مواسم الأعاصير.. ظواهر جوية متطرفة أم طبيعة غاضبة؟!

 

 

عندما تغضَب الطبيعة لا يستطيع أن يقف أمامها شيء، لقد تغيَّرت للأبد، فما بين دول لم يعد لها وجود، وأشخاص لم يعد لهم أثر، ومناخات تبدَّلت، ومشاهد مؤلمة ترسَّخت في الأذهان والذاكرة، لا يزال العالم متسمِّرًا أمام طيف واسع من الكوارث والظواهر الكونية، أوجدها معدل التغير الهائل في المناخ.. وخلال الآونة الأخيرة تردَّدت في الأرجاء أسماء متعددة لأعاصير مدارية هاجمتْ بلدانًا عدَّة في مناطق شتى من جغرافية عالمنا المعاصر.. فما هي الأعاصير؟ وكيف تنشأ؟ وما هي وسائل الاحتراز وأدوات المواجهة؟.. "الرؤية" تحاول عبر هذا التقرير الوقوف على إجابات.

الرؤية - سارة العبرية

يُعرَّف الإعصار بأنَّه عاصفة مدارية تتراوح سرعة رياحها المستمرة بين 63 و118 كيلومترًا في الساعة، ويُصنَّف حسب مقياس "سافير- سيمبسون" وفق 5 فئات رئيسية؛ إعصار الفئة الأولى عندما تصل سرعة الرياح المستمرة إلى 119 إلى 153 كيلومترا في الساعة، والفئة الثانية تكون الرياح بسرعة ما بين 154 إلى 177 كيلومترا في الساعة، والفئة الثالثة مع سرعة رياح تتراوح ما بين 178 إلى 208 كيلومترات في الساعة، والفئة الرابعة بسرعة رياح 209 إلى 251 كيلومترا في الساعة، أما الفئة الخامسة والأخطر فعندما تزيد سرعة الرياح المستمرة على 252 كيلومترا في الساعة.

هذا ووفقا لوكالة ناسا، تعدُّ الأعاصير أعنف العواصف على الأرض؛ حيث يتغذى الإعصار على مكونين فقط وهما الحرارة والماء، وتنشأ الأعاصير فوق المياه الدافئة عند خط الاستواء، ويمتص الهواء فوق سطح المحيط الحرارة والرطوبة، لتنشأ بعدها دوامات من الهواء نتيجة ارتفاع الهواء الساخن للأعلى من منطقة الضغط المنخفض إلى منطقة الضغط المرتفع. وما إن يرتفع هذا "الهواء الساخن" بدرجة كافية في الغلاف الجوي، حتى يبرد ويتكثف في السحب، لتنشأ عندها دوامة من الهواء والسحب المتنامية وتتحول إلى عاصفة رعدية.

 

الأنماط المناخية

وفي تقرير  -نُشر على موقع "لايف ساينس"- قال جيري بيل المختص بالأعاصير الموسمية الرئيسية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا" في واشنطن: إنَّ "هناك نوعين من الأنماط المناخية السائدة التي تتحكم في أنماط الرياح والضغط عبر المحيط الأطلسي"؛ الأولى هي دورة "النينيو" أو "النينا"، وهي دورة مناخية تحدث في المُحيط الهادي، وتؤثر بشكل كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم؛ حيث تبدأ عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادي من الجهة الغربية للجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أمريكا الجنوبية على طول خط الاستواء، لتطفو بعد ذلك على مياه شمال غرب أمريكا الجنوبية.

والنمط المناخي الثاني هو التذبذب المناخي متعدد العقود في المحيط الأطلسي، والذي يُعرف بأنَّه نمط من التذبذب المناخي الذي يستمر في أي مكان لمدة تتراوح ما بين 25 إلى 40 عاما، ويرتبط بالمياه الأكثر دفئاً في المحيط الأطلسي والرياح الموسمية الأفريقية الأقوى.

ووفقاً لدراسة نُشرت بدورية "بي ناس" في مايو 2020، خلص باحثون من مراكز عدة مختصة بعلوم المناخ والمحيطات في أمريكا إلى أن الاحتباس الحراري يتسبب بزيادة عدد العواصف المدارية وزيادة تواترها أيضًا. كما يتسبب الاحتباس الحراري أيضا بنشوء ما يُسمَّى بـ "عواصف الزومبي"، تلك التي تتلاشى تدريجياً لفترة زمنية بسيطة ثم تعود لتشتد من جديد.

إعصار "جامني"

ومنذ الأربعاء الماضي، تواجه الفلبين تداعيات الإعصار الأقوى "جامني"، الذي تسبب رياح شديدة وهطول أمطار غزيرة، مما دفع السلطات لوقف العمل والدراسة، كما جرى وقف تداول العملات والأسهم. وأوقف المكتب الرئاسي الدراسة في كافة المراحل الأكاديمية والعمل في معظم المكاتب الحكومية بمنطقة العاصمة التي تتكون من 16مدينة ويسكنها ما لا يقل عن 13 مليون نسمة بسبب العاصفة الاستوائية. وقالت وكالة الأرصاد الجوية الفلبينية إن الإعصار جايمي، الذي تبلغ سرعة رياحه القصوى 155 كيلومترا في الساعة، يتجه نحو تايوان.

ويوم الخميس الماضي، ضرب الإعصار "جايمي" تايوان، بعواصف عاتية بلغت سرعتها 227 كيلومترا في الساعة، وأدى لهطول أمطار بلغ منسوبها أكثر من 1800 ملليمتر على الجبال الجنوبية للجزيرة، مُحدثا فيضانات في عدة مدن وبلدات. وأسفر كذلك عن وفاة خمسة وإصابة أكثر من 500 شخص. كما تسبب في غرق سفينة شحن قبالة سواحل تايوان، وفي مقتل 32 شخصاً في الفلبين وغرق ناقلة بحرية قبالة سواحلها.

ومع الساعات الأولى من فجر الجمعة، توجَّه الإعصار "جايمي" إلى بلدات إقليم فوجيان الصيني الساحلي محملا بأمطار غزيرة ورياح قوية ليشق طريقه إلى المناطق الداخلية المكتظة بالسكان. ولا يزال الإعصار مصحوبا برياح تصل سرعتها إلى 100.8 كيلومتر في الساعة قرب مركزه بعد انخفاضها قليلا عن سرعة 118.8 كيلومتر في الساعة عندما وصل اليابسة في مدينة بوتيان في فوجيان.

ورغم تخفيض تصنيف جايمي إلى عاصفة مدارية بسبب تباطؤ سرعة الرياح، إلا أن السحب الكبيرة المصاحبة له لا تزال تهدد بحدوث فيضانات، خاصة في الأنهار بوسط الصين التي ارتفع منسوبها بالفعل بسبب موجة سابقة من الأمطار الصيفية.

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك