العام الجديد ومستقبل التقنيات الحديثة.. هل التكامل بين البشر والذكاء الاصطناعي على وشك الانهيار؟

 

الرؤية- سارة العبرية

يبدأ عام 2024 وسط ترقب كبير للتحولات الثورية في مجال التقنية والذكاء الاصطناعي، ومدى تأثير هذه الابتكارات على العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا في ظل تسارع وتيرة الاكتشافات الجديدة والمميزات التي يتم الإعلان عنها يوماً بعد يوم.

ولقد قررت العديد من الشركات التخلي عن بعض موظفيها أو على الأقل الاستعداد لاتخاذ تلك الخطوة، في ظل الاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي، وذلك في الوقت التي تتسابق فيه بعض الشركات لتوظيف التقنيات الحديثة، وذلك وفقًا للاتجاهات التي تظهرها أحدث الاستطلاعات.

وتشير آراء المعارضين لهذا التطور- بحسب الاستطلاع- إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تدمير سوق العمل، في حين يروي المؤيدون أنه يمكن توظيفه بشكل تكاملي مع العامل البشري لتسريع وتطوير المهام العملية، وعلى الرغم من وجود جدل بين الطرفين، إلا أن فهم واستخدام هذه التطبيقات بشكل فعّال يمكن أن يحقق نتائج إيجابية واسعة في مجال الأعمال.

ويُظهر بوضوح أن هذا الجدل لن يحسم قريبًا، خاصة مع تصاعد المخاوف من تقدم الذكاء الاصطناعي ومع استمرار تطوير هذه التقنيات بوتيرة سريعة، وسط منافسة غير مسبوقة من عمالقة الصناعة على مستوى العالم، إذ يمكن أن يكون العام القادم مليئًا بتطورات مثيرة.

ماذا يحمل عام 2024؟

وفيما يتعلق بمستقبل المنافسة بين البشر والذكاء الاصطناعي في عام 2024، يشير خبراء التكنولوجيا إلى عدة مجالات قد تشهد تنافسًا شديدًا، مثل الوظائف؛ حيث يمكن أن يؤدي التطور المستمر للذكاء الاصطناعي إلى استبدال بعض الوظائف التقليدية، وفي مجال الألعاب يتوقع أن يستمر الذكاء الاصطناعي في التفوق، بينما يمكن استخدامه بشكل متزايد في مجالات مثل الطب والتصنيع.

وسيتوقف مستقبل هذه المنافسة على عدة عوامل، بما في ذلك وتيرة تقدم التكنولوجيا واستجابة البشر لها، ومع ذلك يتوقع أن يتسارع هذا التنافس في عام 2024 مع استمرار تطوير وتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وتظهر نتائج استطلاع أجرته ResumeBuilder أن نسبة كبيرة من الشركات قد اعتمدت بالفعل على التقنيات الذكية في مهام مختلفة، وهو ما يعزز التكامل بين البشر والذكاء الاصطناعي، كما تشير النتائج إلى أن الموظفين الذين يتقنون مهارات الذكاء الاصطناعي قد يحظون بأمان وظيفي أكبر، وتشجع الشركات على التكيف مع هذا التطور التكنولوجي لتحسين أدائها.

وبالإضافة إلى المجالات المشمولة في الاستطلاع، يُتوقع أن يتنافس الذكاء الاصطناعي في مجالات أخرى كالتعليم والإبداع وخدمة العملاء في المستقبل؛ وهذا يبرز أهمية فهم الشركات والأفراد للتحديات والفرص المترتبة على هذه المنافسة المعقدة والتأثيرات البعيدة المدى التي قد تخلقها.

ميثاق أخلاقي

ويُعتبر التحدي الأخلاقي في مجال الذكاء الاصطناعي من أبرز القضايا التي تشغل تفكير المجتمع الدولي، رغم تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطورها السريع، إلا أن هناك حاجة مُلحة لوضع ميثاق أخلاقي يوجه استخدام وتطوير هذه التقنية، إذ إن اعتماد إطار أخلاقي يرتكز على قواعد ومبادئ مشتركة يسهم في توجيه التقنية نحو تحقيق الفوائد الإيجابية وتقليل المخاطر والتحديات المحتملة.

التحديات الأخلاقية

وتتسم التحديات الأخلاقية في ميدان الذكاء الاصطناعي بعدة جوانب، من بينها الخصوصية والأمان؛ حيث يتعين ضمان حماية البيانات الشخصية وتأمين الأنظمة الذكية لتجنب انتهاكات الخصوصية والتهديدات الأمنية، كما يتطلب الأمر التركيز على مسألة التمييز والعدالة، مع الحرص على تجنب أي تمييز غير مبرر وضمان تكامل وعدالة الأنظمة الذكية في التعامل مع جميع شرائح المجتمع.

ويضاف إلى ذلك، مكونات أخرى مهمة مثل الشفافية والشراكة؛ حيث يحتاج الأفراد إلى فهم كيفية استخدام التكنولوجيا الذكية في تقديم الخدمات واتخاذ القرارات، إلى جانب تحديات أخرى في تحديد المسؤولية عن القرارات والأفعال التي يقوم بها النظام الذكي، إضافة إلى النظر في الأثر الاجتماعي والاقتصادي؛ أي يجب توجيه التقنية نحو تحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية وتجنب تكريس الفجوات الاجتماعية.

وفي إطار السلامة، يشدد المختصون على ضرورة وضع آليات فعّالة لضمان سلامة الأنظمة ومنع حدوث أخطاء أو أضرار غير متوقعة، وأهمية توجيه التكنولوجيا نحو التنمية المستدامة وضمان استفادة المجتمع منها دون تعريضه لمخاطر أخلاقية أو اجتماعية.

وفي ضوء هذه التحديات، تُبذل جهود دولية لوضع مبادئ أخلاقية مشتركة لتوجيه استخدام الذكاء الاصطناعي، وتشارك العديد من الشركات والمؤسسات العلمية في هذه الجهود، بالإضافة إلى وجود مبادرات من قِبل المنظمات الدولية لتطوير إطار قانوني وأخلاقي لضمان تقدم آمن ومسؤول في ميدان الذكاء الاصطناعي.

توجهات التقنية الاستراتيجية

بحلول عام 2026، من المتوقع أن تشهد التطبيقات الجديدة تزايداً في استخدام التكنولوجيا الذكية، حيث يُتوقع أن تتجاوز نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي 30%، ويتيح هذا التقدم للتطبيقات التفاعل مع مستخدميها بشكل أكثر دقة وخصوصية، ويعزز إمكانية دمج عناصر الذكاء لتعزيز إنتاجية العمل وتحسين مستوى الأتمتة في تلك التطبيقات.

وفي ظل التطورات الحالية، يتوقع أن يعتمد نحو 25% من الرؤساء التنفيذيين بحلول عام 2027 على مبادرات القوى العاملة المتصلة والمعززة، وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز كفاءة 50% من الوظائف الرئيسية في الشركات، وذلك من خلال تقليل الوقت اللازم لتنفيذ مهام هذه الوظائف، بالإضافة إلى توقع استخدام ثلثي مهندسي برمجيات المؤسسات في عام 2028 تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات البرمجة، واستفادة مساعدي المبرمجين من تطبيق التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعلم الآلي لتسهيل عمليات تصميم وبرمجة واختبار التطبيقات.

وفي غضون هذا الوقت، من المنتظر أن يتوفر نحو 15 مليار منتج بقدرة على التفاعل كعميل، إذ تعزز برمجة التطبيقات بشكل كبير فعالية الذكاء الاصطناعي، مما يُسهم في تحسين إنتاجية المطورين ويمكن فرق التطوير من مواكبة الطلب المتزايد على البرمجيات اللازمة لدعم عمليات المؤسسات.

تعليق عبر الفيس بوك