عُمان.. عصية على التطرف

 

 

د. أحمدبن علي العمري

سلطنة عُمان، البلد الآمن المستقر، المتعاضد والمتآخي، والذي عبر تاريخه الطويل الذي يمتد لملايين السنين حسب ما هو مُوثَّق في متحف عمان عبر الزمان بالدليل القاطع والشواهد الثابتة، عُرف بكونه البلد الهادئ الذي يمضي بخطى واثقة، متفردا عن كل دول المنطقة، بل والإقليم وحتى الوطن العربي، وربما عن العالم بأسره.. البلد الذي اقترن اسمه بالتعايش والتسامح والتآخي، البلد الذي لم يعرف يومًا عرف مجالا للطائفية ولا للمذهبية ولا للقبلية ولاحتى المناطقية.. البلد الذي يفتح كافة مطاراته وموانئه وكل مؤسساته الرسمية والأهلية للجميع.

هذا البلد الآمن يحدث فيه ما حدث في ليلة 15 يوليو في مسجد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في منطقة الوادي الكبير في محافظة مسقط، وأثناء احتفال بعض الأخوة الكرام بليلة عاشوراء، تخرج عليهم مجموعة مارقة متعصبة شاذة، وإذا كان هؤلاء عددهم قليل جدًّا، فإن الأمة العمانية بأكملها تقف ضدهم وقفة صلبة شامخة، سلطانا وحكومة وشعباً، والعمانيون بتسامحهم وطيبة أخلاقهم وحسن تربيتهم لا يقبلون هذا السلوك، ولا يوجد له مجال أو متسع بينهم.

هل هولاء الشراذم ساءهم أن تكون عُمان "صفر إرهاب" ويريدون أن يسجلوا موقفًا؟ هل هم مندسون بأجندات وأفكار خارجية؟ هل هم متطرفون سذج؟ يا ليت فقط لو نعرف سبب تطرفهم غير العقلاني والمتنافي مع كل القيم والمبادئ ومع الشرع والدين.

وهنا أستذكر قول القائد المؤسس السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه: "إن هذه نباتات كريهة ترفضها التربة العمانية"، وقد أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على هذا المضمون في أكثر من حديث وأكثر من لقاء.

وهنا لي مطلب وأرجو أن يُسمع ويُدرَّس بتمعُّن، وهو لِمَ حدث هذا الحدث سيئ الذكر والذي نتمنى أن لا يتكرَّر أبدا، ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون حادثا استثنائيًّا عابرًا، أو أي حدث آخر ذو قضية رأي عام، أن تقوم الجهة المعنية بالتوضيح والشرح للمواطنين: ماذا يحدث أولا بأول؟ حتى لا تأتينا التفسيرات والرؤى الخارجية بصحافتها وإعلامها وتدسُّ فينا بعض المفاهيم المغلوطة والمغرضة.. علمًا بأنَّهم دائمًا ما يقولون "استسقوا المعلومات من مصادرها الرسمية"، فأرجو أن تكون الجهات المعنية مُوَاكِبة للحدث، وتوضح ما يحدث أولا بأول، وليس في هذه الحوادث فقط والتي لا نتمنَّى عودتها، ولكن بأي قضيه تُثار في الرأي العام.

وفي الأخير.. أكاد أجزم بأنَّ هذا رأي كل العمانين أنه لا مجال للتطرف في سلطنة عمان، ولا يوجد مجال للضلاليين ولا المغرر بهم، ولا لأصحاب الأفكار الهدامة المجرمة.. ونقول جميعاً بصوت واحد وعالٍ إلى حد السماء: حتى لو وصلوا للقلة القليلة من العمانيين التي لا تعد ولا تحصى، فإن عمان محصنة تماما بحسن تربية أولادها، أولاد السبلة العمانية الذين وإن كانوا صغارًا؛ فهم كبارٌ في القيم والمبادئ، ولن ينال منهم التطرف أبداً؛ لأنهم على التشئة والتربية العمانية الحسنة المتحصِّنة، التي لا يمكن أن يوجد لها منافس.

سلطنة عُمان.. عصية على التطرف، شاءٍ من شاء وأبى من أبى.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها...،