طرح المشاريع العقارية الجديدة في أوقات مُتقاربة: هل يُحقق وفرة جاذبة أم يلبي فقط احتياجات آنية؟

رئيس الجمعية العقارية العمانية لـ"الرؤية": لدينا سوق متنوع بالمنتجات والفرص

◄ "مدينة السلطان هيثم".. نقلة نوعية في أسلوب التخطيط بفضل الخدمات التكاملية التي ستُوفرها

◄ ضرورة إعلاء مبدأ الشراكة والتكامل لتقديم سلطنة عُمان للعالم كوجهة استثمارية مُستدامة

◄ "اهتمام كبير" من قبل "الإسكان" لمعالجة الكثير من القوانين واللوائح وطرح المبادرات

◄ عُمان بمقوماتها قادرة على زيادة حجم الطلب عبر برامج تحفيزية وتمويلية

◄ المشاريع الجديدة قادرة على استيعاب الباحثين عن عمل والمستثمرين الجدد

◄ مستويات التنافس على المستثمرين تفرض اتباع طرق غير تقليدية لتوسيع نطاق الاستفادة

◄ المشاريع المُعلن عنها بالقطاع تشكل فرصة لإيجاد مطورين يمثلون قيمة مضافة للاقتصاد الوطني

◄ فوائد كبيرة لتطبيق الاستحواذ والاندماج تعزز التنافسية وتوجد لنا موطئ قدم في الأسواق الدولية

◄ لا توجد عوائق بالمعنى السائد وإنما تحديات يمكن تجاوزها والتعامل معها

◄ تمويل المشاريع العقارية تحد قائم.. واعتماد "المشتري المحلي" قيمة مضافة للقطاع

 

الرؤية - ريم الحامدية

قال يونس بن خصيب الحراصي رئيس الجمعية العقارية العمانية، إنَّ السنوات الأخيرة شهدت العديد من التطورات المتعلقة بالقطاع العقاري في سلطنة عمان، كما حافظت حركة التداول العقاري على مستوياتها وازداد عدد المشاريع العقارية النوعية في السلطنة. وأكَّد - في حوار لـ"الرؤية"- أنَّ من بين أبرز المشاريع التي تم الإعلان عنها؛ هو: مشروع مدينة السلطان هيثم؛ لما يُمثله من نقلة نوعية في أسلوب التخطيط، وأيضاً استهدافه لشريحة المستحقين للأراضي من المواطنين للتملك في المدينة بأسعار تفضيلية، إلى جانب المواطنين عموما وكذلك غير المواطنين، إضافة للخدمات التكاملية التي ستوفرها المدينة لسكانها وفق أحدث المعايير العالمية.

وإلى جانب ذلك، قال الحراصي: تأتي مشاريع "صروح" التي تنوعت الخيارات التي توفرها، ومشروع "الخوير داون تاون" ومشروع "الجبل الأخضر"، كما أن السوق شهد تقديم مشاريع جديدة عبر شركات القطاع الخاص ومن أبرزها مشاريع "عايدة"، و"المدينة المستدامة" في يتي، وغيرها.

 

الطلب الحالي في السوق

ومع عدد المشاريع المُعلن عنها، والتي بدأ العديد منها مراحل التشييد والبناء، تطرق الحراصي إلى تساؤل لدى البعض حول ما إذا كان طرح عدد من المشاريع الكبيرة في أوقات متقاربة قد يوجد وفرة في المعروض لا يستوعبها حجم الطلب الحالي في السوق، خاصة وأن حجمه يكاد يكون في المستويات ذاتها ولم يشهد نموا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية. مؤكدًا أن وجود مثل هذه المشاريع هو أمر إيجابي وأن السلطنة بمقوماتها قادرة على زيادة حجم الطلب في السوق عبر عدد من المبادرات والبرامج الداخلية والخارجية، فالداخلية مثلا ستعتمد على توفير برامج تحفيزية وتمويلية سهلة للمواطنين والمُقيمين، وأما الخارجية فستتمثل في وجود برامج تسويقية مكثفة توجد أسواقا جديدة وكبيرة للمنتجات العقارية العمانية.

مدينة السلطان هيثم.jpg
 

وأشار رئيس الجمعية العقارية العُمانية إلى أن الجهود الحالية الواضح منها أنها تستهدف بالدرجة الأولى شريحة المطورين. موضحًا: يتوقع أن تقوم الجهات الحكومية المعنية بدور كبير في خلال المرحلة المقبلة لتسويق السلطنة لا كوجهة سياحية عامة فقط، وإنما كوجهة للاستثمار والعيش فيها، وأن لا تقتصر جهود الاستثمار على جذب شركات التطوير، وأن يكون مفهوم التسويق وأنشطته أكثر شمولية وكثافة، خاصة وأننا نعمل في منطقة نشطة في الترويج لفرص الاستثمار والعيش فيها، مثل هذا النوع من التنافس على المستثمرين يحتم على الجميع اتباع طرق غير تقليدية ومكثفة وواسعة النطاق للاستفادة من الزخم الذي تشهده المنطقة عموما وتحويل الزخم هذا إلى جانب إيجابي والبناء عليه. ومثل هذا الأمر يتطلب في المقام الأول تكاملا في الجهود بين مختلف الجهات الحكومية المعنية، فالعديد منها يعمل على ترويج بعض الجوانب المتعلقة بها، لكنها إن تضافرت جهودها وتكاملت فإنها ستزيد الفوائد وتوسع من حجم الأثر وتُساعد في إيجاد تجربة شاملة ملائمة للراغب في الاستثمار، إلى جانب تخصيص موازنات توائم بين حجم العمل المطلوب والأهداف المُراد تحقيقها، وأن يتم تنفيذه على فترات قصيرة وبعيدة الأمد. والسؤال المطروح من قبل الكثير: هل نحن بحاجة أن نسوق أولًا ومن ثم نبدأ في التطوير، أم البدء في التطوير ومن ثم التسويق؟ مجيبًا: أعتقد أنَّ العمل بالتوازي هو الأفضل. كما أعتقد أن توزيع هذه المشاريع على مراحل زمنية مدروسة تتناسب ونمو حجم الطلب، أيضًا تستفيد من التجارب التي تسبقها سيكون أمرا جيدا وسيُعالج الهواجس الموجودة.

 

مشاريع عقارية عملاقة

إلى ذلك، أكَّد رئيس الجمعية العقارية العمانية أنَّ المشاريع العقارية الكبيرة التي تم الإعلان عنها تشكل فرصة لإيجاد مطورين رئيسيين على غرار بعض شركات التطوير الرئيسية المعروفة في المنطقة والتي توسعت في الأعمال وشكلت قيمة مضافة لاقتصاداتها، مبينًا: هناك فرص كبيرة في مثل هذه المشاريع لتأسيس شركات تطوير عقاري كبيرة بإمكانها تطوير مخططات كبيرة ومتنوعة ضمن المدن، وأفضل الطرق لتحقيق هذا الأمر برأيي يكمن في الاستحواذ والاندماج على شركات قائمة، عوضا عن تأسيس شركات جديدة، أو إعطاء هذه المهمة لإنشاء وحدات جديدة ضمن شركات قائمة لا تمارس هذا النوع من العمل، وهذا أمر نحث الجهات الاستثمارية والصناديق العامة والخاصة في السلطنة بالعمل عليه وعدم تفويت الفرصة؛ لأن عوائد هذه الخطوة لن تقتصر على أداء مشروع واحد، وإنما ستمتد آثارها إلى ما هو أبعد من ذلك كالاستمرار في عملية التطوير في مختلف المواقع في السلطنة، والتي قد يتردد فيها المستثمر الخارجي، إلى جانب القدرة على المنافسة خارجيًّا بعد اكتساب الخبرة والمعرفة وإيجاد موطئ قدم للاقتصاد العماني في الأسواق الدولية وخاصة الأسواق الإقليمية وتلك الناشئة التي تزخر بالعديد من الفرص.

وتابع الحراضي مؤكدًا أنَّ فوائد الاستحواذ والدمج لا تقتصر أيضا على تلك المعروفة في استثمار الخبرات القائمة والحصص السوقية، وإنما تمتد لما هو أبعد من ذلك في تدوير أموال هذه الاستثمارات في السلطنة وإعادة ضخها في الاقتصاد المحلي. كما تمثل هذه المشاريع فرصة لدخول العديد من الشباب العماني للقطاع العقاري للعمل فيه بشكل محترف في مختلف مجالاته وهي عديدة.

 

تحديات يُمكن تجاوزها

وعن العوائق التي تحول دون تحقيق القطاع العقاري قفزات في النمو، أوضح رئيس الجمعية العقارية العمانية أنه لا توجد عوائق بالمعنى السائد، وإنما هناك تحديات يمكن تجاوزها والتعامل معها، موضحا: "التحديات طبيعة في أي عمل ولكن ما يجعل بعضها يتحول إلى فرص هو سرعة التعامل معها ومعالجتها بشكل شمولي وفي أوقات قياسية، فأحيانا بعض المعالجات التي تأتي متأخرة قد لا يكون وقعها كبير لأن الوقت عامل رئيسي في استثمار الفرص وهو لا ينتظر كما نعلم جميعا، وإن من بين التحديات التي يمكن تحويلها لفرص لدينا هي مسألة تمويل المشاريع العقارية فلا تزال تشكل هذه المسألة تحدي أمام المطورين لتأمين التمويل ولمرونته ونسب فوائده وطرق سداده وغيرها من الجوانب، إلى جانب تمويل المشترين ومحدوديتها أيضا، إلى جانب ذلك حجم السوق لدينا لا يتوافق والمقومات والميزات التي توفرها السلطنة ولا يزال يعتمد بشكل كبير على المشتري المحلي وهو أمر جيد، ولكن إذا ما أردنا أن نحقق قفزات في النمو وزيادة مساهمة القطاع العقاري، فسنحتاج إلى زيادة حجم الطلب وهو يتم عبر برامج تحفيزية للداخل وأيضاً جذب المستثمرين من الخارج، وأما من حيث القوانين والتنظيم فهناك اهتمام واشتغال كبير من قبل وزارة الإسكان والتخطيط لمعالجة الكثير من القوانين واللوائح التنظيمية وطرح المبادرات، ولاشك أن ذلك هو نتيجة التفاعل مع متطلبات السوق والمتابعة الحثيثة له، وأن وجود مثل هذا النهج بشكل عام من شأنه يمثل طمأنة للعاملين في القطاع للاستماع لهم ومعالجة التحديات التي قد تواجههم".

 

رسوم وضرائب

وأضاف الحراصي: الحديث عن الرسوم والضرائب دائماً ما يكون مصحوبا ببعض المخاوف والقلق خاصة عندما لا تكون الصورة واضحة بشكل كبير أو غير منسجمة مع أسواق منافسة مثلا، خاصة في الوقت الذي تقوم فيه بالترويج لجذب الاستثمارات الخارجية، فمن بين الجوانب الرئيسية التي ينظر لها المستثمر هي مسألة الضرائب وتطبيقها ويجري المقارنات مع الأسواق التي يستهدفها في المنطقة، والحديث عن هذه الجوانب ينطبق على الاستثمار في القطاع العقاري؛ فهناك ضريبة قيمة مضافة مطبقة على التداولات العقارية السكنية في البيع الأول والتجاري في البيع الأول وإعادة البيع، فبالنسبة للبيع الأول في العقارات السكنية يتحمل المشتري دفع نسبة 5% من قيمة العقار إلى جانب رسوم نقل الملكية والرسوم الأخرى، إلى جانب الارتفاع المحتمل في سعر العقار أساسا بسبب آثار نسبة الضريبة التي تحملها مختلف أطراف العلاقة في سلسلة التوريد، وإذا ما نظرنا إلى الأسواق في المنطقة فعدد رئيسي منها لا يطبق نسبة الضريبة المشار إليها على بيع العقارات السكنية، ولذلك إلى جانب تأثير هذا الأمر في رفع كلفة التملك للعقار السكني في السلطنة، قد تشكل هذه النسبة أيضا عاملا مثبطا لبعض المستثمرين من الخارج والداخل عند مقارنة الفرص في الأسواق في المنطقة، ولذا أعتقد أن إعادة تقييم المسألة عبر الاستعانة ببعض الشركات الاستشارية المعروفة قد يقدم مرئيات أشمل لها وإذا ما كانت مؤثرة أم لا".

وأوضح أن دور الحكومة يكمن في التحفيز وتوفير الفرص للمستثمرين ووضع التشريعات المحفزة وتسهيل الإجراءات وتوفير البيانات. لافتاً إلى أنَّ هناك نقصًا في الوصول للبيانات التفصيلية التي تساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الاستثمار، إلى جانب رفد العاملين في التحليل الاقتصادي بالبيانات التي تساعدهم على تحليلها وتقديم قراءات تحليلية بشأنها تساعد في انتشار المحتوى العلمي والمفصل عن السوق العقاري العماني، ولذلك السوق بحاجة ماسة إلى إيجاد منصات آنية لنشر المعلومات والبيانات التفصيلية التي تساعد الجميع على القيام بأعمالهم وتنميتها.

وعن تأثير التقنيات الحديثة على تطور القطاع العقاري، قال الحراصي: إن التقنيات الحديثة تقوم بدور كبير في المجال العقاري من ناحية تسهيل العمليات والإجراءات داخل المؤسسات، مثل سرعة إنجاز المعاملات والترويج للمنتجات العقارية وإدارة العقارات والأصول العقارية ودفع الرسوم، وهو ما يقدم بدوره تجربة ملائمة لجميع أطراف العلاقة وإن الأسواق التي تحفز على تبني التقنيات المتقدمة وتطبيقها تكون أقدر من غيرها على أن تكون هي أيضا مصدرة لهذه الابتكارات والتقنيات.

ووجَّه الحراصي نصحه للشباب الراغبين في دخول المجال العقاري، مؤكدًا أن السوق العقاري متنوع من حيث المنتجات والفرص التي به، فيجب تحديد الهدف من دخوله إن كان للعمل فيه والبحث عن وظيفة أم الاستثمار، فإذا الهدف الوظيفة فحتمًا سنشهد فرصا أكبر للشباب العماني خلال المرحلة المقبلة، وهذه من الجوانب التي تهتم بها الجمعية العقارية العمانية، كما أن هناك جهودًا من قبل الجهات الحكومية المعنية لتعزيز دخول الكوادر الوطنية للقطاع العقاري، وأما إذا كان الهدف الاستثمار، فلا بد من الاستعانة بالأشخاص المعنيين من ذوي السمعة الطيبة والخبرة في السوق العقاري للتعرف على الفرص المتاحة لهم واستثمارها.

تعليق عبر الفيس بوك