مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع الإنتاج من خارج "أوبك بلس" من أبرز السمات

التقلبات تُهيمن على تداولات سوق النفط خلال 2024.. وارتفاع المخاطر الجيوسياسية المسؤول الأول

 

 

توقعات سعر خام "برنت" تتراوح بين 90- 93 دولارًا للبرميل

 

الرؤية- مريم البادية

تلقّى تجار النفط الخام إشارات تحذيرية مع بدء العام الجديد نتيجة مخاوف تراجع معدلات النمو العالمي وتراجع حجم الطلب والتي تعوض ارتفاع المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالتطورات في البحر الأحمر وما حوله، حيث أجبرت الهجمات على السفن التجارية الشهر الماضي شركات الشحن على إعادة توجيه الشحنات القادمة من الشرق الأوسط وآسيا، مما أدى إلى زيادة تكاليف وزمن الرحلات؛ الأمر الذي يُصعِّد احتمالية أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة من التداول، مثل معظم السنوات الأخرى، بعض التقلبات في التداول؛ حيث من المتوقع أن يسعى المضاربون المتفائلون خلف إشارات تشجعهم على التداول، مما قد يتسبب بحالة من عدم من الاستقرار في سوق التداول.

وأوضحت تحليلات خبراء الطاقة إلى تزايد احتمالية استقرار سعر النفط الخام في الأشهر المقبلة مع عدم وجود محفز واحد قوي بما يكفي لتغيير ديناميكيات السوق الذي يوزع تركيزه بين مخاوف تباطؤ معدلات النمو، خاصة في الصين والولايات المتحدة الأمريكية من ناحية، وارتفاع الإنتاج من خارج أوبك بلس من ناحية وتخفيضات أوبك بلس والمخاطر الجيوسياسية من ناحية أخرى. كما قد نشهد تقلبات في استعداد المستثمرين للمخاطرة بالتوازي مع التغيرات في الوتيرة المتوقعة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية. مع وضع ذلك في الاعتبار، نرى أن نفط خام برنت سيحافظ على استقراره عند 80 دولارًا للبرميل خلال الربع الأول حيث يتجلى التهديد الأكبر الذي يمكن أن يؤثر على الأسعار في المخاوف من انهيار الاتفاق الحالي بين أعضاء أوبك بلس والذي يتمثل في خفض الإنتاج، والتهديد الأكبر من الناحية الأخرى، قد يأتي من أحداث جيوسياسية كبرى قد تعطل تدفق النفط الخام والغاز من الشرق الأوسط.

وبحسب توقعات العديد من بنوك  الاستثمار والمؤسسات المالية العالمية، وذلك وفق ما نشرته شبكة "بلومبيرج" الأمريكية، فإنها عكست تباينا في التقديرات بشأن النطاق السعري الذي سيسجله النفط خلال العام الجاري؛ حيث توقع "بنك أوف أمريكا" أن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 90 دولارًا للبرميل، و86 دولارًا لخام غرب تكساس الوسيط؛ حيث يؤثِّر الركود، والعودة القوية غير المتوقعة للنفط الصخري الأمريكي، وضعف تماسك "أوبك بلس"، بشكل سلبي على أسعار النفط.

وتوقع بنك "باركليز" البريطاني أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 93 دولارًا للبرميل في عام 2024. ويرى البنك أن ما يعزز توقعاته إلى حد كبير، وفقًا لمراجعاته للسعر الأساسي، هو الطلب الصيني الأقوى من المتوقع. فيما ترى " بي سي إيه ريسيرش" أن المؤشرات تشير إلى ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر القليلة المقبلة، ومن ضمنها ضعف الدولار واستقرار دورة التصنيع العالمية. وعلى الرغم من ذلك، يُتوقع تراجع أسعار الخام بمجرد بدء فترة الركود التالية، إلا أنها على المدى الطويل ستكون أخف من فترات الركود السابقة.

وأبقى بنك "سيتي" على توقعاته السلبية بالنسبة إلى قطاع الطاقة، واستدل بحركة أسعار الخام يوم قرار "أوبك"، حيث عبّرت عن مزيد من الضعف. ويتوقع أن تشهد أسعار النفط تقلبات مع ميل للهبوط خلال عام 2024؛ إذ قد يتراجع متوسط سعر خام برنت إلى 74 دولارًا من 82 دولارًا في عام 2023، و99 دولارًا في عام 2022، في حين يتوقع أن يكون سعر خام غرب تكساس الوسيط أقل بحوالي 4 دولارات عن أسعار خام برنت، نظرًا لتفوق زيادة الإمدادات على نمو الطلب.

ويتوقع بنك "جولدمان ساكس" أن تؤدي قيود الإمدادات تزامنًا مع نمو الطلب المضطرد إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في عام 2024. لكن مع استبعاد خطر حدوث اضطرابات حادة في الإمدادات، فإن الاتجاه الصعودي لأسعار النفط قد يكون محدودًا بسبب استجابات الإمدادات المحتملة من المملكة العربية السعودية وزيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي.

وشهد العام الماضي تحركًا محدود النطاق للسوق؛ الأمر الذي شكل تحديا لتلك الاستراتيجيات، مما أدى إلى العديد من المواقف حيث انتهى بهم الأمر إلى الاحتفاظ بمركز خاطئ عندما شهدت أسعار خام  برنت وخام غرب تكساس الوسيط تقلبات مفاجئة، مع تغير النظرة الفنية، مدفوعة من بين أمور أخرى بقرارات خفض إنتاج أوبك بلس، وتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، والتطورات التي تشهدها الصين والأحداث الجيوسياسية. فمن صافي 491 مليون برميل في فبراير انخفض إلى أدنى مستوى له عند 231 مليون برميل في يونيو قبل أن يصل إلى أعلى مستوى له في عامين في سبتمبر عند 560 مليون برميل، لينهار إلى أدنى مستوى له في 11 عامًا عند 171 مليون برميل في بداية ديسمبر، قبل أن تساعد اضطرابات البحر الأحمر في دعم انتعاش قوي لمدة أسبوعين قبل نهاية العام.

ومن المرجح أن يستقر سعر النفط الخام ضمن نطاق 80 دولارًا في برنت خلال الربع القادم حيث تعوض العرض من خارج أوبك والنمو العالمي عن تخفيضات الإنتاج والتوترات في الشرق الأوسط وارتفاع آخر في الطلب العالمي، وإن كان بوتيرة أبطأ من العام الماضي.

وستواصل مجموعة منتجي "أوبك بلس" دعم الأسعار من خلال تمديد وربما زيادة تخفيضات الإنتاج الحالية، متنازلة عن حصتها في السوق مع زيادة مستوى القدرات الاحتياطية المتاحة. ومن المتوقع أن يتسبب توقيت الخطوة الأولى لخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والخطوات اللاحقة بالمزيد من التقلبات في السوق غير المستقر بسبب المضاربين الذين يركزون على مؤشرات الاقتصاد الكلي.

تعليق عبر الفيس بوك