صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
عندما نتحدَّث عن بدر؛ فذلك لا يعني أننا نتحدث عن شخص مُعين أو حالة فردية خاصة، وإنما عن شريحة مُعينة موجودة في أي مجتمع قد تمر بظروف محددة أو أوضاع مُعينة.
وحين نقول "بدر"، فإننا لا نقصد بدرًا بحد ذاته، وإنما عددًا من النَّاس أيًّا كانت أسماؤهم، قلوا أو كثروا، يعيشون الحالة ويتأثرون بها. وبدر هنا شاب عادي لا يختلف عن مُعظم الشباب يحلم بالعمل والزواج والإنجاب والاستقرار في مسكن مستقل. لكنه لا يزال غير قادر على تحقيق ما يُريد؟ ويجد خلاصَهُ في الحصول على وظيفة أولًا، ثم يُحقق بقية أمانيه تباعًا. لكنه لم يُوفق في الوظيفة إلى الآن، رغم محاولاته الكثيرة وقد كان ولا يزال في حالة ضيق وكدر مستمرين.
ولبدر نقول.. مهلاً يا بدر هوِّن على نفسك فلست وحدك، فهذه الظروف تعترض الشباب في سنوات التأسيس لحياتهم في كل مكان وقد تطول المدة إلى أن يتحقق شيء، فعليك بالصبر ثم الصبر. وإنما لا تكف عن المحاولة من أجل حياة أفضل حتى إذا واجهت الفشل فانهض وكرر محاولات السعي واترك عنك التوتر والإحباط والضيق؛ بل يجب أن تزيدك الصعوبات تحملًا وإصرارًا على تحقيق مرادك؛ فالذين حققوا ما يريدونه ليس أفضل منك، وربما أنت على بعد خطوات من تحقيق أهدافك فلا تيأس أو تبتئس.
هؤلاء الشباب والشابات الذين لديهم وظيفة اليوم كانوا عاطلين عن العمل بالأمس، ولكنهم تحركوا وبحثوا وسعوا واجتهدوا واستمروا في تقديم طلباتهم إلى المؤسسات الخاصة والعامة إلى أن نجحوا في محاولاتهم للتوظيف. وتغير عليهم الحال بعد انتظار، ومنهم من دخل نشاط المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة وجاءتهم المكاسب بنجاح معتمدين على أنفسهم في قصة كفاح يُفتخر بها.
والمهم أن لا تفقد الأمل وتتوقف عن المحاولة، وطالما الصحة متوفرة، وسقف يقي من حر الصيف وبرد الشتاء، وطعام على المائدة، وأمن وأمان؛ فهذه هي الانطلاقة الحقيقية إلى الحياة الرحبة المليئة بالفرص، وإنما لمن يسعى لها ويجتهد ولا يضعف ويتخاذل ويلقي بنفسه في التراجع والانهزام.
اصنع فرصتك بنفسك ولا تتذمر وتُلقي باللوم على الآخرين في عدم تحقيق أهدافك، فأنت المسؤول عن حياتك، وأنت الكاتب لقصتها والمسؤول عن تفعيلها أو تجميدها، ولا أحد سيكتب قصة حياتك غيرك، فأحسن التخطيط لها ثم أحسن إدارتها.
الحياة أمامك على مد البصر حاضرًا ومستقبلًا، والمشاكل قابلة للحل مع الوقت، وإذا وَجَدْتَ العزيمة والإصرار لحلها، ستفرج ونظرة إلى ميسرة.
المهم أن ترفع من معنوياتك دائمًا، وألا تقلل من قيمة نفسك ولا تُقزِّمها ولا تُحزِنها، لمجرد أنك رأيت شخصًا لديه ما ليس لديك أو حصل على ما لم تحصل عليه.
لا بأس عليك، وستكون إن شاء الله حظوظك أفضل في قادم الأيام.
ولكي تكون سليمًا نفسيًا لا تقارن نفسك بالآخرين، فأنت لديك حياتك، وهم لديهم حياتهم، وأنت تعيش أحداث مسلسلك، وهم يعيشون أحداث مسلسلاتهم.
ولا تنظر إلى المظاهر الخارجية لدى الغير؛ فأحيانًا المظاهر الخارجية تكون خداعة زائفة.
وليكن تركيزك على نفسك واشتغل على تنميتها وتطويرها، ولا تقف جامدًا مكتوف اليدين بلا حراك، لأنه إذا لم يتحرك شيء، لن يتغير شيء، وقوتك في ذاتك بتوجيهها إلى طريق الصواب.
امضِ مرفوع الرأس مبتسمًا متفائلًا واثقًا من نفسك وفي معترك الحياة كُن مستعدًا، وغدًا يوم آخر.