الملف الشائك

 

محمد بن رامس الرواس

 

تعتز الشعوب المحتلة بمشارق الأرض ومغاربها بنضال وتضحيات رجال المُقاومة من أبنائها، ولا تبالي بما يدفعونه من أثمان باهظة طلبًا لنيل حرية أوطانهم .

وعلى مدى 80 عامًا قدم المقاوم الفلسطيني دماءه رخيصة وبذلها بكل رضا لأجل أن يتحرر المسجد الأقصى السليب والأرض الفلسطينية المحتلة من جور الاحتلال الإسرائيلي، ولقد ظلت المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها تسعى لهذا الهدف فمنهم من قضى نحبه ومنهم من زج به في غياهب السجون .

والأسرى الفلسطينيون لدى ذويهم ووطنهم أيقونات للحرية والنضال وإخراجهم من أبسط الواجبات التي تقع على عاتق أبناء فلسطين جميعًا، ولا يخفى على أحد أن عدد من دخل السجون الإسرائيلية على مر العقود الثمانية الفائتة بلغ مليون فلسطيني فلقد كانت الاعتقالات من أكثر الممارسات الإسرائيلية التي درج على اتباعها بهدف بث روح الخوف واليأس والقنوط بقلوب أهل فلسطين، وهي سجون يقاسي فيها الأسرى شتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي بعيدا عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، من أجل ذلك أصبح لدى الفلسطينيين يوم وطنيًا للأسرى (يوم الأسير) لتظل قضيته حية فلسطينًا ودوليًا .

وإذا عدنا قليلًا إلى الوراء لنلقي نظرة على ملف الأسرى نجد أنه في العام 1985م تم إطلاق سراح 1150 سجينا فلسطينيا مقابل إطلاق سراح 3 جنود إسرائيليين، ثم جاءت بعد ذلك حادثة الأسير الإسرائيلي "جلعاد شاليط" 2006م الذي تم إطلاق سراحه بعد مفاوضات طويلة استمرت لمدة خمس سنوات مقابل نيل 1000 أسير فلسطيني حريتهم، واليوم تتحدث كتائب عزالدين القسام عن وجود 250 أسيرا إسرائيليا في قبضة المقاومة بشتى فصائلها بينما يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين الحاليين بنحو 5200 أسير، وبالأمس القريب على لسان المتحدث الرسمي لها قدمت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" صفقة تبادل أسرى يطلق من خلالها الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي جميع الأسرى (تصفير الأسرى) .

 لقد كانت ضربة المعلم الاستباقية للمقاومة الفلسطينية يوم أن ألقت القبض على ما يقارب 250 أسيرا إسرائيليا في السابع من أكتوبر، هذا بخلاف احتجازها عددا من جنسيات مختلفة تصادف وجودهم في مدن غلاف غزة يومها، فتحرير الأسرى أمر توليه المقاومة بشتى فصائلها بالغ الاهتمام لأجل التخفيف من معاناتهم ومعاناة ذويهم، فليس هناك بيت فلسطيني إلا وله أب أو أم أو أخ أو أخت أو قريب ممن دخل زنازين الاحتلال.

ولتتضح لنا الصورة جلية للمعاملة التي يتلقاها الأسرى الفلسطينيون بالسجون الإسرائيلية فلابد من تسليط الضوء على الحرمان الذي يتلقونه وقطع التواصل مع ذويهم، وحتى لقاء المحامين لأجل نيل أبسط الحقوق سواء من مشورة قبل التوقيع على أية اعترافات أو التحدث عما يعانونه، هذا بجانب عزلتهم التامة في سجون شبه انفرادية يقاسون فيها شتى أنواع التنكيل والتعذيب الممنهج، وهذا الأمر ينطبق على غالبية الأسرى وتحديدًا من العام 2005م والهدف معلوم بالطبع حتى لا يحصل السجين على رصد لحالته الصحية والنفسية، ومما يدمي القلب أن منهم مرضى يعانون من أمراض مزمنة كالسرطان فيتركون دون علاج يكابدون الأمهم دون رأفة أو رحمة إنسانية، وبالتالي من خلال هذه الماسي وغيرها الكثير يعتقد الكيان الإسرائيلي أنه سيصل بهؤلاء الأسرى الى أعلى درجات مشاعر اليأس والقنوط والخوف، لكن ما يحدث أنهم يخرجون من السجون وكلهم قوة وإيمان بقضيتهم .

لقد كان من بين ممن اعتقل عام 1948م الأسير "كريم يونس" الذي لم يفرج عنه إلا خلال صفقة "شاليط" هذا بخلاف الكثير منهم ممن طال بهم الأمد وهم ينتظرون فرج المولى عز وجل هذه الأيام من خلال معركة طوفان الأقصى وما ستفضي إليه صفقة الأسرى وما سينتهي إليه ملف الأسرى الشائك.