نُذكِّركم بقوة سلاح المقاطعة

 

 

د. خالد بن علي الخوالدي

النَّصر من عند الله، والمسلم مطالب بمناصرة أخيه المسلم في السلم والحرب، وإخواننا في فلسطين عامة وغزة خاصة يُقتلون ويُشردون وتُهتك أعراضهم، وليس لهم من بعد المولى سبحانه وتعالى إلا إخوانهم المسلمين، وإذا تنكَّر لهم البعض أو اختلف معهم -لانتماءات سياسية، أو طائفية، أو مذهبية- فعليه أنْ يتذكر أنهم مُسلمون، والحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أمرَ بنصرة المسلم لأخيه المسلم، لا تتنكَّروا لما يُقدمه أبطال المقاومة في الأرض المحتلة وفي محاور المقاومة، فهم يقدمون أنفسهم وأرواحهم وأموالهم في سبيل الله وعودة الوطن والمسجد الأقصى، انصرُوهم بكل ما تملكوا من مال ودعاء، انصرُوهم بمقاطعة المنتجات الداعمة لعدوهم؛ فهؤلاء أصحاب فكر رأسمالي ويتأثروا أكثر بالمقاطعة.

وإنِّي لأستغرب وأتعجَّب وأستَرِيب: كيف أنَّ الأحرار في دول العالم المتقدِّم بدأوا يتحرَّرون من سيطرة الإعلام الموجَّه، وأدركوا أخيرًا أنهم مُغيَّبون عن حقيقة ما يفعله الكيان الصهيوني طوال أكثر من 75 عامًا في فلسطين المحتلة، بينما البعض من بيننا لم يكن تفاعلهم بذاك التفاعل الكبير، حتى مُقاطعة المنتجات والعلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني لم يُقاطعوها، ونرى للأسف مطاعم عالمية بدأت في عَودة نشاطها بقوة، وخفت تلك الحماسة وقلَّ ذاك التفاعل، وهذا -لعمري- تهاون وظلم للجهود الكبيرة التي يبذلها المجاهدون في أرض المعركة، وعدم إحساس بالمسؤولية تجاه من يُقتل من إخواننا بسبب الدعم المتواصل لهذه الشركات والمنتجات.

لعلكم تتابعون في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الاحتجاجات العالمية ضد إرهاب الاحتلال الإسرائيلي؛ بل شعوب الدول غير المسلمة استطاعتْ تحجيم وإغلاق العديد من الشركات العالمية بسبب المقاطعة، وينظرُون إلى مقاطعة المنتجات باعتبارها من أقوى الأسلحة أمام ما يقوم به الاحتلال من فظائع. وبدأنا نرى بالفعل نتائج هذه الجهود على الصُّعد كافة: الاقتصادي والدبلوماسي والنفسي، ونحن هنا لا نطالب بأمر جلل وصعب، نطالب بمقاطعة منتجات لها بدائل وهناك شركات محلية توفر هذه الخيارات، نطالب الشعوب العربية والإسلامية بالتفكير واقعيًّا وليس عاطفيًّا بموضوع مواصلة المقاطعة؛ فهناك بشرٌ من بيننا ما زالوا يقولون: "لو أنا ما اشتريت بيخسروا"، ولو كل واحد فكَّر نفس التفكير سنجد أن هذه الشركات تقوى، فعلينا أن نفكِّر بأن خسارتهم لريال وراء الريال ستكون ملايين الريالات وسيغلقون شركاتهم في النهاية.

المقاومة تنتصر يومًا بعد يوم، ولله الحمد، وعلينا أن ننتصر نحن أيضًا في كبح شهواتنا ورغباتنا، فلن نموت جوعًا إذا ما أكلنا وجبة معينة ولا إذا ما شربنا منتجًا معينًا، ولن نكون عُراة إذا لم نلبس من علامة تجارية معينة، علينا التَّذكير بسلاح المقاطعة ودوره الكبير، وعلينا بالمقاطعة الاقتصادية والتجارية لكل المؤسسات والشركات والجهات والدول الداعمة لقتل أطفال ونساء وشيوخ أهل فلسطين وغزة الأبرياء.