عُمان والكويت.. علاقات متجذرة ورؤى مشتركة

 

 

د.سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

 

بالنظر للموقع الجغرافي لكل من سلطنة عُمان ودولة الكويت، نجد أنَّ عُمان تقع في أقصى الشرق، وتُشرف بشكل مباشر على عنق الزجاجة مضيق هرمز، كما أنّها تقع في منطقة آمنة بعيدة عن أية مهددات جيوسياسية قد تعصف بالمنطقة؛ فيما تقع الكويت في أقصى الغرب في نهاية الخليج العربي؛ وبالتالي فإن الدولتين تُعدان كرُمَّانة الميزان لعموم المنطقة؛ من أجل الحفاظ على استقرار الأوضاع في هذا الجزء المهم من العالم، لا سيما مع اشتداد الصراعات الدولية.

وعند الحديث عن سرِّ العلاقات المتميزة بين عُمان والكويت، والتي امتدت لعقود طويلة، يقفز إلى الذهن مباشرة الارتباط التاريخي بين البلدين، لا سيما تلك المتعلقة بالتجارة البحرية، والتبادل التجاري، وما نتج عنها من ثمار اقتصادية، وتأثيرات حضاريّة متبادلة ثقافيًّا واجتماعيًّا لا يمكن التغافل عنها أو تجاوزها. فمنذ القدم، كانت الكويت إحدى المحطات الرئيسية للسفن العُمانية المتجهة إلى البصرة. وفي المقابل، كانت الموانئ العُمانية محطات رئيسية للسفن الكويتية التجارية المبحرة في مياه المحيط الهندي. ونتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية في منطقة الخليج بسبب إفرازات الحرب العالمية الأولى، كانت السفن الكويتية تصل إلى عُمان بغرض التزود بالمواد الغذائية، خاصة الأرز، وخلال الحرب العالمية الثانية استمرت السفن الكويتية بالتردُّد على المحطات العُمانية لاستيراد السلع النادرة إبان تلك الحقبة مثل السكر.

وحاليًا، ونتيجة لذلك؛ فإنَّه لا غرابة ألبتة من استمرار هذه الصلات، والتأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وأهمية البناء عليها لحاضر ومستقبل البلدين؛ بما يحقق الأهداف المشتركة لرؤية عُمان 2040، ورؤية الكويت 2035؛ حيث شهد شهر فبراير من هذا العام زيارة دولة لأمير دولة الكويت صاحب السُّمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى سلطنة عُمان. ولعل أبرز النتائج المباشرة لتلك الزيارة هي افتتاح مشروع مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية في ولاية الدقم بمحافظة الوسطى، والتي يُعول عليها قيادة قاطرة الاقتصاد العُماني خلال هذه المرحلة المهمة من نهضة عُمان المتجددة. وتجدر الإشارة كذلك إلى أنَّ هذا المشروع يُعد أحد أكبر المشاريع الاستثمارية المشتركة بين سلطنة عُمان ودولة الكويت. وقبل عدة أيام، زار حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم، دولة الكويت الشقيقة أيضا في زيارة "دولة"، وبمعية جلالته وفد رفيع المستوى؛ تأكيدًا على عمق العلاقات الأخوية، وتعزيزًا للتفاهمات بين الدولتين في مختلف الجوانب السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة؛ حيث حظيت هذه الزيارة باهتمام رسمي وشعبي كويتي، وكانت بؤرة تركيز الصحافة الكويتية على مدار يومي الزيارة التي تمخضت عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدة مجالات؛ لعل أبرزها: الاستفادة من الفرص الاستثمارية بمختلف المجالات في كلا البلدين.

وختامًا.. وفي خضمّ المستجدات الإقليمية والدولية في الوقت الراهن، فإنَّه من الأهمية بمكان تمتين التكتلات الإقليمية، وتعزيز التقارب الخليجي الخليجي، وتوحيد الرؤى السياسية بما يتوافق مع تحقيق التطلعات المشتركة، وبناء شراكات اقتصادية تكاملية تُسهم في تحقيق الرخاء لشعوب المنطقة.