مدير "شؤون الأحداث" لـ"الرؤية": العقوبات البديلة ضرورية لإصلاح الأطفال الجناة وتعزيز الانتماء الوطني

◄398 إجمالي أعداد الأحداث في السلطنة

تترك للقاضي اختيار التدبير المناسب للحدث

يجب مراعاة المصلحة الفضلى للطفل وعمره واستيعابه

◄ أهمية إشراك المجتمع في تأهيل الأحداث ودمجهم بالمجتمع

الرؤية - سارة العبرية

أكد فهد بن زاهر الفهدي مدير دائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية، أن من أبرز التحديات التي تواجهها مجتمعات دول العالم زيادة الجرائم والمخالفات بين الأفراد بما فيهم فئة الأطفال المراهقين، وهو ما يطلق عليه "جنوح الأحداث" وذلك لمن يرتكب مخالفة في سن أقل من 18 عاماً أو حسب العمر المحدد في كل دولة، الأمر الذي يستوجب خضوع هذا الحدث إلى الخضوع لإجراءات عقابية وفق القوانين والتشريعات.

وحول مفهوم جنوح الأحداث، أوضح الفهدي: "وفقًا لقانون مساءلة الأحداث العُماني (30/2008)، فقد عرّف الحدث على أنه كل ذكر أو أنثى لم يكمل الثامنة عشرة من العمر، وعرّف الحدث الجانح بأنه كل من بلغ التاسعة ولم يكمل الثامنة عشرة من العمر وارتكب فعلاً يُعاقب عليه القانون"، مشيرا إلى أنه تبعًا للإحصائيات الصادرة من وزارة التنمية الاجتماعية في سلطنة عُمان لعام 2022م، فقد بلغ إجمالي أعداد الأحداث في مختلف محافظات سلطنة عُمان حوالي 398 حدثا، منهم 40 حدثًا معرضًا للجنوح، و358 حدثًا جانحًا.

الإجراءات العقابية البديلة

وذكر مدير دائرة شؤون الأحداث أن العقوبات البديلة هي مجموعة البدائل غير التقليدية التي تصدر بحكم جزائي بالنسبة للجُناة الذين تثبت إدانتهم في جرائم، وذلك بإخضاعهم لمُعاملة عقابية يحدد نوعها في الحكم بغية تأهيلهم وإصلاحهم، بما يتناسب مع مرحلة الطفولة والمراهقة، مثل إخلاء السبيل المشروط والعقوبات المالية كالغرامات والأمر بمصادرة الأموال أو نزع الملكية والعقوبات الشفوية كالتوبيخ والتحذير.

وأضاف مدير دائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية: "في حالة إذا كان الحدث قد أتم الخامسة عشرة من عمره وقت ارتكابه فعلًا معاقبًا عليه تطبق عليه العقوبات المقررة عدا عقوبة السجن؛ فيعاقب بالإيداع في دار الملاحظة الاجتماعية والتوجيه الاجتماعي ومؤسسة رعاية الفتيات مدة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة الأعلى المقررة لذلك الفعل ودون التقيد بالحد الأدنى لتلك العقوبة، وفيما إذا كانت الجريمة مما يُعاقب عليه بالقتل فتكون العقوبة الإيداع في الدار مدة لا تتجاوز عشر سنوات".

وبيّن أنَّه يجوز لمحكمة العدالة الإصلاحية للطفل أو اللجنة القضائية للطفولة إيداع الطفل في إحدى المستشفيات المتخصصة إذا كان مصابًا بمرض يستوجب ذلك للمدة التي يحددها المستشفى المودع فيه الطفل بالرجوع إلى حالته الصحية، وإيداع الطفل في إحدى مؤسسات أو جمعيات الرعاية الاجتماعية التابعة للوزارة المعنية بشؤون التنمية الاجتماعية أو المعتمدة من قبلها، لافتاً إلى أنه إذا كان الطفل من ذوي الإعاقة يكون الإيداع في مركز مناسب لتأهيله، كما يتم إلزام الطفل بالمشاركة في بعض الأنشطة التطوعية، وللطفل الحق في اختيار النشاط الذي يرغب بالمشاركة فيه، ويجوز لمحكمة العدالة الإصلاحية للطفل أو اللجنة القضائية للطفولة تكليف الطفل الذي تجاوز سنه خمس عشرة سنة ميلادية كاملة بالقيام ببعض الأعمال دون مُقابل للمنفعة العامة بموافقته ولمدة لا تتجاوز سنة، وإلزام الطفل بالبقاء لفترة لا تقل عن ساعتين ولا تزيد على اثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد في نطاق جغرافي محدد يحظر عليه الخروج منه.

وقال الفهدي إن الهدف الأساسي من استبدال العقوبة الحبسية بالعقوبات غير السالبة للحرية هو إصلاح المحكوم عليه وحمايته من الأذى وتقديم خدمة لمجتمعه؛ إذ إن العقوبات البديلة تعزّز قيمة التسامح والانتماء وتحقق مبادئ الشراكة الاجتماعية والمصلحة العامة، ولا تفكك الروابط الأسرية للمُدان، بالإضافة إلى إشراكه في خدمة المجتمع.

مسؤولية المجتمع

وأكد الفهدي أنه يجب تعزيز مشاركة المجتمع فيما يخص شؤون العدالة الجنائية وخصوصًا للأحداث، بهدف إثارة شـعور المجتمع بالمسؤولية تجاه الجناة، والمشاركة في إعادة دمج الجُنـاة فـي  المجتمع، وهو الأمر الذي يساهم في الحد من وصمة العار التي تلاحق المحكوم عليهم بالسجن.

ويرى الفهدي أن اتخاذ العقوبات الحبسية كتدبير إلزامي دون اللجوء إلى التدابير البديلة يمس حق الفرد في الحرية، بالإضافة إلى الآثار السلبية الأخرى مثل اكتظاظ السجون وتدهور العلاقات بين السجناء، كما أن اللجوء المفرط إلى الاحتجاز يسلب المحتجز حق الحياة الأسرية الطبيعية ويؤثر سلبًا على تماسك أفراد الأسرة، ناهيك عن وصمة العار التي تلاحقه وتلاحق أبناءه.

المبادئ القانونية

ويؤكد الفهدي أنه من الأفضل عدم تخصيص تدبير مُعين لجريمة معينة فيما يخص الأحداث، على أن تترك للقاضي السلطة التقديرية لاختيار التدبير المناسب لكل حدث بما يعرف بتفريج العقاب، لأنه إذا لم يكن التدلبير مناسبا لظروف الحدث فقد يجنح الحدث إلى الانحراف نتيجة شعوره بالإحباط، ولذلك فإنَّ التشريعات الحديثة أتاحت مجموعة من التدابير أمام القاضي بما يتلاءم مع ظروف الحدث وعمره ومستوى إدراكه.

وذكر أن المعايير التي تساهم في اختيار التدبير الملائم تتمثل في قناعة القضاة بقدرة التدبير على الإصلاح، ومدى قدرة العقوبة أو التدبير على تحقيق آثار تعود على الحدث والمجتمع بالنفع، ومدى تقبل المجتمع للتدابير، ومطابقة العقوبة لتعاليم الشريعة والقانون وحقوق الإنسان وبما يحفظ كرامة الحدث، لافتًا إلى أن المادة (40) من اتفاقية حقوق الطفل نصت على "أنه لابد من اختيار ترتيبات مختلفة من أوامر الرعاية، والإرشاد، والإشراف،  والمشورة، والاختبار وغيرها من البدائل الرعائية المؤسسية لضمان معاملة الأطفال بطريقة تلائم رفاههم وتتناسب مع ظروفهم وجرمهم على السواء".

وشدد الفهدي على ضرورة مراعاة مصلحة الحدث والحفاظ على حمايته وإصلاحه مع مراعاة خصوصية المرحلة العمرية للأحداث عند اختيار التدابير المناسبة، لافتًا إلى وجود تحديات متعلقة باختيار وتطبيق التدابير البديلة ومنها: عدم وجود محددات قانونية واضحة في التشريع العُماني بآلية تنفيذها كآلية المراقبة الإلكترونية لأنها تحتاج لنظام مخصص ومتابعة مخصصة ويتطلب مشاركة عدة مؤسسات وإدارات لتطبيقها، وأيضًا قد تنتهك حرمة الحياة الخاصة للأسرة والفرد.

 

تعليق عبر الفيس بوك