قصة الوادي الصغير (3)

 

حمد الناصري

انتهز سالم الراس فرصة إجماع الناس عليه، فتقمّص شخصية الجد عبدالاعلى، فقال بلغة غامضة:

- خُصُّوا الحياة بالأمان، واجمعُوا شتاتكم.. فلا نفع يُرجى مِنْ جدلٍ عقيمٍ.

    لفَّ عباءته حول جسده النحيف، واختفى في بطن الوادي الصغير، يتقافز حجارته وبعض الشُّجيرات الصغيرة التي تزاحمت بكثافةٍ على المُرتفعات، اصطدمت قدمُه بحجارةٍ وهو في طريق عودته إلى جدّه عبدالأعلى، وكاد يقع أرضاً، فأوجس في نفسه خِيفة وهو لا يتبيّن يَد امْتدت إليه ورفعته، خوف يُسيطر عليه، لكأنه تلبّس بشيء، وأخذ يُهدهد رُوحه:

- لا تخف.. لا تيأس. كُن قوياً، العين الحاسدة مَردّها كَيْد لا يرحم .

استحضر كلمات جَدّه:

ـ الحاسد خبيث في طلعته ، شرّاني في نظرته ، ذا بذاءة قاسية .. فإياك ـ ولدي ـ أنْ تَحقد على أحد أو تقتربْ منه.

 

سكت ثم ردّد في نفسه :

 

ـ القلب مَصدر كُل قُوة .. النفس الطيبة انتصار على الشر.

 

**

خوف يُسيطر على سالم الراس وهو في بطن الوادي.. تعاويذ يقرأها وأحجبة غامضة يَشُق عليه حِفْظها وهو على وجَل وخوف والعَجل بلغ به مَبلغاً غليظاً ، ازدادت مشاعر الظلام فخشيَ أنْ يزداد ولا يَلقى ضالته. تمنّى لو أنّ عُجالة شديدة تُنجيه من بطن الوادي ، توقف بُرهة وأخذ يُنَشّط أفكاره من خوف يُسيطر عليه ، إحساس يَربطه بمشاكل أخرى .. لوح رأسه وتمتم.. أين المَفر..؟ هل أبقى في ظُلمات الوادي ، لا أرى غير صخر مُتوحش.؟.

 

سحب نفساً وأخرجه بضيق ، لم يَسْتيقِن .. وضع سبَّابته بين شفتيه، واستطرد :

 إذا كان نهار الوادي مُوحشاً.. فما بالك بالليل.؟ أليس في الأمر مُجازفة...؟ وهل من الحِكمة بمكان أنْ أُلقي بنفسي إلى التَّهلُكة...؟

 

سكت .. كأنه يلتقط أنفاسه المُتسارعة.. وهزّ رأسه :

 إني أحتاج إلى مُؤنس أشدُّ به أزري.؛ فليس من الأمان أنْ ألازم صُخور صَمّاء ، ولئنْ أصارع وحُوش بشرية خير لي من أبقى في هذا الوادي بلا مُؤنس .؛

 

اتكأ على صَخرة، ومدَّ بصرهُ .. وتراءتْ له وحشة المكان، كضَيْق يُمزّق صفاءهُ ويَخنقه ، يرتدي قميصاً ، رثةً خشنةً ، خيوطها مُنسَلَّة ، مُمَزَّقة.. رائحة عرقَ الرجال تُخالط وحشة المكان.. وفي قدميه نَعلين مُهترئتين ، كأنَّهما انسلختا من جلدهما.. يبدو كما لو كان غير مُنتعلاً.! وتساءل في نفسه :

 

لماذا أدفن رأسي وأنا في بداية الطريق وأنا ما زُلت صَلداً قوياً.. واستعرض ذراعهُ وشدّه بقوة إلى الداخل ، أنا لا زُلت قوياً.؟

 

توقف فجأة، مدّ بصره بعيداً.. وحَدّث نفسه.. كم هو الغروب إبداع مُضيء في السماء ومن حوله كوكب دُريّ يتوسّع وَهْجه والرمال في بَسْطة مُستقرة وأطرافها ، لم تزل على غيهب لا ضوء فيه ولا وهج.

وكأنه يستعجل نفسه .. يجب العودة حالاً إلى داري، يجب أنْ أغادر هذا المكان المُخيف قبل أنْ يسأل عني جدًّي.

 

***

 

وفي هَدأة الليل المُمتدة في الآفاق، كان "بشير" خادم الجد عبدالأعلى يترقّب بقلق وخوف ، تَحُفّه مشاعر الثقة والأمل بأنّ ترقّبه في شدة الظلام حدثٌ مُنتظر لن يُخيّبه ظنه أبداً .. وحدّث نفسه :

 

 ليتني أجد حفيد الجد عبدالأعلى فأحظى بكرامة سيدي الاعلى وأنالَ تقدير سالم الراس .

 

 وحين وقعتْ عينه في أفق الرمال ، تراءى له من بعيد حفيد الجد عبدالاعلى ، فتصدى له ، وفي نفسه مشاعر حُظوة كرامة السماء:

 

ـ سيدي إِنّ جدّك عبدالأعلى قَلِق على غِيَابك وتوعَّد كُل من مَسَّك بأذىً ..و .. سكت.. ثم اردف:

 

ـ  جدّك توعّد بأنْ يقطع اليد التي تُؤذيك.؛

 

حملق سالم الراس ورفع رأسه ينظر في وجه بشير:

 وتمتم في نفسه :

 

ـ وفي هدأة الليل الاجفان ساعية.. وصَمتها تفاصيل في الرّاس عامرة .. وفهي الاماني لا شيء تاليها .. حُظوة البُشرى وسِرّها جدّي عبدالاعلى.

 

 أبطأ بشير الخُطوة ، فتقدّم سالم قليلاً ، والتفتَ إليه وفَهِم ما يَرمي إليه .. فسرّع خطواته حتى لحق به ، وأردف:

 

ـ سيدي ، لم أجد أكثر تعبيراً لمقامكم غير أنْ أبطأ في خطوتي  .. وفي ظني أنّ القلوب البيضاء لا تعرف السوء ، فقد تقصّيتُ أمرك واقتفيتُ أثرك بأمر من جدي الأعلى ، فما وجدت فيك غير حنين للوادي وإخلاص للقرية ووفاء لعهد سيدي عبدالاعلى. وذلك هو النقاء والوفاء.

 

سكت ولم ينبس بحرف .. ولم يكلمه سالم الراس ، يتماشيان جنباً إلى جنب ، إلى أنْ وصلا إلى حضرة الجد الأعلى ... فأومأ عبدالاعلى إلى حفيده ، أنْ يقترب وهمس في أذنه كلاماً  واخرج ما في جُعبته ،  ثُم اتكأ على وسادة في تواضع وسَمْت وأردف:

 

ـ الحقيقة ـ يا ولدي ـ  كرامة الوادي لا شيء مِثْلها حتى وإنْ دُمّرت حقيقتها فإنّ أثَرها باقياً .. والذين هُم من صُلْبنا الأعلى مَجْد ذلك الأثر .؛

 

فهمَ سالم الراس بأنّ جدّه عبدالاعلى ، يُريد أنْ يُوجهه للقيام بدور المسؤولية في الوادي ، وحدّث نفسه :

 

 إنّ التعامل مع الأكبر سِناً من أصْعب الأشياء التي ستواجه مسؤوليتي.؛

 

سرح قليلا.. وكأنه يستدعي شيئاً ما وتخايل :

 

 إذنْ لا بُد من تهيئة تفاهُمات بشأن انتقال وراثة إمارة جدي في الوادي الصغير.

 

نادى "سالم الراس" في الناس ودعاهم إلى اجتماع وأقعد المُقربون منه إلى جانبه، وبدا حديثه مع الرجال يطول ، وكأنه لأول مرّة يلتقي بهم ويجتمع ، مُتقمصاً شخصية جده عبدالاعلى، وأفردها بكلمات توجيهية:

 

 

ـ أيها الناس عليكم أنْ تُطْلِعوا بعضكم على خيراتكم، كما تُظهروا مَعادنكم، وأنْ تخرجوا ما عندكم هو خيرٌ لكم وأبْقى ، واعلموا أنّ السماء مُطّلعة عليكم فكونوا على رشاد وعلى نقاء صُدوركم ، وأَبْصروا بقلوبكم الحياة الجميلة ومن أبْصَر فلنفسه وكانت عاقبته أمان واطمئنان ، واعْمروا الارض بلا فَرْط أو إسْراف .. وكُلوا من أطايبَ ما عندكم، جماعات وفرادى، ولا حرج عليكم إنْ اختلفتم في أساليب طعامكم ، ما لم يكن مكروهاً أو مُحرمٌ عليكم ولا غرابة ولا عجب إنْ اتقيتُم في حياتكم قليلاً أو كثيراً فلكلّ منكم حظاً وافراً أو حظاً مُقَدّراً غير منقوصاً فيه ، ولنْ يُصيبكم ما أصاب غيركم وخُذوا بالأسباب وكُلٌ حسب استطاعته، فلعلّ يَحدث بعد ذلك مَخرجاً وأمراً يكون فيه سَبيل لحياة مُطمئنة وتسعد النفس بما وُهِب لها من عيش كريم ، فلا أحد باقٍ ولا شيء خالد ، إنا ـ جميعاً ـ راحلون إلى غيهب مجهول  وشدّة لا زاد لنا فيها إلا ما قدّمناهُ من خَيْرٍ لأنفسنا ، نُدركه يومئذ ، لحظة انكشاف كل شيء .. شجرٌ وأغصان وزخارف فاخرة

وبُسُط مَبثوثة ومحاسنَ مرفوعة ، وأما الذين لم يتزوّدوا بسعادة أعمالهم لخير الناس ، ومُدّت لهم  الحياة وكانوا في ضلالة من أمرهم قولاً وعملاً ، فإنهم وبلا ريب ، ويومئذ يُسارعون في الخروج منها ، ولو كانوا أجداثاً هامدة او في حالة سكون جامدة ، تنتظر الخلاص من شدة وظلمة يومئذ .. وفي هذه الحياة التي نتقاتل من أجلها ونظلم فيها بغياً وعَدوا ، نخرج منها ، كما خرج الذين من  قبلنا ولم يُعْطَوا شيئاً منها غير دَرس واحد ، أنّ الوَهْم صَفعة من صَفعات الانغماس في شهوات الحياة والانسياق إلى أفعال مُشِينة لا يُمكن إصلاحها يومئذ.. وما كنت ترجوهُ وتأمله كُشِف لك وظهرَ ما كان مَستوراً.

 

أيها الناس .. القاعدة واحدة لا تختلف ، من لا خير فيه لنفسه وأهله لا خير فيه لغيره .. وتجاربنا المريرة ليست مَخالباً ، وفي كلّ تجربة بوسْعك أنْ تصنع فيها لنفسك شيئاً  مذكوراً ، وذلك هو ملاذٌ آمناً أو هو فَضْل لخير أبْقى.؛

 وأمّا الذين غرقوا في متاهات الغُرور، واتخذوها هُزواً ولَعِباً وسُخرية، واعتمروا سَخافة القول وقباحة الحديث ووقاحة التعبير يُحدّثونَ الناس عن الأمكنة والتراث وعن حُقب تاريخية كذباً وزوراً ، فإنّ مَنشأً ذلك خواء فكري خطير وظاهرة قاتلة لا أصل لها ولا جذور ، ونحن أحقّ في وصْف تُراثنا الأصيل، بل نحن من يَرث مَقامها وكُلٌّ إلينا  يعود ويرجع ، ولا  نقول ذلك عن فظاظة أو غِلْظة على أحدكم.؛

 إلاّ على أؤلئك النّفر ، غُرباء وادينا الصغير الحاقدين على أمْكنتنا وتُراثنا وقد دَعَتهم أنفسهم إلى الفُحش والصّلف ولم يَزدهم إلا نُفوراً وانهزامية ومَلامة.

وحسبي أنّ أؤلئك النفر من بني القرية الاعلى، ارتفعت مخاوفهم وفُزعوا مذعورين وكأنّ تهلكة نزلتْ عليهم فجأة ، فعاذوا برجال مِثْلهم فلم ينفعوهم بشيء ، فزادوهم رَهقاً وهُم في ضَلالة، ويقطعون على انفسهم عهوداً فخانوها ونقضوها ، ظناً منهم بأنهم قادرين على الالتفاف على رجال الوادي الصغير وإرهابنا بأقاويل بلغت حدّ الخطايا الآثمة .. أؤلئك الرجال من القرية وبعض من حيّ التلال فقد وصلوا حدّا لا يُطاق من الغيّ والسفاهة، ودفعوا ببعض فِتْية بالسّفر في عرض الوادي وطوله ، استشراقاً سَهلاً وعرضاً رخيصاً حتى بلغوا نصَباً من السّيْر في طول الوادي وعَرضه ، بُغية الوصول إلى نبع الماء وعينه العميقة ووصُولاً إلى جُذوره المُمتدة وأعماقه البعيدة.

وكانت نهاية أمرهم أنهم لم يجدوا مَسْلكاً ولا مَنفذاً، واستنزفوا قُواهم ، وضاقتْ بهم الحِيَل وتفرّقت بهم السُبل وتشتّت صُروفهم وتاهوا في بقاع الرمال وكثبانها وتِلالها العالية ومات أكثرهم ودُفِنت أجساد من علقَ فيها ، ولمّا أحسّوا بأنه لا مَلْجأ ولا مَنْجى منها، تعاهدوا بينهم بأنْ يُنشئوا موثقاً مع رجال التّلال الذي يحسدون رجال الوادي الصغير ، فدلّهم رجال التلال ، على تاجرين للعسل والتمر فهم من كبار حيّ المالح وسارا معاً إليهما ، وحين وصلوا طريق أرْحَب على بُعد أميالٍ من حيّ المالح استشعروا بالأمان ، وجاء تاجر العسل والتمر وأخوه بائع الملح وكانا من أهل حيّ المالح وابتاعوا منهم شيئاً من التمر والعسل وقليل من الملح فرحّبا بهم وسمحا لهم بالبقاء في حيّ المالح وعلى ضمانتهما مُقابل شراء كل العسل والتمر المُجفّف لديهم وشراء الملح الذي في خزائنهم ، فوافق الغُرباء بشرط أنْ يتخذوا من أطراف حيّ المالح حياً خاصاً بهم ويكون لهم سَكناً ومَقاماً ومُلكاً ، وكان بائع العسل والتمر وأخوه بائع الملح من أغنياء حي المالح .

 

 والاخوين هُما الّذَيْن عرضا على قومهما مكسب الغُرباء وجادلوهم في أمر بقائهم وأقنعوهم بتقاسم المعيش في حيّ المالح بأنْ يُعطوهم حياً مُلكا لهم ، وذلك لأجل منافع الحيّ وانتعاش تجارة البيع والشراء .. كما اقنعوا قومهم ، بأنهم غُرباء وحيّ المالح اشتهر بالتآلف مع كل غريب والتجانس مع كل مُختلف ، فضلاً عن المنافع التي سوف تعود للحيّ.؛

 

وقال " فالع" تاجر العسل والتمر بحيّ المالح بثقة :

 

ـ نحن ماضين قُدماً ، لزيادة التجارة بيننا وسنعمل على إبقاء  العوائد بعيداً عن الركود الذي قد يُسبب انخفاض التبادل التجاري الذي نطمح إليه ، وهذه فرصة لا تُعَوّض لأهل حيّ المالح.

 

كما بيّن "فَلّوع " تاجر الملح فوائد التجارة مع الغرباء:

 

ـ  تجارة الملح للغرباء تعني ارتفاع نسبة المعيشة لأهل الحي ، وتغيير جذري في رفاهية المعيش ، والاهم هي مَنافعنا ، ثم علاقتنا مع الوادي الصغير وقريته الأعلى على أساس المنافع  وإن تقاطعتْ معنا ، فإنّ الغرُباء على استعداد لدفع قيمة وفيرة لشراء تَمورنا وشراء خزائن الملح وكذلك العسل .. وأنّ فلسفتنا تنطلق من مفهوم منفعتنا أولاً.؛

 

                           ***

 

شرع الغُرباء على تبنّي حركة جديدة في حي المالح وترسيخها وتثبيت معالمها ، فقال كبير الغُرباء لجماعته :

 

ـ هؤلاء الاقوام بُلداء ، عاجزين عن تثبيت قوتهم ، بُلهاء فاشلين لا صناعة لهم ويهمهم المكسب ، وإنْ شرعنا في صناعة مُحرّمات لهم فسوف يبتاعونها مِنا بقدر ما نقوم من شراء العسل والتمر ثم نُعيدها إليهم بطريقة مُختلفة ، ويعني ذلك أننا نُداول البيع والشراء بيننا ، نشتري منهم ونبيعهم أشكالا مختلفة فنكون نحن أكثر المُستفيدين.. إلى جانب صناعة المُحرّمات لهم بطريقة أخرى.

 وما يُقلقني ويقضّ مضجعي أنه في اعتقادهم أننا غُرباء ، ويعني ذلك بأنه قادرين على تأليب مُجتمعهم علينا في أي وقت.؛

 

قاطعه رجل من الحاضرين :

 

ـ  لا بد لنا من حدث جديد ، ندفعهم إلى التقارب معنا ، فلنبدأ بالاختلاط ولنشرّع لهم التعايش بمدّ الصلات الاجتماعية.. فهي حق بشري ، انساني.

 

قال آخر مشاركا الحديث مُستهزئاً :

 

ـ إني أغبطهم على غباؤهم ، يثورون وتعلوا أصواتهم ثم ما تلبث أن تنطفي كما تنطفي شُعلة النار .. وكأنّ شيئاً لم يكن.؟

 

قال الأول مُؤكداً :

 

ـ رجال حيّ المالح ـ لا يقلقون من وجودنا ،  على عكس رجال الوادي الصغير والقرية  الذين لا نضمن تجاورهم فهؤلاء لديهم قابلية التعايش معنا. فلنضاعف التجارة معهم .

 

قال كبير الغُرباء بهدوء:

 

ـ ذلك ما فكرت به .. فالتفكير في أمر التعايش مُهم جداً وتوثيق الروابط التجارية هي المدخل الحقيقي ، إنني سعيد بأنكم تُفكرون ما فكرتُ به وتُؤمنون بأنهم قوم بُلهاء لا يُبصرون وعلينا أنْ نضاعف ما يتراءونه كي نضمن وفاءهم ، ونتحكّم في مصائرهم. ولكن هل من فكرة أخرى نجعلها فاتحة نشد بها الوثاق ونتحكّم بهم .؟

 

قال المحاور الأول بغلظة :

 

ـ الفكرة كالتالي : نبدأها بخطف أحد رجالهم المُهمين، ونتهم رجال الوادي بأنهم اجبروا المخطوف قسرياً ونُؤكد بأنهم هم الخاطفون ونطلب منهم وقتاً كي نتدخّل في الامر ، ونبحث عن المخطوف بلا توقّف ولا هوادة ونمنعهم من المشاركة في البحث ويقتصر علينا  فقط، وهكذا نضمن بأنّ رجال الوادي الصغير والقرية سوف يدعوننا إلى فضّ النزاع بينهم ونأتيهم بحلول من تفصيلنا وبقوة منا.

وبذلك سوف يعتبروننا المُخَلّص لهم، فيأتمرون بأمرنا ثمّ نكسب ولاءهم في كل أمكنة الوادي الصغير.

 

قال قائد الغُرباء بهدوء:

ـ علينا اختيار الشخصية المُهمة بعناية فائقة ، ونُمخمخ قضية اختطافه برعايتنا ..والرجلين المُهمين في حي المالح هما التاجرين  ، فنقوم بخطف أحد التاجرين ونعهد خطفهم برجال مُلثمين لا يعرفونهم بتاتاً ، ثم يغيب لأيام عنهم ، ونقول لهم سنعيده إليكم بمقابل أن يسمحوا لنا بتملك الحي وتعديل التسميه فوراً.؛

 

وبعد أيام نُعيد الكرة بطريقة مختلفة نقتل أحد رجال الوادي أو احدى نساء كبار القرية ونتهم فيه قوم حي المالح، ونجعلهم مُختلفون ويقتلون بعضهم ثم نتدخل في وقف الاقتتال فنكون أصدقاء الجميع ، رجال الوادي الصغير ورجال الحي المالح.

 وبعد سنين من الوئام ، نُعيد الكرّة عليهم ونعمل بذكاء لفصل القرية عن الوادي الصغير بطريقة مناسبة ونعلها خطة مكتوبة موثقة لمن بَعدنا فيقوموا بتنفيذها بحذافيرها وزيادة.. وكل ذلك بالسر وفطنة، ونجعلهم  لا يعلمون شيئاً عن تفاصيل الخطة لخمسة أجيال قادمة بأننا سبب فتنتهم وتفرّقهم .. فيكشف لهم الزمن فقط بأننا غُرباء ولسنا أصدقاء،  إلا وفق مصالحنا أولاً ، ومجيئنا ليس لفعل الخير لأجلهم ولكن لمنافع لنا.؛

 

صفّق الحاضرين لقائدهم الجديد ، مؤكدين سير الخطة وفق ما خُطّط لها وبقاء قوة الغُرباء وتثبيت مكانتهم في مجتمع الوادي الصغير وحيّ المالح.

تعليق عبر الفيس بوك