وداد الإسطنبولي
فرحُ غصن الزيتون بما هو آت؛ هجومٌ والتحامٌ وتكبيرات؛ فتغريدة وسجود وتضرع وأمل ورجاء؛ حتى ملأ النورُ القلوب والأنفس، وهللت الأيادي: "الله أكبر".
هزمتْ الصماءُ البنادقَ والرشاش، بقوةٍ ضربت، حطمت ثم نرى تأججًا فيه اقتحام، وما زالت الصماء تتنفس وقلبها ينبض، لم تتعب ولم تكل ولم تضعف، مُقاوِمةٌ عجيبةٌ خيرٌ من تخاذلِ بارد قارص خائف يتقلص ويتوتر، ينتظر أضعف الإيمان.
الحالةٌ شوقتنا وأمتعتنا، بلغنا معها المرادُ والانسجام بعيون مفتوحة للشاشات. فجأة انقباضٌ لا ندري ما موضعه، وضحكة متسعة تُخفي خلفها ماءً مسكوبًا. لم يكتمل العرس، بل هي فرحة محسودة، وهجمة مرتدة فارت معها دماء إبليس؛ فدماؤه الطاهرة تدنست وتناثرت وعلا معها الصوت والصدى.
حملقت العيون ولكن بطريقة مختلفة عن السابق، كان هناك هجوم وتهديد وأجساد يلفها البياض، استغاثة بلا مغيث، وأجساد متوافقة صغيرة وكبيرة ملهوفة، تتضرع، جثث مرمية في كف الأرض. وأصوات يعلو صوتها: "نؤمن بالخوف، ونؤمن بالألم، ونؤمن بالموت".
كم آسف لحالي، أن أكون وطنًا بلا هُوية، أعضائي تُنْتَشَلُ مني، وجروحٌ في بدني وجسدي، وأطعن من أمامي وخلفي وأنا ساكنة لا أستطيع فعل شيء، أيُّ خزي أن أكون حدثا يدونه التاريخ في سجلاته بهذا الوضع القاتم، ويتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل، ليتني صفحة تطوى دون ألم، يكفيكم تذكر مقاومتنا وجهادنا ودفاعنا عن أرضنا.
إخفاقُ قلمٍ باردٍ قارص، بل استسلام ليس لثائر وإنما لراضخ خامد.. أيقنتُ أنَّ تمرد حجارة صماء أعظم من سكون قلم.