على أعتاب غزة

 

إبراهيم بن محمد الفرعي

عندما بدأت القضية الفلسطينية تخفت شيئا فشيئا وبدأت بعض الدول العربية في التطبيع الصهيوني، تقلص الأمل الفلسطيني في قلوب حاملي هَمِّ القضية، لتأتي كلمة السابع من أكتوبر مُعلنة للعالم مرحلة جديدة، فيها تغيير لمعايير القوة وتدفق النبض في الدم للوريد، وعودة القضية إلى رتبتها الأولى، كما وأظهرت الكيان الصهيوني على حقيقته النازية لبصائر العالم الحُر.

لقد ازداد اضطهاد الشعب الفلسطيني من قبل الكيان الغاصب يومًا بعد يوم، وكان حصاره -خاصة في قطاع غزة-يهدف إلى زعزعة الإيمان والتخلي عن الأرض، فتارة إلزام بتعلم اللغة العبرية، وتارة استخدام العملة الإسرائيلية، التي بدأت منذ إعلان الشيكل الإسرائيلية عملة رسمية منذ عام 1985، مع تراجع للجنيه الفلسطيني والدينار الأردني، وكذلك الجنيه المصري.

معاناة الشعب الفلسطيني كبلته قوانين غاب، وسجون مليئة من المعتقلين من كل الأجناس والأعمار، ولم تكن حسابات الاحتلال تدرك ثمن ذلك، بل توهمت بالاسترخاء حتى تمادت في الأفعال، وأمسكت بحبال داعميها العالميين، كما وتمكنت -وللأسف-من الوصول إلى التطبيع مع المسلمين والعرب على حد سواء.

لقد عانى الشعب الفلسطيني من هذه القوانين الصهيونية لأن من خالفها يتم القبض عليه واتهامه بأي تهمة وأقلها محاولة ضرب جندي صهيوني ليزج به وينسى داخل سجون الاحتلال.

تظاهر بعضهم بقبول التواجد الصهيوني حتى يتفادوا الضرب والطعن والذي يصل إلى القتل أحيانا لكن في قلوبهم مازال الإسلام يقبع شامخا سيظهرونه متى حانت الفرصة.

التعرض لهذا الظلم الكبير أظهر رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه بقيادة الضيف ويحيى السنوار الذي أشبه قصته بقصة سيدنا موسى عليه السلام؛ إذ عاش سيدنا موسى داخل قصر فرعون، والذي لم يدري أنَّ موته على يدي من عاش معه، والسنوار عاش بسجن الاحتلال وأصيب بمرض في رأسه وتمَّ علاجه على يدي سجانيه، وبعد خروجه من السجن بدأ بقيادة حماس وأذاقهم الويل وسيُذيقهم أكثر وأكثر إن شاء الله.

"الحمد لله" كلمة الإنسان الفلسطيني رغم ما يمر به من أحداث مأساوية، لم تثنهم عشرات الآلاف من الشهداء، ولم تزعزعهم الإبادة ومحاولات التهجير، عائلة تمح من الوجود بقصفٍ غاشم، وأرامل تترك بين ليلة وضحاها، وأطفال يذوقون ألم اليتم والفقد، ولا زال الفلسطيني يُردد "الحمد لله" وفرحة الشهادة تحطم أسطورة الجيش الذي يقهر، وطوفان الأقصى يكبر في كل لحظة ولا ينحسر، والعدو مشدوهًا أمام فضائحه التي تكشفت على مرأى العالم، الحجارة صارت رشاشاً وبندفية، وصواريخ وقذائف ترعبهم حد الموت، وستبقى فلسطين حرة بنصر من الله وفتح قريب وسنرى المسلمون يتوافدون على الأقصى زمرا، وستظل غزة العزة فيصل الحرب النكراء، قدمت وستقدم أعظم الدروس وأجرأَها من رجال باعوا أنفسهم في سبيل الله ولا نملك بأيدينا سوى الدعاء بأن ينصر المجاهدين في فلسطين وغزة.

ولا  نقول إلا قول الله تعالى في سورة النساء (وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا).

تعليق عبر الفيس بوك