مجيد بن عبدالله العصفور
أودُ أن أستعير بعض المصطلحات المالية المقترنة بالاقتصاد وعالم المال والأعمال، ونحن نتطلع الى اللقاء الحاسم الذي يحتضنه الملعب الوطني بمدينة وارسو البولندية يوم الأربعاء 14 أغسطس، بين النادي الملكي الأسباني ريال مدريد ونادي أتالانتا الإيطالي.
مما لاشك فيه أن القيمة السوقية للناديين سوف تتأثر صعودًا وهبوطاً استناداً إلى من ستؤول إليه معظم أسهم وسندات التتويج بلقب السوبر الأوروبي، حيث يسعى الريال للمحافظة على ريادته وتربعه على عرش البطولات، في حين أن نادي أتالاتنا يجاهد لزحزحة الريال عن تصدره جدول التداول في بورصة القيمة السوقية للناديين باعتبار أن معظم الأندية الأوروبية إن لم تكن جميعها تشكل كيانات اقتصادية بحد ذاتها تعتمد عضويتها وشعبيتها على مدى رسوخ خطط وبرامج وحملات تسويقها على نتائجها وإحرازها للكؤوس الخاصة بفئات التنافس (دوري الأبطال والدوري الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي ).
يمكنّنا استعراض موقف الناديين لتحليل مايمكن أن تسفر عنه نتيجة المباراة، إلا أن الملعب لديه موقف آخر قد يختلف عن التحليل حيث إن كرة القدم رياضة متغيرة كما يتغير الطقس بلندن، وتعتمد مؤشرات التحليل على حزمة من المحطات الهامة في مسيرة تأهل هذين الناديين للسوبر الأوروبي ومنها: أن ريال مدريد الأسباني حجز مقعده في النهائي بعد تتويجه للمرة الخامسة عشرة بلقب دوري أبطال أوروبا. كما إن نادي أتلانتا الإيطالي توج بلقب الدوري الأوروبي بعد تغلبه بنتيجة 3 / صفر؛ علما بأنه لم يفز بلقب السوبر الأوروبي من قبل.
ويعد ريال مدريد الأكثر تتويجاً بكأس السوبر الأوروبي بخمسة ألقاب مع برشلونة الأسباني وميلان الإيطالي. والريال توج ببطولة الدوري الأسباني للمرة 36، وأقصى نادي دورتموند الألماني بنتيجة 2 / صفر.
نادي أتلانتا الإيطالي أنهى موسمه في المركز الرابع في الدوري الإيطالي وتأهل للسوبر الأوروبي بعد تفوقه على نادي بايرن ليفركوزن المتوج بلقب الدوري الألماني 3 / صفر.
لم يستطع أي ناد المحافظة على لقب السوبر الأوروبي منذ تأسيس البطولة عام 1973 باستثناء ريال مدريد الذي يعد النادي الوحيد الذي فاز بلقبين متتاليين لكونه النادي الذي توج ببطولة دوري أبطال أوروبا للعامين 2016 و2017.
ومن الإنجازات العالمية التي تحسب لمدرب ريال مديد الإيطالي كارل أنشيلوتي إحرازه للقب كأس السوبر الأوروبي أربع مرات منها مرتان مع نادي ميلان الإيطالي ومرتان مع نادي ريال مدريد الأسباني وهو مدرب قدير وخبير بالكرة الأوروبية ومرشح لنيل جائزة أفضل مدرب في العالم للمرة الثالثة.
وبالرغم من أن المخضرم جاسبيريني مدرب نادي أتلانتا الإيطالي البالغ من العمر (64) لم يفز من قبل بلقب كأس السوبر الأوروبي إلا أن لديه العزيمة والإصرار على انتزاع اللقب كأول فوز له بكأس السوبر الأوروبي علاوة على أن نادي أتلانتا الإيطالي لديه نفس الحماس والإرادة والإصرار على إحراز هذا اللقب لأول مرة في تاريخ النادي.
ويعد الريال الأسباني الأغنى والأعلى دخلاً ماليا بين الأندية الأوروبية؛ حيث يتجاوز دخله 6 مليارات يورو، ويحل نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي المرتبة الثانية من حيث الدخل، في حين أن نادي أتلانتا الإيطالي يعتبر من الأندية ذات الدخل المالي المتواضع؛ حيث تبلغ إيراداته السنوية حوالى 200 مليون يورو، يأتي جزء كبير منها من مبيعات اللاعبين .
نستخلص من مؤشرات هذا التحليل، علو كعب نادي ريال مدريد للفوز بلقب السوبر الأوروبي، خاصة بعد تعاقده مع نجم الكرة الفرنسية مبابي والنجم البرازيلي روديك إلى جانب كوكبة من نجوم الكرة العالمية التي ظفرت بدوري الأبطال، إلّا أن عالم المستديرة المجنونة لا يُلقي بالًا بالتاريخ والإنجازات السابقة للأندية واللاعبين النجوم، إذ تعطي الكرة بسخاء من يجتهد والأكثر عطاء خلال زمن المباراة والشوطين الإضافيين إذا استدعت الظروف ذلك.
نتابع بشغف بالغ ما إذا كان الريال سيحافظ على العرش الأوروبي، أم يُتوج نادي أتالانتا باللقب لأول مرة في تاريخه، ويضع قدمه في أولى خطوات انتزاع هيمنة الكرة الأسبانية على الساحة الأوروبية.