باقون.. ما بقي الزعتر والزيتون

 

د. أحمد بن علي العمري

 

"باقون.. ما بقي الزعتر والزيتون"، جملة قالها رجل مسن من أهالي غزة العزة بعد أن قصفت داره بصاروخ من العدو الصهيوني الغاشم على رأس ساكنيه ودمرت الدار واستشهد العديد من أهله..

إنها جملة مُعبّرة تحمل الكثير والكثير من العبر والمعاني والمضامين؛ فقد ربطها بالزعتر والزيتون وهي نباتات تنبت من الأرض، ويا له من وصف بليغ في محتواه ومضمونه؛ فالأرض هي الثبات والحياة وما ينتسب للأرض عمره ما ينتزع بالماديات؛ حيث تبقى الثوابت هي ذاتها لا تتبدل ولا تتحول.

قالها بألم وحسرة ووجع وأنين وتألم، لكنه قالها أيضًا بنبرات كلها سمو وشموخ وتحدٍ وإصرار واستبسال وطموح وتشبث بالأرض وانتماء للوطن وبعزة وكرامة.

لله درهم، والله ينصرهم، إنهم فعلًا كما قال الزعيم الراحل الشهيد ياسر عرفات "شعب الجبارين"، وسط التخاذل والتضعضع والضعف والهوان في الدول العربية والإسلامية من حولهم.

لقد زعموا أنَّ الجيش الإسرائيلي الغاشم "الجيش الذي لا يقهر"، وها هو يقهر في غزة الصمود والشموخ.

وأنا- والواقع معي- نقول إن الشعب الفلسطيني هو الشعب الذي لا يقهر، لقد وصلت بهم الأمور لدرجة أنهم يخفون الإعلان عن قتلاهم وأسراهم ومصابيهم وإذا ما أعلنوا فعلى استحياء نتيجة ضغوطهم الداخلية وصحفهم وإعلامهم فيعلنون عن النذر اليسير وليس الحقيقة كاملة.

لماذا هذا كله يحصل في غزة؟ الإجابة ببساطة ومباشرة أن رجال المقاومة يذهبون لميدان الوغى للاستشهاد والارتقاء إلى الله سبحانه وتعالى، بينما جنود الاحتلال يذهبون وفي بالهم العودة لاستلام الراتب في آخر الشهر. فرق كبير جدًا وبعد شاسع في الآيدلوجيات وما تضمره النفوس والعقيدة الصادقة.

ثم هناك سؤال محيِّر ولا أرى له جوابًا شافيًا ومُقنعًا، عندما تعلن أي دولة عربية أو إسلامية الإسلام منهجًا لها وطريقًا ودستورًا يثور عليها الجميع بما في ذلك من هم في محيطها مطالبين بالعلمانية والديمقراطية، وأنه لا بُد من التخلي عن الدين من أجل الديمقراطية؛ لدرجة أنهم تدخلوا في مناهج المدارس وفكر الأبناء!!

لكن عندما تعلن إسرائيل أنها دولة يهودية يكون ذلك بردًا وسلامًا على العالم!

ثم لماذا نهرول دائمًا في اتجاههم؟ وهم في كل مرة يتبرأون منَّا ولا نصرة ولا نصير؟!

إنني وكل عماني وكل مقيم على هذه الأرض المباركة الطيبة نحيِّي النهج والسياسة التي تنتهجها سلطنة عمان وعلى رأسها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وكذلك وزارة الخارجية وبياناتها المتتالية والمتعاقبة والثابتة والواضحة. والتحية والتبجيل لشيخنا الجليل العلامة أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة، وللشعب العماني المقاطع والهبة العمانية المظفرة من شعبها الأبيّ الوفيّ.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.