الحُب المُقدَّس

 

زكريا الحسني

 

نحن نكتب ليس من أجل الكتابة؛ بل من أجل أن يرى العالم ما نراه من الروعة والجمال فما أجمل اللغة حينما أتاحت لنا التعبير من خلالها أجمل التعابير والأشكال من غير همس ونطق وكم هو رائع حينما تسطر أقلامنا أسمى المعاني وأرقى الصفات لنوصلها إليكم بأروع ما يكون.

 

‏الحب لا يكتب على الورق ﻷن الورق قد يمحوه الزمان ولا يُحفر على الحجر لأن الحجر قد ينكسر  الحب يوصم في القلب وهكذا يبقى إلى الأبد.

 

الحب ليس أشعاراً تحفظ أو كلمات تُردد الحب أسمى من ذلك بكثير فالحب عالم بأسره لا يعلم حدوده إلا الذي استشعره بصدق فالحب تضحية ومُعاناة وألم.

لا تحسبن الحب أسرى مشاعرٍ

كمحبة الإنسان للإنسان

الحب أسمى من جمال زائل

الحب للأرواح للأبدان

فنحن كائنات مشاعرية وتحكمنا هذه المشاعر وما أجملها حينما نعيشها واقعاً فالحب أسمى تعابير الشكر والامتنان. الحب احتواء وآمان وقوة تأثير فالحب أن تقول لذاتك أو الآخر كم أنا محظوظ بوجودك في حياتي جعلت من حياتي تحفة فنية رسمت  بأجمل تعابير البشر.

أدين بدين الحب أنّى توجهت ركائبه

فالحب ديني وإيماني، عيشوا اللحظات مع من تحبون وافرحوا لفرحهم واحزنوا لحزنهم فالفرح والحزن ليسا مشاعر آنية مجردة بقدر ما هما علو الإنسان.

الحب يهذب سلوكنا تجاه ذواتنا فضلًا عن الآخر؛ فالحب منبع سائر الفنون والإبداعات، الحب أعلى مراتب الوجدان والتجليات الإلهية يوقعها في قلب الإنسان.. من دون الحُب.. كُل المُوسيقى ضجيج.. كُل الرقص جُنون.. كُل العبادات عِبء.

جمال الحياة يكمن في قلوبنا، ولا ترى هذه القلوب النور، إلا من خلال الحب. ويقول مولانا جلال الدين الرومي "لا تكن بلا حب كي لا تشعر بأنك ميت.. مت في الحب وابقْ حيًا للأبد".

إذا تجردنا من الحب فقد تجردنا من إنسانيتنا سنبقى تائهين بلا عنوان ولا غاية ولا هدف. الحب في أصله طاهر ومقدس ولكن بسبب تطفل من لا يفقه فيه إلًا ولا ذمة أصبح في ألمٍ ووجع.

الحب في أصله مقدس وطاهر، ولكن فيما يمثلون باعتناقهم هذا الإحساس رفيع المستوى وراقي المعنى، فشارب الخمر يصحو بعد سكرته، ‏وشارب الحب طُول العمر سكران.

الحب عند سيدنا علي بن أبي طالب، حينما يُقبِّل يد زوجته وكان حديثهما في غاية التأدب وكانا لا يعطيان ظهورهما لبعضهما أثناء الحديث وهو ما ترجمه الإمام في شهادته بحبه لابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما قال: "والله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان.

وكان الفراق موجعًا لسيدنا وإمامنا علي بن أبي طالب، فقد غلب الحزن والألم في فراق محبوبته ولعل أهم ما كتبه كان عند قبرها فقال:

ما لي وقفتُ على قبورِ مُسلِّمًا // قبرَ الحبيب فلمْ يرُدّ جوابي

أحبيبُ ! ما لك لا تردُّ جوابنا // أنسيتَ بعدي خُلَّةَ الأحباب

تعليق عبر الفيس بوك