ألا إنَّ سلعة الله غالية

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي

 

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنَّة".

نعم.. إنَّ سلعة الله غالية وقد اشترتها غزة برجالها ونسائها وأطفالها وأرضها وجوها وبحرها فيما آلت إليه أحوال الدهر وأخلاق العباد في هذا العصر الأسود الفعال فلا طائل من صراخ أطفال أو استغاثة عجائز من شبح موت قادم ومن سحق بشر، منذ 9 أشهر بلا حراك.

اليوم أبشركم جميعًا بأنَّ أهل غزة اشتروا الآخرة وباعوا الدنيا الفانية بأهلها الفاسدين وأُناسها الظالمين، فلقد أسكتت كلمة الحق وبقيت أبواق الباطل تنعق في فضاء الخيانة والطغيان على شعبٍ أعزل يموت كل يوم مئات من أهله بلا جريرة ولا قصاص في مذابح جماعية وإبادات ممنهجة ودعم صهيوني من بقاع العالم ومن أقوى دوله الراعية للإرهاب بشتى صوره.

فتكٌ بالصغار قبل الكبار من أجل نزعات انتقامية لتنفيذ تطهير عرقي في بلد يطالب بحريته واستعادة حقوقه وتحرير أرضه، بينما تقف جيوش الباطل تمد الظالم بكل شيء في عالم الإجرام بدلًا من منعه مع كذب مُصطنع وتمثيليات واهية مكشوفة وصمت مطبق خيَّم على الحملان حتى لا تأكلها الذئاب المفترسة وقد انغرست حتى أذنيها في وحل المكر والكذب والخيانة فهم لا عهد لهم ولا أمان سوى افتراس ضحاياهم والفتك بهم.

سلعة الله غالية وسلعته الجنة وقد اشتراها أهل غزة بجهادهم لعدو محتل غاشم فهم أسود في كل شبر من غزة قلبوا موازين كثيرة في عالمنا المتغير المتحجر فمع مشاركة دول العالم القذرة في حرب غزة واجتماع أنذالها لدحر غزة إلّا أن طلائع الإيمان وطلائع التوكل على الله أفشلت كل مخططاتهم المجنونة وبقيت صامدة إلى اليوم تضرب المُثل لعالم باع ضميره وخلقه من أجل حفنة من عبدة الطاغوت وأعداء الإنسانية.

أبطال غزة الأحرار ليس أمامهم سوى طريقين جلهُما فخر للمؤمن إما النصر وإما الشهادة وذلك مبتغى كل لبيب عاقل وسوف يجازيهم الله خير الجزاء.

ما حدث ويحدث في غزة من استهتار أزكم النفوس الصمت عليه وفاحت ريحه النتنة في بقاع الأرض هو دليل على سقوط الإنسانية وسقوط أخلاق البشر في مستنقع فساد الدين والخلق والمبادئ فلا أخزى من صور القتل والتدمير التي تقام على غزة وأهلها وأمام مرأى عالم جبان صمت عن وقف العدو المحتل عن مجازره وأفعاله ولن يسلم أحد من دماء شهداء غزة ولكن الله يمهل ولا يهمل، ألا إن نصر الله قريب.

اليوم نقول جميعًا وللعالم أجمع أنقذوا ما تبقى من ماء وجوهكم الكدمة المغبرة بتراب شهداء غزة وأوقفوا هذه الحرب الهمجية غير المتكافئة بعدتكم وعتادكم وبكلمة الحق في وجه ظالم وبالإرادة الدولية أوقفوها فلقد بلغ السيل الزبى وفاحت روائح الخبث النتنة في أرجاء الأرض واكتمل فناء أمة لم تسعَ سوى لنيل شرفها وحقوق وطنها المغتصب.

باع العالم غزة وبقيت فئة قليلة اشترت سلعة الله الغالية بأثمان باهظة ونالت رضا ربها الذي سينصرها وينصفها في القريب العاجل بإذن الله فمن باع نفسه لله لن يخزيه الله.

يقول تعالى: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"، ويقول " يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ".

اللهم انصر الإسلام والمسلمين ودمر أعداء الدين.. اللهم انصر إخواننا في غزة وفلسطين ونجهم من كيد أعداء الدين، واجعل الدائرة على عدوهم ومن سانده يا رب العالمين.