بشائر النصر قد بدأت

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

تَبْقَى فلسطين قضية من أقوى وأعمق القضايا التي يُمكن أن يُدافع عنها الإنسان الحُر في حياته، ربما ترفعه إلى أعلى علِّيين، أو تهوي به إلى أسفل سَافلين؛ خاصة عندما تكون هذه القضية بين الحق والباطل، ومع اختلاف نظرات المجتمع الدولي إلى هذه القضية، فإنها تجتاح أعماق الأحرار، وأصبحت هي الفيصل بين الخير والشر في عالم تسوده ازدواجية المعايير، خضع لها كل الأحرار.

وقد كُتِب فيها في الماضي، ويُكتب فيها حاليًا، وسيكُتب فيها مستقبلًا، ولا ولن ينضب نبع العدل في هذه القضية، فكم عانَى الفلسطينيون من رياح عتية، وقال المثبِّطون إنَّ الإبحار نحو تحرُّرهم مستحيل، لم يثن هذا التثبيط المقاومة، فمع كل لحظة في عمر هذه القضية ظهر لكل من ساندهم، ومن عمل معهم، ومع من التقي بهم على غير اتفاق، وسرت في الجهات الأربع الأصلية رواية الحق، وزيف رواية الباطل، فحنَا الأحرار على الفلسطينيين، يضمُّونهم، وآخرون برداء الحرب يظلِّلونهم، وآخرون بالصَّمت ينظرون إلى أشلاء أطفالهم ونسائهم وكهولهم، وآخرون في الهجوم يفدونهم، وآخرون قبل الاقتحام يستأذنونهم، وآخرون بعد الجرح يلوذون بجانبهم، وآخرون يقولون: نأيتِي عنَّا زمنًا طويلًا ولم نعتد منك البُعد يا فلسطين، فتقول المقاومة عندئذ: إنه لجهاد نصر أو استشهاد.

وخرجتْ الكثيرُ من الكتابات، وكذلك الأعمال الأدبية عن انتصار غزة العزة، وجسَّدت الكتابات الكثير من ملحمة "طوفان الأقصى"، ومن الأحوال الاجتماعية في بيوت وشوارع غزة منذ انطلاق الطوفان في السابع من أكتوبر 2023م، كذلك الحال في الساحات المساندة، وجولات المفاوضات، والأحرار الذين قدَّموا الكثير من نماذج التضحية لأجل استعادة الأرض، أو واقع حياة الفلسطينيين، وها هو الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة يعبر عن فرحته الكبيرة، ومعه كل أحرار العالم، بنتائج ملحمة الصمود في غزة، عندما أرغمت المقاومة الصهاينة على قبول كل الشروط التي وضعتها ضمن صفقة الشموخ والانتصار، وقالت: "الكُرة باتت في ملعب الكيان الصهيوني"، نعم.. هي من المرات القليلة التي يشعر فيها الشعب الفلسطيني بأنه لا يستطيع التعبير كفاية، ولكن يمكنه القول إن شعوره يشبه فرحة الأم بأول مولود لها. ربما تظنون أن ما ترونه هو مجرد كلام على ورق، ولكن الحقيقة هي أنَّ القضية الفلسطينية أصبحت منذ اللحظة فوق طاولة المفاوضات الدولية.

تعليق عبر الفيس بوك