أثر الاحتراق الوظيفي على أداء الموظفين

 

أمل بنت سالم الجردانية

يُعد العنصر البشري من أغنى الموارد في أي مؤسسة، ويُمثل القوة الدافعة لتكوين فريق عمل ناجح؛ إذ يُسهم في تحقيق أهداف المؤسسة، وبالتالي يتحتم علينا الاهتمام بهذا العنصر من جميع الجوانب لتنميته وتطويره وتأهيله.

الموظف يمضي مُعظم وقته في العمل، وفي بعض الأوقات يحتاج لزيادة ساعات العمل حتى ينتهي من الأعمال الموكلة إليه وقد لا ينتهي وهذا قد يؤدى إلى شعوره بعدم الراحة والتوتر النفسي والضغط الذي قد يُؤثر على الإنسان سلبيًا، مُسببًا له الشعور بعدم الاتزان والفرق الكبير بين ما يبذله وما يحصل عليه من نتيجة. ويأتي الاحتراق نتيجة لهذه الضغوط، والمصاب بالاحتراق يشعر بفراغ، ويفقد الرغبة في بذل أي مجهود، كما إنه لا يرى أي أمل في تحسين الوضع.

ظاهرة الاحتراق الوظيفي في القطاعين العام والخاص، مصطلح أصبح واسع الانتشار وسمة من سمات بيئات العمل، إضافة إلى كونه مرضًا عصريًا شائعًا وظاهرة نفسية انعكست على أداء الفرد المهنية وسلوكه ونفسيته.

ويُعرَف الاحتراق الوظيفي بأنَّه نوع خاص من الضغط العصبي المرتبط بالعمل، وحالة من الإجهاد البدني أو النفسي، ومن أعراضه تراجع الإنتاجية وفقدان الهوية الشخصية، والتأخر في العمل، أو عدم الوصول على الإطلاق، مع تجاهل مكان العمل، وظهور العدوانية ضد رؤساء العمل والتعارض المُستمر مع الزملاء، وانخفاض الأداء وجودة الخدمة، علاوة على الشعور بنقص التحفيز والظلم الوظيفي وقلة الصلاحيات.

وتبرُز علاقة قوية بين الاحتراق الوظيفي ودوران الموظفين؛ إذ يترك الفرد وظيفته أو يعمل في مجال أو مهنة مختلفة أو قد يرغب في التقاعد في سن مبكر.

والباحث عن أبعاد الاحتراق الوظيفي يجد 3 أبعاد رئيسة:

  1. الشعور بالإجهاد الانفعالي (الإرهاق النفسي الشديد والشعور باستنزاف الطاقة).
  2. ضعف العلاقات الإنسانية (زيادة الانغلاق على الذات وظهور مشاعر سلبية تجاه العمل).
  3. ضعف الإنجاز الشخصي (انخفاض الشعور بالكفاءة في العمل)، وهو ما يجعله يعيش بمعزل عن الآخرين ويُستنزف نفسيًا وعقليًا وجسديًا، ويوصل لحالة من عدم التوافق بينه والعمل.

لا يحدث الاحتراق الوظيفي بين ليلة وضحاها، وإنما تنتقل المشاعر والأفكار والأفعال عبر مراحل مختلفة والتي لا تبدو ذات تأثير قوي في البداية، لكنها في النهاية تؤدي إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي التي تجعله يصعب عليه تنفيذ واجباته المهنية وتسود الحياة معه.

ولا يقتصر الاحتراق الوظيفي على الإرهاق الشديد فحسب؛ بل يُمثِّل مشكلة ليس فقط على الحياة العملية كذلك على الحياة الأسرية، وأهم أسبابه الإهمال وعدم الرضا عن كونه معهم وحاله منهك، وفي هذه الأحوال يستدعي إيجاد حل شامل.

ويتطلب التغلب على هذه المشكلة تشخيصًا دقيقًا من الموظف أولًا فيما لو كان يعاني من احتراق وظيفي من أي درجة كانت، بعدها يبذل أقصى جهده لتحقيق التغيير، وإذا وجد نفسه يفشل رغم كل الجهود التي يبذلها، فقد يكون بحاجة إلى إعادة تقييم مسار وظيفته؛ لتحديد ما إذا كان في المكان الصحيح الذي يناسب مهارته وتطلعاته.

وللاحتراق الوظيفي مصادره؛ كالسِن وسنوات الخبرة والمستوى التعليمي والتوقعات المهنية التي تُدرج تحت عوامل ومتغيرات شخصيتِهِ، أما من الناحية السلوكية المصاحبة فتتمثل في: ترك المهنة وزيادة معدل الغياب والتعب من أقل مجهود.

وثمّة دراسات عدة، أُجريت على الاحتراق الوظيفي، كان من أبرز نتائج تحليلها وجود علاقة وتأثير بين الإحساس بالاحتراق الوظيفي والأداء المهني.

خلاصة القول.. إنَّ الاحتراق الوظيفي يؤثر على حالة الموظف النفسية، ويُسبِّب له مجموعة من الاعراض؛ كالارهاق وعدم الرضا عن الذات ويكون سببه انعدام التوازن وغياب التشجيع. وطريقة التعامل في مثل هذه الظاهرة تتجلى في الحرص على خلق مناخ عمل مناسب، وإعطاء أهمية للعلاقات الانسانية؛ مما يزيد الموظف دافعيته للعمل وتقديم أفض مستويات الأداء. والاهتمام بجودة الحياة الوظيفية من خلال الاستقرار والأمان الوظيفي، وتوفير المكافآت والتوازن بين حياتهم الشخصية والوظيفية.. هذه كلها عوامل من شأنها الحد من مستوى الاحتراق الوظيفي الذي قد يشعر به الموظف، ويجب علينا العمل على ضمان جودة الحياة الوظيفية في تحسين مستوى الأداء.

تعليق عبر الفيس بوك