حلم بناء منزل الزوجية

 

 

حمود بن سيف السلماني *

نستهلُّ حديثنا في هذا المقال بما سطَّرناه سابقاً في مقالنا السابق ومنذ فترة طويلة بعنوان "الأخطاء الجسيمة في البناء"، فكما هو معلوم لدى الجميع أن كل إنسان لا بد أن يكون له مكان يأويه من ظلمة الليل وحرارة النهار، وهو المستقر الذي يرجع إليه بعد مشقة العمل من أجل لقمة العيش، لهذا نجد الكثير من الناس من يُفضِّل بناء المنزل عن شرائه جاهزاً، لكنه يكون في حيرة كبيرة جداً في اختيار الشركة المناسبة للبناء (المقاول)، وفي الأخير يختار الشركة التي يعتقد أنها الأفضل، وهو (المالك) ينظر إلى منزل العمر أمامه ويحلم بأن يتم الانتهاء من العمل خلال فترة وجيزة، وقد لا تكاد تسعه فرحته وهو يدخل الى منزل العمر حتى قبل أن يوضع حجر الأساس إلا أنه ينصدم بالأمر الواقع؛ حيث التأخير في إنجاز العمل وعدم الجودة وسوء العمل بشكل فظيع جداً، قد تصل في أغلب الأحيان إلى هدم المنزل وإعادة بنائه مرة أخرى.

ولنا في المحاكم عبرة في ذلك؛ حيث كثرت الدعاوى الخاصة بالمقاولات، سواء بالتأخير في البناء أو عيوب في البناء، وقد تكون العيوب جسيمة تتمثل في ضعف شديد في قوة قواعد المنزل، أو الأعمدة، وفي أغلب الأحيان المشكلة تكمن في الأيدي العاملة التي ليس لديها الخبرة الكافية في البناء، أو حتى الأسس البسيطة لأعمال المقاولة كعملية خلط الأسمنت بالرمل وغيرها، وبعض الشركات ليس لديها عمال بناء، وإنما تتم الاستعانة بآخرين قد هربوا من كفيلهم الفعلي، ويذهبون للعمل باليومية أو لحسابهم الخاص، وهذه الفئة هي من أشد الفئات خطورة وذلك لأنهم لا يتبعون كفيلهم فعليًّا وإنما يعملون لحسابهم الخاص، في أي لحظة يغادرون الموقع وتركه بالحالة التي وصل إليها دون أي مبالاة لما قد يحدث من تأخير أو غيره لصاحب المنزل، والخوف من ذلك بأن يقوموا بأخذ بعض مواد البناء من الموقع وبيعها لحسابهم الخاص للاستفادة من أموال البيع، وبعد تركهم للموقع فإنَّ المالك لا يستطيع الوصول إلى العمال كونهم يعملون لحسابهم الخاص، فيضطر لرفع دعوى أو مطالبة الشركة التي تعود بالملك لمواطن قد لا يكون لديه أي إلمام بسيط عن المقاولة، ويتكبد بعدها الأموال لإرجاع كافة المبالغ التي صُرِفت في الموقع وقد تكون زائدة عن العمل الفعلي المنجز.

ومن الإشكاليات الكبيرة الحاصلة في الموقع كذلك هي عندما يتم تجهيز القواعد وتركيب الحديد والأخشاب تمهيداً لحضور المهندس المشرف على البناء للمعاينة، وكذلك مهندس البلدية للمعاينة، وأخذ الموافقة النهائية لصب القواعد؛ حيث إنَّ الموافقة قد تحصل في يوم معين، وصب القواعد بعدها بيومين أو ثلاثة أيام، فذلك نوع من الخطورة كذلك لصاحب العقار يتمثل في قيام مجموعة من الأشخاص بسرقة الحديد من الموقع قبل صبه، أو قيام بعضهم بسحب بعض الحديد من القواعد لاستخدامه في ذات الموقع بعد تعديله، أو في موقع آخر لتقليل التكلفة وعلى حساب مالك المنزل.

فمن وجهة نظرنا، أنه يجب التنسيق مع مهندس البلدية والمهندس المشرف على البناء بأن يتم الإشراف على القواعد وصبها في تلك اللحظة، حتى لا تحدث أية مشكلات لاحقاً أثناء صب القواعد، وحتى تكون بجودة كاملة وفق المعايير المعمول بها في أعمال المقاولة، والتي يتم الاعتماد عليها في السلطنة بقوة (30 نيوتن) بالنسبة للمنازل، وكذلك الأعمدة والأسقف، فكل هذا حماية للمالك من ضعف الخرسانات وضعف القواعد وغيرها من المشكلات التي قد تحصل للمنزل، والتي ستكلف المالك أضعافًا مضاعفة في الإصلاح والصيانة.

كما نقترح أن يتم تقييم شركات المقاولة، من حيث جودة الأعمال المُنفَّذة والسرعة في إنجازها بعيداً عن العشوائية في البناء، واستلام عدد كبير جدا من المواقع مع الأيدي العاملة التابعة للشركة؛ حيث  يلاحظ أن الشركة قد يكون لديها عدد 7 عمال بناء فقط، ولديها من المشاريع أكثر من طاقتها؛ الأمر الذي يجعلها في موقف تتأخر فيه عن إنجاز العمل في المدة المتفق عليها، أو سوء الجودة في العمل بسبب الضغط الشديد الذي عليها في البناء، ويجعلها تستعين ببعض العمالة غير الموهلة وقد تكون في أغلب الأحيان مخالفة لقانون العمل من حيث المهنة التي يعمل بها، حيث إن التصريح الصادر له بمهنة حلاق أو نجار أو مزارع أو غيرها من المهن بخلاف المقاولات، ونجده يعمل في المقاولات.

وللحديث بقية...،

* محام ومستشار قانوني

تعليق عبر الفيس بوك