غزة تقاوِم.. لتتحرر فلسطين

 

د. سالم عبدالله العامري

بعد مضي عقود طويلة من المفاوضات بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني بات يدرك الفلسطينيون خاصة والعرب عامة أكثر من أي وقت مضى عدم جدوى هذه المفاوضات وأنها ليست الطريق الصحيح أو الوحيد لإقامة دولة فلسطين وإنهاء الاحتلال الصهيوني بسبب تعنت هذا الكيان الغاصب وعدم التزامه بالاتفاقيات ونقضه لكل تلك العهود والمواثيق التي أٌبرمت خلال كل تلك الحقبة من الزمن؛ بل استمر هذا العدو المحتل في تماديه وفرض سطوته وغطرسته من خلال التنكيل بالشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه في أرضه المُحتلة.

استمر العدو في القتل والتهجير وبناء المستوطنات والاعتقال والتضييق بشكل غير مسبوق لم يشهد العالم مثيلا له في التاريخ، لم يسلم منه حتى الشجر والحجر فهدم البيوت والمقدسات ودمر البنية التحتية وكل مصادر الحياة في البر والبحر في جُل الأراضي الفلسطينية، بل وأدرك العالم الحر من شعوب وحكومات جراء ما يحصل الآن من جرائم الاحتلال الصهيوني على المدنيين العزل من النساء والأطفال والشيوخ في غزة خاصة والضفة الغربية عامة أن لا جدوى ولا فائدة من التفاوض مع هذا العدو المتغطرس العنصري.

هذا العدو البغيض الذي ينحدر من أمة دموية إرهابية، منطقها القتل والدمار والهلاك، لا تعترف بمواثيق ولا معاهدات، شذاذ الآفاق، وخونة العهود، وغدرة الوعود، لا عهد لهم ولا ذمة ولا أمان، عقيدتها فاسدة وشعاراتها خبيثة يحوم حولها خرافات وأوهام وأنماط سلوك قبيحة لا يطيقها أحد ولا يقبلها منطق، أسوأ البشر اليوم وجودًا على الأرض.

أدرك الفلسطينيون والشرفاء من أبناء الأمة والعالم أجمع أن لا سبيل غير المقاومة لدحر هذا الكيان المجرم، وأن الاحتلال عبر التاريخ لم ولن يزول إلّا بالمقاومة والكفاح، وخير شاهد على ذلك حركات المقاومة والتحرير التي قادها المناضلون والشعوب من أبناء أمتنا العربية التي جاهدت وقاومت العدو المستعمر أبرزها الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي، وكفاح المغاربة ضد البرتغاليين والفرنسيين والإسبان،  والليبيين ضد الطليان، وثورات المصريين والعراقيين والسودانيين واليمنيين ضد بريطانيا، والشاميين ضد فرنسا وبريطانيا، والعمانيين ضد البرتغاليين، وغيرها من ثورات الشعوب التي كافحت وناضلت حتى تحررت من هيمنة المستعمر ونالت استقلالها وحكمها المستقل.

إن ما حققته المقاومة الفلسطينية في معركة "طوفان الأقصى" وبالتحديد في السابع من أكتوبر، لهو بارقة أمل بدأت تلوح في الأفق على مشروع تحرر قادم بإذن الله تعالى للشعب الفلسطيني للتخلص من هذا الكيان المستعمر، ستتمخض أيامه القادمة عن ولادة وقيام دولة فلسطينية كاملة الشرعية على كل تراب فلسطين وسيندحر هذا الكيان الصهيوني الغاصب إلى الزوال للأبد.

ولعل ما جسده أهل غزة تحديدًا عقب طوفان الأقصى من صمود وتضحية وصبر على الأذى الذي لحق بهم من قتل وتنكيل وتجويع وتشريد بحق الأطفال والنساء والشيوخ وإيمانهم بالله ثم بقضيتهم الوطنية هو بلا شك ثمرة من ثمار نصر ستُكتب سطوره قريبًا بحروف من ذهب، لتحكي قصة شعب عظيم أعزل قاوم لوحده آلة القتل والبطش والدمار التي نفذها جيش الاحتلال بمساعدة وإيعاز من كل قوى الشر والظلام في هذا العالم الذي بات يسوده الظلم والنفاق والكفر بمبادئ العدل والإنسانية وانعدام الضمير والأخلاق إلا من رحم ربي.  

إن كفاح الشعب الفلسطيني واختياره المقاومة سلاحًا لتحرير الأرض والمقدسات هو بلا شك طريق مشروع وناجع ينبغي على الشرفاء من أبناء الأمة الوقوف إلى جانب المقاومة ودعمها استراتيجيا، وندعو جميع أحرار العالم الى عدم ترك الفلسطينيين لوحدهم يواجهون آلة الدمار والقتل هذه التي تكالبت عليهم من كل أصقاع العالم حتى لا تضيع من بين أيديهم هذه اللحظة التاريخية التي باتت قاب قوسين أو أدنى من تحرير فلسطين ودحر الاحتلال.

وليعرف العالم أن قضية فلسطين ليست فقط قضية شعب احتلت أرضه وهجر منها؛ بل قضية الإنسانية جمعاء يجب تحريرها من هذا العدو المحتل الغاصب، وما بعد الصبر إلا النصر وإن مع العسر يسرًا.

تعليق عبر الفيس بوك