استعدادات ظفار لموسم الخريف

 

عمير العشيت

alashity484@gmail.com

 

تبقى محافظة ظفار محط أنظار الجميع؛ كونها تحتضن العديد من الكنوز الطبيعية والمواقع السياحية والاستثمارية، فضلا عن موقعها الاستراتيجي وتميزها بموسم الخريف الذي يخيم على سماء المحافظة ابتداءً من منتصف شهر يونيو لغاية شهر سبتمبر من كل عام.

ومن المصادفة أن تكون عطلات المدارس والجامعات وأيضا إجازات الكثير من الموظفين في هذا الموسم، والتي تختفي فيه شمس النهار وراء ستار السحب الرمادية لمدة 3 أشهر، وتعانق من خلالها قمم الجبال بالسحب والضباب لتتساقط معها زخات مطرية خفيفة وقطرات الندى لتُحيي الأرض بعد سباتها السنوي، فتثور العيون المائية لتُكَوِّن البرك والأخوار والشلالات والغابات؛ فتصبح ملجأً لمئات الطيور المهاجرة وترسم لوحة خيالية طبيعية، تتمثل في ظهور البساط الأخضر على الجبال والسهول. ولا يمكن اكتشاف سحر هذه الطبيعة البديعة إلّا بإقامة "نظام التليفريك"، الذي يتألف من عدة عربات مُعلّقة تعمل بالكهرباء وصديقة للبيئة، مُثبتة بأسلاك معدنية شديدة الصلابة، ويُفضَّل إقامتها كمرحلة أولى في منطقة دربات التي تغص بالزوار في هذا الموسم.

أثناء موسم الخريف نلاحظ الجميع في حراك مستمر، استعدادًا لهذا العرس الجميل؛ حيث المهرجانات والندوات الثقافية والمخيمات الصيفية وتشغيل الحدائق العامة والمواقع الأخرى بمختلف الأنشطة الترفيهية والتسلية والرياضية، كذلك جاهزية المنتجعات والفنادق والشقق والفلل الفندقية والمطاعم والمقاهي جميعها في حالة استنفار مترقب استعدادا لاستقبال الزوار، كما إن المؤسسات الحكومة كانت وما زالت تبذل كل ما في سعها من جهد وعطاء لهذه المناسبة السعيدة. وهنا نُثمِّن دور شرطة عمان السلطانية ورجال الأمن الساهرين على حماية الزوار والمقيمين في المحافظة، وكذلك وزارة الإعلام وأخص بالذكر الفريق التلفزيوني المُتنقِّل الى المواقع السياحية في الجبال والسهول لنقل صورة مباشرة عن أنشطة مهرجان الخريف، كذلك لا ننسى الجهود الكبيرة التي يقوم بها مكتب محافظ ظفار وبلدية ظفار في تنظيم هذا العرس الكبير.

وبهذه المناسبة نود من الجهات المعنية استغلال طاقات الشباب في وقت الفراغ أثناء الإجازات الصيفية، من خلال طرح مبادرة لتشغيل الطلبة والباحثين عن عمل وتوفير وظائف عمل مؤقتة لهم، وكذلك منح المناقصات المتعلقة بأنشطة المهرجات المختلفة للأسر المنتجة وذات الدخل المحدود والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. 

أما فيما يتعلق باستعدادات بعض المنشآت السياحية، فإننا نُذكِّر بمشروع منطقة الحصن السياحي الاستثماري المطل مباشرة على شاطئ البحر، والذي طال انتظاره لعدة عقود، والذي يُعد ضمن أفضل المشاريع التنموية في السلطنة ومُحفزًا وجاذبًا للسياحة ونافذة اقتصادية مهمة للدولة، إلّا أن هذا المشروع ما زال غير مكتمل، والغريب أن المشروع شهد خلال السنوات القليلة الماضية إنشاء بعض المباني المتواضعة الملحقة والتي لم تتحقق الطموح المرتقب لهذا المشروع الضخم. ومن المفترض أن تكون نقطة البداية من سوق الحصن التاريخي العريق الذي يعد اللبنة الأساسية للمشروع، وأحد أهم القلاع السياحية في السلطنة وقبلة لجميع السياح والزوار، وهو شبيه بسوق مطرح في محافظة مسقط؛ حيث يتطلع الجميع لأن يكون صرحًا سياحيًا متطورًا ومَعلَمًا سياحيًا يتحدث عنه الجميع ويتناسب مع طبيعة الموقع الفريد والبديع شأنه شأن المنشئات السياحية الضخمة المقامة في محافظات السلطنة.

والذي لا يعرف تاريخ سوق الحصن، فانه قد كان في فترة الخمسينيات والستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، السوق الأول في محافظة ظفار ويقصده الجميع لشراء اللحم والسمك والخضراوات والفواكه واللبان والبخور والأدوات التقليدية، وبالتالي فإن إحياء هذا الموروث الوطني ومنحه الألوية في مشروع منطقة الحصن واجب لا مناص عنه. والسوق حاليًا ما زال قائمًا على المبني الصغير القديم ولا يستوعب الجماهير الغفيرة التي تُغطّي حاراته الضيقة ويفتقر إلى كثير من الخدمات والأمن والسلامة. وخلال مواسم الخريف يتم إنشاء بعض الخيم للباعة مصاحبة بمكائن كهربائية للإنارة تُصدِر أصواتًا مزعجة، والبعض يفترش الأرض لبيع بضاعته، فتشعر وكأنك في منطقة صناعية والمشهد لا يتناسب مع الوضع الحضاري للسلطنة. ومن الممكن أن يكون هذا السوق بديلًا للسوق المركزي، الذي يقع في قلب المنطقة التجارية في وسط صلالة والذي هو الآخر لا يتناسب وجوده في الموقع التجاري.

أما فيما يتعلق باستعدادات المحافظة في شبكات الطرق، فإن ولاية صلالة ما زالت تعاني من ظاهرة الازدحام المروري المُتكرر، والشاهد من القول إن ذروة الازدحام في موسم الخريف تتمحور في مناطق متعددة منها صلالة الوسطى وبالتحديد بين شارعي السلام والمنتزه، والحل لهذه المشكلة وهو تحويل الشارعين الى اتجاهين متعاكسين كما حصل في شارع كورنيش الدهاريز بصلالة، وهناك أيضًا دوار برج النهضة وأتين والدهاريز والسعادة، والتي تتحول شوارعها الى طوابير من السيارات أثناء الزحمة، وكحلول مؤقتة يُفضَّل إقامة إشارات مرورية، كما حصل في دوار أم الغوارف ودوار عوقد، وكانت تجربة ناجحة في تنظيم حركة المرور.

تعليق عبر الفيس بوك