التصفيق للقتل!

 

 

محمد بن رضا اللواتي

هذا "الكونجرس" الأمريكي يستقبل قاتل حوالي 40 ألف مدني أعزل، لا ذنب لهم إلا أنهم يتمسكون بأرضهم ولا يقبلون أن يغادروها لتصبح لقمة للمحتل! القاتل الذي يفرض على الشعب السليب من كل حقوقه المجاعة الجماعية، ويُريدها أن تموت ظمأى، هذا القاتل الذي يشاهد العالم بأجمعه جرائمه على أراضي غزة العزة، فجثث بلا رؤوس، وأبدان لأطفال بلا أطراف، يخطب على منصة "الكونجرس" لمدة 52 دقيقة، فيستقبل خطابه بالتصفيق 80 مرة!

لم يشهد العالم من قبل استقبالاً حافلاً لمجرم حرب كما شهد في مجلس "الكونجرس"، ولا يوجد تفسير لهذا الاستقبال الحار إلا -وبحسب وصف "مايكل مور" له- أن "نيتنياهو" كان قد بلغ المكان الصحيح لإلقاء خطابه!

"مور" المخرج السينمائي الحائز على الأوسكار في مقال له بعنوان "خطاب نيتنياهو في المكان الصحيح" ترجمته "بتول دياب"، هذا المقال يجعلنا لا نستغرب أبداً لماذا هذا التصفيق الحاد لأجل القتل العلني؟ إذ الجواب عن هذا التساؤل هو:

- إنكم أيها السادة على أرض أمة تأسست على الإبادة الجماعية! أمة فصل عنصري بامتياز ادعت الديمقراطية، أمة تحكمها العصابة الأولى للذبح!

والحقيقة.. فإنَّ "مور" أو غيره، لو لم يكتب شيئاً، لكان هذا الاستقبال الحار للمجرم الأول على وجه المعمورة، بالتصفيق على أعمال القتل في حق الأبرياء من نساء ورجال وعجزة وأطفال، وتدمير المستشفيات والمدارس والأحياء المكتظة بالسكان، مؤشرًا على نمط التفكير المخزي الذي تنتمي إليه العقول التي تدير إمبراطورية النفاق الأولى في العالم.

عندما وصف آية الله الخميني الولايات المُتحدة بالشيطان الأكبر -ولعله أقدم من وصفها بهذا الوصف- قبل سنين طويلة، تلقى العالم المتحضر هذه التسمية بالاستهجان والرفض، ونهض -في ذلك الوقت- "كولن بأول" ليدافع عن حكومته مدعياً أننا نعمل لتكريس العدالة والخير، ولم تمضِ كثيرٌ من السنين حتى تبين للعالم دقة هذا الوصف، وإذا بطفلين عُمانيين في تظاهرة سلمية لصالح فلسطين السليبة، هُنا في سلطنة عُمان، حملا لوحة عليها صورة للشيطان محاطاً بالعلم الأمريكي الكئيب، ومكتوبا عليه "أمريكا الشيطان الأكبر".

استقبال "العار" لخطاب "القتل والكذب"، والذي قاطعه 100 من الأعضاء، فملأ "الكُمبارس" الشواغر، والذي يُعد أول تأييد علني لسياسة سفك الدماء بلا أدنى حياء، تم تسجيله في سجلات التاريخ العصري لبني الإنسان، كموقف مُخزٍ لن تنساه الأجيال الكارهة لجرائم الولايات المتحدة العلنية ضد العدالة والخير والحق، وكما رفع الطفلان العمانيان شعار الشيطان الأكبر هي الولايات المتحدة، سيرفع كل أطفال العالم قريبًا هذا الشعار، وإذا استطاعت أياديها الملطخة بالدماء مسح هذه الحقائق من المناهج التعليمية العربية إلى المدة التي شاءت الإرادة الإلهية ذلك، وإلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا، فإنَّ الفضاء الافتراضي المفتوح سيكون دائما البديل الذي تنهل منه الأجيال الحقائق المُغيبة.

إنَّ المكان الصحيح والأنسب لاستقبال مجرم الحرب الأول في العالم، سيغدو عن قريب المكان الأشد نبذا من شعوب العالم. هذه هي سُنن الله في الأرض التي لا تقبل التبديل.

mohammed@alroya.net