الصورة الزائفة

 

محمد رامس الرواس

منذ قيام دولة الكيان الإسرائيلي بأرض فلسطين، مثّلت عصابات الهاجاناه وشتيرن والإرجون وغيرها من المنظمات الصهيونية، نواة تكوين جيش الاحتلال الإسرائيلي الحالي الذي نراه اليوم يقوم بجرائم حرب وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني بغزة الطاهرة.

وخلال العقود الماضية من الزمن، حاولت دولة الكيان الإسرائيلي أن تصنع لنفسها صورة الدولة المتسمة بالديمقراطية التي تقوم بالدفاع عن حقوق الإنسان وبأنها لا تعرف للإرهاب سبيلًا؛ بل كانت تتهم حركات المُقاومة بفلسطين بـ"الإرهاب". وقد أغرقت إسرائيل العالم بسردياتها الوهمية وقيمها الكاذبة والمصطنعة الواهية التي تهاوت في حرب غزة ليحل محلها الصورة الحقيقية لدولة الكيان الإسرائيلي بأنها منبع الإجرام والإرهاب العالمي.

وخلال الشهور الفائتة وبالتحديد منذ السابع من أكتوبر 2023، ظهرت الصورة الحقيقية لدولة الكيان الصهيوني أمام العالم ممثلة في واقعها الوحشي الملطخ بالدموية والإجرام من خلال ما يقوم به جيش الاحتلال في أرض غزة الطاهرة من أعمال يندى لها جبين البشرية والمجتمع الدولي. لقد أدت جرائم جيش الاحتلال الصهيوني غير المسبوقة للكشف عن الصورة الحقيقية لإسرائيل، وانتهت معها السردية المثالية التي كانت تتبناها وتروج لها أمام المجتمع الدولي، وظهرت صورة أخرى لدولة تضرب بعرض الحائط كل القوانين والنظم الدولية والقيم الإنسانية وقرارات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية بل وتتجاهلها بكل عجرفة وإصرار، مما جعلها تثبت على نفسها واقعها الإجرامي من خلال ما شاهده المجتمع الدولي من أعمال إجرامية غير مسبوقة انتقلت أخبارها بالصوت والصورة شرقاً وغرباً، كل ذلك وغيره استنهض الكثير من دول وشعوب العالم للتنديد بالحرب على غزة وتجريمها والمطالبة بوقفها واستدعاء إسرائيل إلى المحاكم الدولية لمقاضاتها جراء ما قامت وتقوم به من تصعيد متزايد واعتداءات متكررة من إبادة جماعية وتهجير وتجويع.

ثلاثة أرباع قرن من الزمن مرت، كانت دولة الكيان الإسرائيلي محتفظة خلالها بصورة زائفة تُروِّج لها حتى انهارت هذه الصورة في حرب غزة أمام المجتمع الدولي من خلال ما شاهده من أعمال حكومة اليمين المتطرف من جرائم بشعة غيرت الصورة بالكامل؛ الأمر الذي جعل المجتمع الدولي يصفها بأنها الأكثر تطرفًا ودموية على وجه الأرض.

لقد دارت عجلة الزمن واستعادت مشاهد حقيقة لما كانت تقوم به عصابات الكيان الإسرائيلي في فترة تأسيسها على اكتاف عصابات إرهابية ما تزال تفكر بنفس العقلية وتقوم بنفس الأعمال الإجرامية، لكن هذه المرة أمام مرأى العالم.