عبدالعزيز الرواس: شموخ ووقار

 

حمود بن علي الطوقي

 

الجيلُ الذي أنتمي إليه، والذي بدأ العمل في بلاط صاحبة الجلالة "الصحافة"، مطلع التسعينيات من القرن الماضي، يُعد الجيل الثالث في ميدان الصحافة العُمانية، ويَعرِفُ جيدًا هذا الجيل معالي المستشار ووزير الإعلام الأسبق عبدالعزيز بن محمد الرواس. وقد تشكلت علاقتنا به نظرًا لقربه من المشهد الإعلامي والصحفي.

ورغم حزم وهيبة الراحل، وشدة متابعته للأحداث وتيقُّنه من كل ما يُنشر من أخبار محلية وما تتناقله وكالات الأنباء، إلّا أنه كان عطوفًا ومشجعًا للجيل الجديد من الصحفيين. وكان حضوره البارز في المشهد الصحفي والإعلامي أثناء انعقاد القمم الخليجية التي تستضيفها مسقط، فرصة لنا للالتقاء به والتحاور معه.

في مسيرتي الصحفية- التي بدأت في وقت مُبكر من عمري- كانت علاقتي بمعالي عبدالعزيز الرواس مليئة بالدعم والتقدير الذي لا يُنسى؛ فمنذ بداية مشواري الصحفي بجريدة "الوطن"، كان معالي الوزير يتابع بعناية كل ما يُنشر في الصحف من أخبار واستطلاعات، وكان يعرفنا من خلال أسمائنا التي تُنشر في المانشيتات الإخبارية.

ومن المواقف التي لا يُمكن أن أنساها، عندما تلقيت رسالة شكر من معاليه بعد أن نشرت في جريدة "الوطن" حوارًا مُطولًا أجريته في صنعاء مع فخامة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عام 1991، بعد التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بين عُمان واليمن، وأرسل لي خطابَ شكرٍ على هذا اللقاء، وكانت تلك الرسالة بمثابة دفعة قوية لي للاستمرار في تقديم أعمال صحفية مُتميزة.

وفي عام 1994، عندما أصدرت كتابي "البلابل"، قدمت لمعالي الوزير نسخة هدية، وتلقيت من معالي عبدالعزيز الرواس رسالة شكر، وكان هذا التقدير حافزًا لي للاستمرار في تقديم المزيد من الأعمال الأدبية والثقافية.

وعندما تم تعييني رسميًا مديرًا لمكتب صحيفة "الاتحاد" الإماراتية في مسقط، وبعد مُوافقة الوزارة، وكان ذلك في عام 1994، استدعاني معالي الوزير إلى مكتبه وشجعني على التَّميز في نقل الأخبار والالتزام بالمهنية. وطلب مني الالتزام بقواعد النشر وعدم نشر أي أخبار إلّا بعد التأكد من مصداقيتها، وأن تكون التقارير تخدم مستوى العلاقات المُتميزة بين البلدين الشقيقين.

وفي عام 2004، بعد أن تقدمت للوزارة بطلب الحصول على ترخيص لإصدار مجلة سياحية ثقافية مُنوّعة، ووافقت الوزارة، وأصدرت مجلة "كل الدنيا". ولكن معاليه طلب تغيير اسم المجلة خوفًا من التباس هوية المجلة على المُتلقّي، فاخترت اسمًا جديدًا وهو "الواحة"، وبارك معاليه هذا الاسم. واليوم، تحتفلُ "الواحة" بمرور 20 عامًا على تأسيسها.

وفي عام 2016، عندما دشنتُ مجلة "مرشد" للأطفال، استقبلني معالي عبدالعزيز الرواس في مكتبه وهنأني على هذا الجهد النبيل، مشجعًا لي على الاستمرار رغم قناعته بأنَّ هذا المشروع صعب ويحتاج إلى جهد ودعم كبير. ولكنه كان على ثقة بأنني قادر على تحمل المسؤولية وعندما ودعته شاكرًا حسن استقباله، منحني مُكافأة مالية قدرها 3 آلاف ريال. هذا التقدير كان دليلًا على اهتمامه بالمُبادرات التعليمية ودعمه للجهود التي تصب في مصلحة المجتمع.

كما أود أن أشير إلى دعمه الكبير خلال تأسيس جمعية الصحفيين العمانية. فقد حثنا على العمل الجاد، وأذكر أنه استدعى مجلس الإدارة إلى مكتبه وتحدث معنا مُطوَّلًا عن أهمية العمل الصحفي وأهمية مساعدة الجيل الجديد من الصحفيين. وذكر أنه سأل عن أمين صندوق الجمعية، وكان الزميل الوضاح بن طالب المعولي، فناوله شيكًا بمبلغ 200 ألف ريال، وقال إنَّ هذا المبلغ مكرُمة من السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه-، وأن الدعم السنوي سيستمر للجمعية، ما ساعد في تقديم برامج تدريبية للصحفيين والمشاركة في الملتقيات الخارجية وتنظيم الفعاليات الصحفية التي تُعزِّز العمل الصحفي في عُمان.

إنَّ هذه المواقف النبيلة لمعالي عبدالعزيز الرواس وتقديره للجهود التي نقوم بها، تجسد وتؤكد على العلاقة المتميزة التي جمعتنا، والتي تلهمني دائمًا للاستمرار في مسيرتي الصحفية.

رحم الله معالي عبدالعزيز الرواس، ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.

إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.