فرحة الأمومة

 

 

عائشة بنت محمد الكندية

في كل عام، يحمل لنا التاريخ أياماً تترك بصمتها في حياتنا وتغيِّر مسارها بشكل لا يُنسى. وفي هذا العام، كانت لي تجربة فريدة ومليئة بالحماس، حين تلقيت بريدًا إلكترونيًّا يدعوني للمشاركة في عمل تطوعي بمبادرة توزيع الهدايا للأمهات في أحد المستشفيات القريبة من مؤسستي. جاءت هذه المبادرة بمناسبة تدشين تأمين إجازات الأمومة للقطاعين الحكومي والخاص، والذي يصادف تاريخ 19 يوليو 2024. تهدف المبادرة إلى توزيع هدايا رمزية للأمهات اللائي تصادف ولادتهن في هذا اليوم في جميع مستشفيات السلطنة، بغض النظر عن جنسيتهن، عمانيات كن أو غير عمانيات.

كان الهدف من هذه المبادرة هو حماية الأم العاملة وتمكينها وتقدير دورها، وتوفير حماية اجتماعية للأسرة وضمان حقوق الطفل لينشأ في بيئة صحية متكاملة، وكذلك لضمان حقوق صاحب العمل والمؤمن عليهم. شعرت بشغف كبير للمشاركة في هذا العمل التطوعي، وخاصة مع زميلتي الشغوفة، مما جعلني أشعر بمزيج من الحماس والإثارة. لم أتمكن من الانتظار، فقمت بالرد على البريد الإلكتروني فوراً بالموافقة على المشاركة.

 ومع اقتراب يوم التطوع، بدأت أنسق مع زميلاتي المشاركات في هذا الحدث المميز، سعياً لجعل هذا اليوم استثنائياً وعالمياً. كان توزيع الهدايا للأمهات يعبر عن تقدير واهتمام مؤسستنا في إدخال السعادة والفرح إلى قلوبهن في لحظات قد تكون صعبة، ويعزز نشر الروابط الإنسانية وتقديم الدعم النفسي لهن.

حيث بدأنا نجهز أنفسنا للمبادرة، واطلعنا على بعض التعليمات والتوجيهات لضمان تنفيذها بأجمل صورة ممكنة. في الصباح الباكر، حملت الهدايا مع زميلتي ووضعناها في السيارة. وكنا نشعر بالحماس والتوقع لرؤية ردود أفعال الأمهات عند استلام الهدايا، بالإضافة إلى شعوري بالرضا عن نفسي للقيام بعمل طيب الأثر.

وفي لحظة وصولنا إلى المستشفى، شعرت بالفخر لكوني جزءاً من هذه المبادرة. غمرني شعور بالتعاطف والتفكير في التأثير الإيجابي الذي ستحدثه هذه اللفتة على يوم الأمهات، وكيف ستملأ قلوبهن بالبهجة والسعادة. لمست هذه المشاعر عند رؤية ابتسامات الأمهات وإشراق وجوههن، تلك اللحظات التي تم توثيقها بالصور لتصبح ذكرى جميلة.

إنَّ هذه التجربة الإنسانية الرائعة انعكاساً لقيم مؤسستي واهتمامها بالإنسانية ودعم المجتمع. حيث إن المبادرة لم تجلب السعادة للأمهات فحسب، بل ألهمت أيضاً كل من شارك فيها، وذكّرتنا جميعاً بقيمة العطاء والعمل الجماعي. وشعرت بفخر كبير لكوني جزءاً من هذه المؤسسة والفريق التطوعي الرائع.

كذلك قمنا بالإشراف على توزيع الهدايا والتأكد من أن كل أم حصلت على نصيبها من الفرح. رأينا كيف أن الهدايا البسيطة، رغم تواضعها، كانت تحمل في طياتها الكثير من الحب والتقدير. وكانت الأمهات يعبرن عن امتنانهن بطرق مختلفة، البعض بالكلمات، والبعض الآخر بالدموع التي ملأت عيونهن، والأكثر تأثيراً كانت تلك الابتسامات التي لم تفارق وجوههن.

وبعد انتهاء جولة التوزيع، جمعتنا لحظات تأمل وتقييم للتجربة. تحدثنا مع الزملاء عن الأثر الذي أحدثته المبادرة، وكيف أن هذه اللفتة الصغيرة يمكن أن تكون بذرة لمبادرات أكبر وأكثر تأثيراً في المستقبل. تبادلنا الأفكار والخطط حول كيفية توسيع نطاق مثل هذه المبادرات لتشمل جوانب أخرى من حياة المجتمع، مثل دعم التعليم أو تحسين الرعاية الصحية.

وكانت التجربة أيضاً فرصة لتعزيز العلاقات بين فريق العمل. العمل معاً على تحقيق هدف نبيل أضاف بعداً جديداً لعلاقاتنا المهنية، وخلق جواً من التعاون والتفاهم بين الزملاء. أصبحنا أكثر تفهماً وتقديراً لبعضنا البعض، وأدركنا أن العمل الجماعي يمكن أن يحقق الكثير عندما يكون موجهًا نحو هدف سامٍ.

وفي الحقيقة، شعرت بالامتنان لكوني جزءاً من هذا الحدث الذي لا ينسى. تعلمت أن العطاء لا يقتصر على الماديات، بل يمكن أن يكون ببساطة لحظة من الوقت، ابتسامة، أو كلمة طيبة. إن هذه التجربة ذكرتني بأن القيم الإنسانية والروح الجماعية هما ما يجعل العمل التطوعي تجربة غنية ومؤثرة.

وأصبح هذا اليوم محفوراً في ذاكرتي كواحد من أجمل الأيام التي عشتها، ليس فقط بسبب الفرح الذي أدخلناه على قلوب الأمهات، ولكن أيضاً بسبب الدروس الحياتية القيمة التي تعلمتها. وأدركت أن السعادة الحقيقية تأتي من العطاء ومشاركة الآخرين في لحظاتهم السعيدة والحزينة.

وفي الختام، أتطلع بشغف للمشاركة في المزيد من المبادرات التي تعزز الروح الإنسانية وتدعم المجتمع. أعلم أن الطريق طويل ومليء بالتحديات، لكنني مؤمنة بأن كل خطوة نخطوها في هذا الاتجاه تضيف شيئاً جميلاً إلى حياتنا وحياة الآخرين. فخورة جداً بأن أكون جزءاً من هذه المؤسسة التي تعكس قيمها وأهدافها في كل ما تقوم به، وأن أكون جزءاً من فريق تطوعي يسعى دائماً إلى إحداث فرق إيجابي في المجتمع.

تعليق عبر الفيس بوك