استبعدوا أي آثار تضخمية في ظل استقرار مؤشرات الأسعار وتضاؤل نسبة التضخم السنوي

اقتصاديون: انعكاسات إيجابية على الأسواق المحلية مع صرف منافع الحماية الاجتماعية.. والادخار مطلوب

◄ الطوقي: يمكن استغلال المنفعة في إنشاء مشروع يوفر دخلا مستداما للأسر

اللواتي: المنافع الاجتماعية تعزز ثقافة الادخار لدى الأسر والأبناء

◄ الخروصي: المنافع الاجتماعية سيكون لها أثر إيجابي على نشاط الأسواق المحلية

◄ الصبحي: السياسات المالية الحكومية تُحقق التوازن بين العرض والطلب في الأسواق

◄ عمران: على الآباء استثمار منفعة الطفولة في المشاريع الناجحة

 

الرؤية- فيصل السعدي

 

أجمع خبراء اقتصاديون على أنَّ صرف المنافع الاجتماعية من شأنه أن ينعكس بالإيجاب على الأسواق المحلية مع الانتعاش المرتقب للحركة الشرائية، لكنهم في الوقت نفسه شجعوا المواطنين على الادخار قدر المستطاع وعدم الإنفاق على المستلزمات غير الضرورية.

واستبعد الخبراء- في تصريحات لـ"الرؤية"- أي آثار تضخمية سلبية نتيجة زيادة إنفاق الأفراد، مشيرين إلى أنَّ التضخم السنوي في السلطنة ما يزال في الحدود الآمنة؛ إذ لم يتجاوز 2% على أعلى تقدير.

ويشدد خلفان بن سيف بن محمد الطوقي الكاتب في الشأن الاقتصادي، على أن هناك آثارا إيجابية متعددة بعد صرف منافع الحماية الاجتماعية، منها رفع مستوى دخل الأسر العمانية، وتنامي الحركة الاقتصادية وتعزيز القوة الشرائية، إضافة إلى نشاط المشاريع التجارية والخدمية مما يوسع دائرة الاستثمارات بداخل السوق العماني باعتبار أن الشريحة المستفيدة من المنفعة كبيرة، خصوصًا إذا تم استغلال مبالغ المنفعة في إنشاء مشروع مستدام الدخل للطفل أو للأسرة.

ويقول الطوقي: "لا أتوقع وجود أي انعكاسات سلبية في السوق العُماني من صرف المنفعة الاجتماعية ولا أي تضخم كبير، وذلك لأنَّ هيئة حماية المستهلك تراقب السوق جيدًا وتعكف دائمًا على دراسة أي تأثير على أسعار المنتجات، إضافة إلى وجود أكثر من 488 سلعة مدعومة جزئيًا؛ أي لا تُفرض عليها ضريبة القيمة المضافة، كما إن المبالغ المصروفة ليست بالحجم الكبير الذي يؤثر سلبًا على السوق".

ويبين حيدر بن عبدالرضا اللواتي الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية، أن مبالغ الحماية الاجتماعية ستعمل على تعزيز حركة الأسواق المحلية والتجارية اليومية التي تباطأت خلال السنوات القليلة الماضية.

ويوضح اللواتي: يمكن أن يستفيد كبار السن من مبالغ "المنفعة" في سداد بعض ديونهم الشخصية للمدى الطويل، أو صرفها في توفير بعض الأغراض المهمة والضرورية كدفع أقساط تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة والتعامل مع المستشفيات الخاصة وهذا يصب في صالح نشاط السوق العماني، وبالتالي فإنَّ هذه المبالغ سوف تحرّك القطاعات التجارية التي تعاني منها بعض المؤسسات، وخاصة الصغيرة منها منذ أن تباطأت الحركة خلال السنوات الماضية وخاصة أثناء فترة جائحة كوفيد 19 وحتى اليوم.

ويشير اللواتي إلى أن مبالغ المنفعة تفعل من ثقافة الادخار خاصة ممن لا يستطيعون التوجه نحو الادخار بسبب ارتباطات الحياة الاستهلاكية والاجتماعية للعائلات، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى تنظيم سياسة الأسرة بحيث تكون حازمة في التوجه نحو الادخار ولو بقليل من المبالغ بغض النظر عن الالتزامات الشهرية لها.

ويتابع اللواتي قائلاً: "إن المبالغ المخصصة للفئات الاجتماعية تشكّل اليوم قاعدة جيدة للتوفير والادخار والرفاهية للجميع مستقبلاّ خاصة الأسر التي لديها عدد من الأطفال بحيث تشكل رصيدًا ماليًا لهم في حال توجههم نحو الدارسة بالخارج مستقبلًا، وجميع تلك المبالغ يمكن أن تشكّل رصيدًا ماليًا جيدًا للذين يريدون إيداعها في المؤسسات المصرفية؛ الأمر الذي سوف يساعد تلك المؤسسات أيضا الاستفادة منها في تقديم التسهيلات للمؤسسات وتوسيع الأعمال التجارية في البلاد، والاعتماد عليها في عمليات الاقتراض الداخلي بدلًا من التوجه للاقتراض من الخارج، وهذا ما تقوم به الكثير من دول العالم بأن تحرص على تعويد ابنائها بالتوجه نحو الادخار للاستفادة من ادخاراتهم في تعزيز عمليات الاقتراض الداخلي وتعزيز الاعمال التجارية والتعليمية والترفيهية لهم عند الكبر".

ويقول اللواتي إن صرف المنفعة الاجتماعية لا تتسب في زيادة التضخم في الأسعار اليومية في ظل التضخم المستمر الحاصل اليوم بسبب العوامل الخارجية الأخرى المرتبطة بالظروف الجيو سياسية والعوامل البيئية والأسباب المرتبطة بسلاسل التوريد العالمية، وغيرها من الأسباب الأخرى المتعلقة بالعرض والطلب على السلع والمنتجات.

ويتابع اللواتي: "إن التضخم في السلطنة كما أظهرتها بيانات المسح الشهري لأسعار المواد الاستهلاكية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات تشير بأنها غير مرتفعة وتقع ما بين 1 إلى 2 و3% أحيانا للمجموعات الرئيسية المكونة للرقم القياسي لأسعار المستهلكين وعلى رأسها مجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية، ومجموعات السلع والخدمات المتنوعة الأخرى، بالاضافة إلى ارتفاع اسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى".

من جانبه، يشير الباحث الاقتصادي ماجد بن عابد الخروصي، إلى أن هناك انعكاسات لصالح الأسواق العمانية إثر صرف المنفعة الاجتماعية، وذلك استنادا على القاعدة الاقتصادية العامة التي تخص الطلب على السلع والخدمات؛ "زيادة الدخل يقابله زياده في الطلب"، وبالتالي فإن الأسواق تتأثر بتغير دخول الأفراد بالانتعاش في حالة زيادتها، وبالتراجع حال تراجع دخول الأفراد، والمنافع الاجتماعية التي بدأ صرفها بداية هذا العام، من المتوقع أن يكون لها أثر في نشاط الأسواق المحلية وقوتها.

ويلفت الخروصي إلى عدم وجود أثر تضخمي لتلك المنافع في أسواقنا؛ لعدة  أسباب أبرزها: "أن التضخم الحالي لاقتصاد السلطنة وفقا للنشرات الرسمية في حدود منخفضة بفضل الدعومات الحكومية لمجموعات الغذاء والدواء والنقل وغيرها، ثانيا أن الأسواق المحلية عانت بعد جائحة كورونا من تراجع ملحوظ لذلك فإن المنافع الاجتماعية ستكون لصالح تنشيط الاقتصاد أكبر منه لإحداث تضخم".

ويرى جهاد بن سالم بن نبهان الصبحي محلل مالي، أن تبني السياسيات الاجتماعية كصرف المنفعة الاجتماعية التي يتبعها عائد اقتصادي لها دور بارز في خلق اقتصاد متنوع يساهم في تحقيق مؤشرات إيجابية، حيث إن زيادة مستوى الدخل لمختلف الفئات العمرية له أثر بالغ في زيادة الحركة الاقتصادية من خلال توسع مجال القوة الشرائية وتعزيز جانب الادخار على الصعيد المحلي.

ويوضح الصبحي أن مجال الادخار والاستثمار يعد أمرًا ضروريا وهاما لتحقيق الاستقرار المالي للمجتمع، وبالتالي جاءت صرف المنفعة الاجتماعية لتحقق التفاعل المشترك بين الحكومة والمؤسسات المالية والمجتمع، من خلال إيجاد مستقبل أفضل ومستدام للأجيال المقبلة لتحقيق تطلعاتهم، وهذه المنافع تغرس ثقافة إدارة المال لدى الأطفال.

وينصح الصبحي المستفيدين من "المنفعة" استخدام بعض الأدوات الاستثمارية كوضع الوديعة في البنوك بفائدة مجزية مردودة واستخدام بعض التطبيقات المالية لإدارة أموالهم بشكل فعال، كما أن وجود بعض الآليات من قبل بعض الجهات في إنشاء صناديق استثمارية لهذه الفئة ستشكل نقلة مجتمعية واقتصادية ينعم بها الأجيال المقبلة، مضيفا: "الحكومة تؤكد على اتخاذها لسياسات مالية واقتصادية متوازنة تتحكم في الآثار الجانبية التي قد تحدث بسبب تأثر بعوامل العرض والطلب وزيادة القوة الشرائية لما لها من أثر بالغ في ارتفاع أسعار السلع والخدمات لتعم المصحلة للمجتمع دون المساس بحقوقهم".

ويلفت عمران اللواتي مستشار ومحلل مالي، إلى أن صرف المنفعة الاجتماعية له تأثير إيجابي على الاقتصاد العماني، حيث تقدر ميزانية صرف منفعة الطفولة بـ136 مليون ريال عُماني باستثناء مبالغ المنافع الأخرى، مما يعني أن مبالغ "المنفعة" ستساهم في تحريك العجلة الاقتصادية للبلد، خصوصًا في المؤسسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تقدم البضائع بما يتناسب مع المبالغ.

وينصح اللواتي أولياء الأمور بادخار مبالغ منفعة الطفل واستثمار المبالغ المدخرة داخل بورصة مسقط على سبيل المثال، حتى يكون للابن مشروع استثماري ناجح في المستقبل، كما يمكن لأولياء الأمور تعزيز ثقافة الاستثمار والادخار عند أبنائهم من خلال البحث عن بنوك تقدم حسابات مرنة "حسابات توفير مع نسبة ربح".

تعليق عبر الفيس بوك