منصة "جود".. باب جديد للعمل الخيري

 

علي بن سالم كفيتان

أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية منصة "جود"؛ وهي عبارة عن مظلة رقمية تضم جميع الجمعيات والفرق الخيرية في سلطنة عُمان، وتُسهِّل كل أشكال الدعم الفني بين المانح والمُستفيد في مجال التبرعات الخيرية، وتتيح للأفراد والمؤسسات التبرع إلكترونيًا، بحيث يختار الشخص أو الجهة المتبرعة الحالة التي يريد التبرع لها في خطوات سهلة وميسرة وآمنة، تضمن وصول العمل الخيري لمستحقيه في وقت قياسي.

يأتي هذا الجهد في إطار سعي وزارة التنمية الاجتماعية الحثيث لرقمنة خدماتها ومساعدة مؤسسات العمل المدني المعنية بالعمل الإنساني وخدمة المجتمع للوصول الى المستهدفين في أقل وقت ممكن وتحت مظلة واحدة.

وتأتي منصة جود ضمن مستهدفات رؤية "عُمان 2040" في مجال السعي لتوفير الرفاه والحماية الاجتماعية، من خلال بناء قاعدة بيانات دقيقة ورصينة للمستفيدين من خدمات الجمعيات والفرق الخيرية والحصول على تدفق آمن للبيانات، بحيث يمكن البناء عليها في مجال حساب المؤشرات الاجتماعية في البلاد، وهذا بدوره يعمل على تحسين مناخ العمل الخيري، ويمكن المتبرع من الوصول للفئات التي يستهدفها؛ كون المبادرة تُصنِّف حقول العمل الخيري في هذه المنصة إلى: التبرعات العامة، وكفالة الأيتام، والوجبات المدرسية، وكسوة العيد، والصدقة الجارية، والأضاحي، والزكاة، والمساعدات السكنية، والإغاثة والكوارث، وغيرها من أبواب الخير. وهذا العمل النبيل يُعزز ثقافة العطاء، ويُنظِّم عملية التبرع ويشجع الانتقال إلى الاستخدام الرقمي للتبرعات وتحظى هذه المبادرة بدعم من شرطة عُمان السلطانية ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة الداخلية والإعلام ومركز التواصل الحكومي وهذا ما يوفر غطاءً رسميًا لهذا العمل الإنساني العظيم ويشجع جميع الأيادي الندية للعطاء والبذل في مختلف أبواب الخير.                    

ولقد فعلت وزارة التنمية الاجتماعية منصة "جود" منذ أكتوبر 2023، في إطار خدماتها الإلكترونية وتطمح لتحويل العمل الخيري من النمط التقليدي الحالي الذي يستهلك الكثير من الوقت والجهد إلى عمل إلكتروني مُيسَّر يُتيح لجميع شركاء هذه النافذة الإنسانية الانسيابية الكافية لبلوغ الهدف الأسمى من التراحم بين الناس، ولا شك أنَّ المبادرة خلقت ساحة جديدة للعمل الخيري المنظم وكفلت الاختيار التام للمتبرع، ووفرت قاعدة بيانات عريضة للمستحقين سواء كانوا أفرادا أو أسرا أو مجتمعات داخل البلاد أو خارجها، بحيث تتم العملية في وقت قياسي عبر خطوات بسيطة من خلال الهاتف النقال، وتضمن هذه العملية مأمونية العمل الإنساني وعدم استغلاله لأهداف أخرى، من خلال إشراف ودعم الجهات ذات العلاقة لهذه المنصة.

عُمان هي بلد التراحم والتواد، فهذا الوطن ينعم بالتصالح مع الذات الفردية والاطمئنان والموثوقية بدولة المؤسسات والقانون ويحس المجتمع اليوم أكثر من أي وقت مضى بمصداقية وإخلاص الحكومية للدفع بمنظومة الحماية الاجتماعية وجعلها ضمن الأولويات الوطنية؛ حيث يتكاتف الجميع للأخذ بيد الفئات الأكثر تضررًا من التغيرات الاقتصادية الحادة خلال الفترة الماضية، ولا شك أن المجتمع هو عضيد الحكومة لهذه الأولوية. لهذا تأخذ مبادرة جود على عاتقها لم الجميع تحت سقف واحد وفق آلية واضحة وميسرة تخضع للحوكمة؛ فالعمل الخيري غير المُنظَّم قد يتخطى الكثير من الفئات الهشة في المجتمع بحيث يتم توجيه الدعم لغير مستحقيه، لكن من خلال هذه المنصة ستتوافر بيانات دقيقة تمكن القائمين من دراسة مؤشرات ومنافذ التبرعات وحتى رغبات المتبرعين وتوجهاتهم وعلى ذلك تبنى السياسات وتصاغ القوانين الميسرة للعمل الخيري في بلادنا.

يتوجب على الجميع دعم مثل هذه المبادرات الخيِّرة والمساهمة في بمد يد العون للفئات المستحقة في مجتمعنا، دون تردد، في ظل تسهيل وزارة التنمية الاجتماعية الوصول للمحتاجين بكل يسر وسهولة بلا مِنَّة أو أذى؛ حيث تكفي عدة نقرات على هاتفك النقال لدعم أسرة معسرة أو إنسان موقوف بدين بسيط تستطيع فك كربته وإعادته إلى أسرته، وهكذا هي جميع أبواب الخير التي شرعها ربنا- جل وعلا- وأطرتها القوانين والأنظمة؛ فالعطاء بابٌ من أبواب الجنَّة مهما صغر ذلك العطاء، وهي ثقافة ليست بغريبة علينا في عُمان الخير والجود والتسامح والإخاء، التي أرساها باني نهضة عُمان السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ويدعمها بسخاء مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.

ستظل عُمان مظلّة للتعايش والسلم والإخاء، وسيظل هذا الشعب العظيم يجود بما بين يديه لخير البشرية وصلاح الإنسانية.