العولمة الحالية نوع من الهيمنة الأمريكية، تأثيرها كبير على حياتنا الدينية والاجتماعية والثقافية، فهي تعني بالضرورة: اختراق البنية الثقافية المحلية، وتفاقم مخاطر الاستلاب والغزو والاستعمار الثقافي؛ بل مخاطر محو الهوية ونزع الخصوصية الشخصية، تضحي أمتنا العربية والإسلامية بالأرواح في سبيل الحفاظ على كينونتها وبؤرة هذه التضحية تجري اليوم في غزة.

الذي نشاهده في ظل جرائم الكيان اللقيط في فلسطين من مذابح ضد الإنسانية بشكل عام، والمسلم بشكل خاص، يجري دون تحقيق دولي، ودون أن تحرك القوى المهيمنة ساكنًا، بل هي توغل في تفكيك الدول عن طريق نظامها الذي يحاول فرض القيم السياسية والاجتماعية والثقافية من خلال منظور عولمة تعاني من داء تقليد ديمقراطيتها المزعومة، وتحديث المجتمعات لتصبح علمانية كما هو الحال في أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة وربيبها الكيان الغاصب لفلسطين، بحيث ينمو نظام سياسي عالمي من ناحية الحجم أو التعقيد، مقابل تراجع أهمية الدولة القومية، بهدف ظهور جهات فاعلة أخرى على الساحة السياسية.

كل ذلك يدفع إلى إعادة النظر في وجود كيان زرع في جسد الأمة العربية والإسلامية، على رأسه أحمق يسوق نظريته العولمة بعناصرها المسيطرة، ليكون أساس الرأسمالية، والديمقراطية الليبرالية في أمتنا العربية والإسلامية، أو أجزاء كبرى من العالم، فأينما يممت وجهك ستجد أصداء تلك الجرائم والدسائس الهائلة التي أغرت وأغوت البعض، جعلت أحمق الكيان اللقيط معتدا بذاته واثقاً من قدراته التي بدت في هذه اللحظة التاريخية أنها قدرات عولمة مريضة، تصوغ له تصور جديد للإنسانية، تصور يتجسد عنده اقتحام الفطرة الإنسانية، بحماقته التي تقوم على اعتبار انه هو المخلص والمنقذ للعالم، المدافع عن عولمة مريضة.

لقد بلغ هوسه إلى الحد الذي يُقرر فيه استعادة مملكة بني صهيون غير الموجودة أصلا، ويقوم بمحاكاة عولمة مريضة، يقول: لقد ولدت في هذا العصر لكي أبعث العصر الصهيوني، وأنه أعدَّ عدته للقيام بهذه المهمة النتنة، فقام أولاً باستخراج سلاح ديمقراطيته المتهالك، وما خلفه له أجداده الصهاينة، ثم لبس ثياب الإجرام، واعتلى كرسي كنيست أعجف هزيل، وجيش متهالك لا يستطيع حماية باب بيت واهٍ، فمارس الظلم والعند والتكبر والفساد والغرور والتعالي، وهي الصفات الرئيسة لمنظومة عولمته المريضة.

أُريدَ للكيان اللقيط أن يكون رأس حربة العولمة المريضة في منطقتنا العربية والإسلامية، وقد صور للشيطان الأحمق، أنه امتلك فلسطين، وسيطر على أهلها، لكن غابت عنه حقيقة أنه منبوذ من الأرض وسكانها، ومطرود من سمائها، كم من غزاة قبله طغوا وتكبروا وتفاخروا بقوتهم وسلطانهم، فأهلكهم الله، فسلط على كيانه جنوده، ودفع بأهل الحق روح الدفاع عن أرضهم بالقوة، ومعظم ما تقوم به المقاومة اليوم، هو نتيجة لجرائم الكيان اللقيط وطغيانه، فهو صاحب السجل الحافل بالإجرام، ودفعته عولمته المريضة إلى ارتكاب الإبادة الجماعية في حق السكان الأصليين وتفكيك مجتمعهم وسلبهم هويتهم، يروم بأفعاله الإجرامية الى فقدهم قضيتهم بمبررات استمرارها ووجودها، وها هي الأمة العربية والإسلامية برمتها تدفع ثمنًا باهظًا اقتصاديًا واجتماعيًا في مواجهة ما تفرضه سياسات الليبرالية الجديدة وعقائدها، وذلك بسبب تفاعل أو تآزر الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية مع الكيان اللقيط ورأسه الأحمق.

المقاومة الفلسطينية وأخواتها المُسانِدة، تجرعت على مدى عشرات السنين الظلم، وصل بها الأمر إلى استرجاع الحقوق والحرية بما تملك من أنفس وعتاد، فما كان أحد يتصور أن هذا الكيان اللقيط، والأحمق الذي ظل يحرك أدوات سحره بالقتل والإجرام والهيمنة بهذا الوهن، وبذلك أيقنت القوى الغربية، والمتخاذلون أن شعوب الأمتين العربية والإسلامية إذا أرادت العدل والعزة والكرامة لا تقف أمامها عولمة مريضة، والمتابع لما يقع في الكيان اللقيط يستبشر بوضع أحمق العولمة في العناية المركزة، وسقوط كيانه اللقيط.

هذه النهاية الطبيعية لعصابة ظالمة تجبرت وعلت في الأرض، لأن الله تبارك وتعالى حرَّم الظلم على نفسه وجعله مُحرمًا بين عباده، فما بالك في كيان أطلق لنفسه ولأعوانه العنان، ووقع في مستنقعات الشهوات والشبهات، وتجاوز الحدود وانتهك الحرمات، وجاهر في سفك الدماء وقتل الأبرياء.

تعليق عبر الفيس بوك