متى تُبدي اقتراحك؟

 

محفوظ بن راشد الشبلي

mahfood97739677@gmail.com

 

كم من المُقترحات التي نَختزلها في داخلنا ونتردد في طرحها ونحجم عن الإدلاء بها لنفيد ونستفيد من ردود الأفعال عليها ولكي نخلق بها حوارا مُفيدا عند تداولها، وبعضها غَدت حبيسة عقولنا حتى تلاشت في مهب الريح وضاعت سُدى، وبعضها افتقرت للتصورات الصحيحة لتنفيذها وبعضها ضاعت بتردد أصحابها في طرحها.

إن أكبر عائق يقف أمام إبداء المُقترحات هو ضعف شخصية صاحبها وتردده وخوفه من عدم قبولها وترجمتها إلى واقع بعد طرحها، رغم أنها تبقى مُقترحات وهي قابلة للقبول والرفض والأخذ والرد وهذا الأمر لا يُفسد للود قضية.

وسنتطرق من خلال هذا المقال للأخطاء التي تُصاحب طرح المُقترحات من قِبل أصحابها؛ وأولها هو اعتقاد المقترِح بأنَّ ما يقترحه عبارة عن أوامر يُسديها للغير وإن لم تُنفّذ فسوف يدخل في خلاف وجدال مع الباقين لعدم الأخذ بمقترحه، وثانيًا هو اعتقاد الشخص بأن مُقترحه لا يهم الغير ولذلك يُحجم عن طرحه، والخطأ الثالث هو خروج المقترَح عن الواقع وانغماسه في الوهم والخيال الزائد والذي يصعب على الغير فهمه أو الأخذ به وتنفيذه، أما الخطأ الأكثر دهشة وغرابة هو ظن المُقترِح بأن مُقترحاته تُساوي ذهبًا ولا يمكن أن يدلي بها لأي شخص أو مجموعة بالمجان.

من تجربة شخصية أحجمت عن طرح أي مُقترح لمجموعة أنتمي إليها لسنة كاملة وتركت المجال للباقين، إلّا أن السنة مرّت ولم يقترح أحد والغريب في الأمر هو أنه عندما نقترح يُعارضون وعندما نصمت يحجمون وفي نهاية الأمر نبقى بلا فكرة تفيدنا ولا مُقترح يُنشطنا ولا فعالية تُبهجنا وبقينا خاملين.

إن من ثقافة تبادل الآراء والأفكار وصناعة الحوارات هو طرح المقترحات والإدلاء بها وخاصة تلك العِلمية منها أو العَملية أو الخِدمية التي تخدم المجتمع والمنفعة العامة أو التي تخص المصالح الأُسرية التي تُحلحل القضايا بينهم، فالأفكار والمقترحات النابعة من العقلية الواحدة لمجموعة مُعينة رُبما تَنضب وتجف أو أنها ستسير في اتجاه واحد وعلى وتيرة مُعينة وربما ستُصبح مُملّة وتفتقر للتطوير والتشويق وللتصور الصحيح وستبتعد عن مواكبة التحديث والمتغيرات، إلّا أن التعدد في المقترحات يخلق جوا جديدا وأفكارا متنوعة ومُفيدة وخيارات متعددة ورؤى واسعة الأُفق والنطاق تُفضي بنتائج رائعة عند تنفيذها وترجمتها على الواقع ويستفيد منها الجميع.

خلاصة القول.. إن المُقترحات الهادفة والتي تُبنى على أفكار مدروسة وتصورات مُتجددة لها أهمية تحتاجها كل منظومة وكل مجموعة حتّى ولو كان البعض يعتبرها غير مُهمة أو غير مُجدية، فمتى بُغيَت منك يجب عليك الإدلاء بها حتّى ولو قوبلت بالرفض فهي ليست مسؤوليتك وأنت الذي عليك أديته وجعلت لك رأيا وقرارا في مجموعتك التي تنتمي إليها، أما مسألة قبولها من عدمه فهو متروك لمُقرري المجموعة وليس عليك، أما أن تُحجم وتصمت وتتحفّظ وتدّعي أنك غير مَعني بالأمر أو غير مسؤول أو غير مُهتم وتنتظر الآخرين ليقترحوا وتمضي خلفهم وعلى رأيهم كأنك تُقاد خلفهم فهو أمر ليس له مُبرر بتاتًا ولا يحمل أي نوع من كسب الحضور الشخصي لك في أي مجموعة تنتمي إليها، بل يُعتبر ضعفا منك في صنع قرار تخدم به نفسك وتفيد به غيرك، لذا كُن في زُمرة المقترحين وسيخلق لك ذلك أفكار مُسترسلة لاحقًا كلما خضت فيها وحرّكت عقلك وفكرك وانتفع بك الغير نظير أن تبقى تابعًا وصامتًا تعتاش على أفكار ومقترحات الآخرين.

تعليق عبر الفيس بوك