عُمان.. ملحمة حُب أبدي

 

 

منى بنت حمد البلوشية

منذ أن أبصرت أعيينا عَرفنا بلادنا الحبيبة بالأمن والأمان، وترابط الجميع بها، وتقبلهم لبعضهم البعض، كأنهم بينان مرصوص، عرفناها بالتسامح الذي لا تشوبه شائبة، ولا يُعكر صفو أمانها واستقراها شيئًا. عُمان جسر سلام ورمز المحبة، ولا تضيرها حادثة عابرة لم يكن هدفها سوى أن تضرب النسيج العُماني عبر مغفلين من أصحاب الفكر المنحرف والإيمان المتزعزع، فمهما حاولوا فنحن يد واحدة لا تقبل أن تبيع حبة رمل من وطننا الحبيب، وستبقى عُمان بخير ولا يضرها إعوجاج أحد أغصانها، فجميعنا نستظل تحت أوراقها الوارفة المزهرة بالحب والأمن والأمان.

وها هو 23 يوليو يتجدَّد ويُجدد بداخل قلوبنا نبضات لا تتوقف، بل تتسارع بحب الوطن. حب الوطن من القيم الوطنية الإيجابية التي يتمتع بها كل من على أرض عُمان الحبيبة. ورغم رحيل ربان هذه النهضة، إلا أنَّ هذه المناسبة الوطنية ظلت عزيزة على قلب كل عُماني، لما تمثله من أهمية في تغيير مجرى الأوضاع في السلطنة ونمط المعيشة ومستواها لدى أفراد المجتمع.

إنّ 23 يوليو ذكرى خالدة وذات جذور متأصلة في قلوبنا وجوارحنا، فجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- سيظل الخالد الحاضر في قلوبنا ولن تنساه السنون، ففي خطاب لجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم -حفظه الله ورعاه- ألقاه في الحادي عشر من يناير 2020، مُعددًا ما لا يحصى من مناقب جلالة السلطان الراحل قائلاً فيه: "بنى دولة عصرية شهد لها القاصي قبل الداني وشيّد نهضة راسخة تجلت معالمها في منظومة القوانين والتشريعات التي ستحفظ البلاد، وتنظم مسيرتها نحو مستقبل زاهر أراده لها وأقام بنية أساسية غدت محط أنظار العالم... فجزاه الله خير ما جزى سلطاناً عن شعبه وبلده وأمته"  وسنكمل مسيرة ما بدأ به المغفور له -بإذن الله تعالى- مُعاهدين سلطاننا هيثم عهدنا السعيد الزاهر بأننا يد واحدة معه لأجل عُمان وكفى.

وكم أشعر بالفخر لكوني عُمانية وابنة عُمان الحبيبة التي لا يخلو يوم وأنا أحمد الله عز وجل وأشكره على نعمة وجودي بين أحضان هذا الوطن الغالي الذي أبذل لأجله كل ما بوسعي وأن أرفع راية مجده في كافة المجالات، إنها الذكرى التي تحيي فينا الحب والانتماء الوطني الذي يجب علينا أن نغرسه في نفوس أبنائنا منذ نعومة أظفارهم، ليحافظوا على أوطانهم ويدافعوا عنه وألا يسمحوا لأي معتقد آخر يهدم ما بناه الأجداد والآباء والسلاطين؛ فهي تربة طيبة لا تنبت إلا طيبا. إنه الحب السرمدي والعشق الأبدي الدائم والبِر للوطن؛ فحب الوطن منهج يعلمه الآباء لأبنائهم من البيت قبل الجميع، ثم المؤسسة التعليمية التي يلتحقون بها ثم المجتمع والأصدقاء فلننتقِ لأبنائنا أصدقاء غرس آباؤهم في نفوسهم حب الوطن، فيجب علينا كآباء ومربين أن نربي أبناءنا ونبث فيهم حب الوطن والانتماء له والحفاظ على كافة ممتلكاته من أيدي العابثين، ولأجل الوطن أن يخطوا خطوات النجاح ويصعدوا سلمه ويرفعوا راية الوطن عاليًا ليفتخر بهم قبل أن يفتخروا به. إنَّه الوطن يا سادة ياكرام أجيال ترحل وأخرى تخرج فلننبت بها حب الوطن ما استطعنا، وأن يكملوا مشوار ما بدأ به الراحلون من بناء هذه النهضة العظيمة بشتى المجالات؛ فالوطن يستحق التضحيات.

"إنَّ الأمانة الملقاة على عاتقنا عظيمة، والمسؤوليات جسيمة، فينبغي لنا جميعًا أن نعمل من أجل رفعة هذا البلد، وإعلاء شأنه، ولن يتأتى ذلك إلا بمساندتكم وتعاونكم وتظافر الجهود للوصول إلى هذه الغاية الوطنية العظمى، وأن تقدموا كل ما يسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء".. إنه خطاب يلهمنا به جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد -حفظه الله ورعاه- ونحن سنمضي معه وكلنا ثقة وإيمان وخطوات واثقة بأننا سنبذل كل ما بوسعنا لأجل عُمان الحبيبة.

عُمان الحبيبة لا تكتبها الحروف، وإنما نبضات القلب تخط لها حروف الحب والعشق وأبجديات السلام والأمان والوجهات لها؛ فكانت ومازالت وستبقى مئذنة السلام ونهر الأخلاق وموطن الألفة ومنارة العرب ووجهة المحب والعاشق لها. فنحن اليوم وكل يوم نجسد ملحمة عظيمة بتجدد ذكرى حب 23 يوليو المجيد، وكأنها الأولى؛ فنحن عُمان، وعُمان كل الوجهات لقلوبنا، ولا أؤمن بالخرائط فكل الجهات عُمان الحبيبة.

تعليق عبر الفيس بوك