عطاء شاد: شاعر الطبيعة وثورة الترجمة الأدبية

 

محمد أنور البلوشي

عطاء شاد (1939-1997) الذي نتحدث عنه هنا كان من أولئك الشعراء الذين جعلوا الطبيعة تتكلم. بدأ بكتابة القصائد باللغة الأردية ثم انتقل إلى اللغة البلوشية، وهي لغته الأم. يُعتبر عطاء شاد والد الشعر البلوشي بعد الملا فاضل من مكران الذي زار عمان في القرن الثامن عشر وأعجب بها كثيراً وكتب قصيدة ذكر فيها مُعظم أسماء ولايات عمان، بدءًا من صحار وانتهاءً بمسقط. وفي نهاية القصيدة أشاد بحاكم عُمان.

أحدث عطاء شاد ثورة في الشعر البلوشي بأسلوب وفكر مختلفين لم يكونا موجودين من قبل، فأصبح اسماً كبيراً في الشعر البلوشي. نشر العديد من الكتب، منها "روشگير" (مجموعة من الشعر البلوشي)، "شاپ سحر أندم" (مجموعة من الشعر البلوشي)، "سینگاب" (مجموعة من الشعر الأردية)، "برفاج" (مجموعة من الشعر الأردية)، وغيرها مثل "گيچين"، "دارين"، و"هفت زباني لغات".

للأسف، لم تُترجم قصائده إلى لغات أخرى. لو تُرجمت بعض قصائده إلى الإنجليزية أو العربية، لكان ذلك ذا قيمة كبيرة في مجالات الأدب والشعر. يُعرف الأدب بأن الناس في إنجلترا والعالم العربي بدأوا يفكرون بشكل مختلف بعد قراءة ترجمة إدوارد لـ "عمر خيام".

 كما أحدث جبران خليل جبران تغييرات كبيرة بعد ترجمة قصائده وكتاباته الأخرى إلى لغات مختلفة مثل الإنجليزية والأردية. وقد نال عمل محمود درويش أيضاً تقديراً كبيراً بعد ترجمته إلى لغات مختلفة.

كتب عطاء شاد قصائد جميلة. إحدى قصائده باللغة الأردية في مجموعة "سینگاب" ألهمتني. من ناحية أخرى، كانت قصائده باللغة البلوشية أكثر جاذبية من قصائده بالأردية، كما أشار الشعراء الآخرون.

حاولت ترجمة إحدى قصائد عطاء شاد إلى الإنجليزية، لكنني وجدت الأمر ليس سهلاً. فالترجمة ليست مجرد نقل الكلمات حرفياً، بل يجب أن تأخذ في الاعتبار ما وراء القصيدة. بعض المترجمين يحاولون فقط إرضاء قرائهم وجمهورهم، متجاهلين ومتناسين "روح المعاني الحقيقية للأبيات".

وهذا في رأيي خطأ، لأنك لا تعطي الشعراء حقهم الذين عملوا بجد، وأنت في النهاية تضلل الناس بتزيين وتلاعب بكلماتهم بطريقتك الخاصة.

انتقد الكتاب الفارسيون إدوارد، الذي ترجم رباعيات الخيام، بشدة. فقد اعتقدوا أن إدوارد لم يترجم أعمال عمر الخيام بشكل صحيح.

هنا ترجمات لبعض أبيات قصيدة عطاء شاد بعنوان "إلى اسمه"، حيث يحاول بعمق التواصل مع الطبيعة والمخلوقات ويترك أفكاره تحلق:

 

 

 

لمست العطر ورأيته،

أمسكت الضحى بيدي،

قبلت القمر، ورأيت الظل في الشمس

 

تحدثت مع اللجم،

ورأيت صور السمع،

أسمع أغاني كل فكرة،

وأتعرف على الوجوه من الكلمات

رأيت الصورة من اللون،

وأرتدي لون كل صورة،

رأيت "دجلة" في قطرة،

ولم أجد قطرة في "دجلة"

 

إذا فكرت، ما الذي لا أستطيع رؤيته؟

وإذا رأيت، ما الذي لا أستطيع التفكير فيه؟

أنا تلك القوة التي ضاعت في الطبيعة،

أنا ذلك الشاعر الذي يصبح عاجزاً عن الكلام في الريب

 

إذا فكرت فيك، لا أستطيع رؤية أي شيء آخر،

وإذا نظرت إليك، لا أستطيع التفكير في أي شيء آخر.

 

قراءة أحد المقالات التي كتب فيها أنه إذا قرأت وتلوت شعر عطاء شاد ستجد ألوان الطقس المختلفة، الرياح الباردة، الجداول الجارية، النوافير المغنية، الوديان المغطاة بالثلوج، الجبال الصخرية، الأراضي القاحلة، والأشجار المتمايلة.

عطاء شاد زار العديد من البلدان مثل إيران، السعودية، الولايات المتحدة، أستراليا، ألمانيا، تايلاند، إيطاليا، الصين، إنجلترا، الدنمارك، تركيا، الإمارات، البحرين، سلطنة عمان وسنغافورة. وهذا يدل على أن الشعراء ليس لديهم حدود.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك