وزارة الداخلية تكسب الرهان

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

بحمد الله وفضله ومنته انتهت انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة 2023-2027م في عملية ديمقراطية مارس فيها الناخبون حقهم في اختيار ممثليهم، كما نص عليه النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عمان وقانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى، والذي نظم العملية وفق ضوابط وآليات مختلفة عن الفترات السابقة، هذا التنظيم الجديد جعل من عملية الاقتراع أكثر سهولة ويسراً وزاد من إقبال الناخبين على التصويت.

والمتتبع لانتخابات مجلس الشورى منذ انطلاقتها يلاحظ التطور الذي حدث في عملية الاقتراع منذ الفترة الأولى إلى الفترة العاشرة؛ حيث شهدت الفترات المتتالية نماذج مختلفة من عملية التصويت أو الاقتراع، ولكن انتخابات الفترة العاشرة تعد النقلة النوعية الأكبر في تاريخ انتخابات مجلس الشورى؛ إذ تحولت العملية الانتخابية إلى النظام الإلكتروني بالكامل بما فيها عملية الاقتراع، هذه النقلة التي وضعت سلطنة عمان ضمن أوائل الدول التي تطبق مثل هذه الأنظمة في عملية انتخابية كبيرة تتضمن أعدادا كبيرة جدًا من الناخبين.

البُعد الذي ذهبت إليه زارة الداخلية في هذه الممارسة أنطلق من عدة أهداف، فبجانب إيمان مسؤولي الوزارة وعلى رأسهم معالي السيد الوزير بأهمية استثمار التطور التقني العالي ومواكبة هذا التطور والتحول الإلكتروني والقناعة بقدرة هذه الأنظمة على تحسين جودة العمل والنتائج، إلى جانب ذلك سعت الوزارة إلى زيادة عدد المشاركين في العملية الانتخابية وقد وضعت في حسبانها التحديات التي واجهت الناخبين خلال الفترات السابقة مثل ارتباط بعضهم بأعمالهم وصعوبة حضورهم لمقار الانتخابات وعدم تمكنهم من الادلاء بأصواتهم نتيجة هذه التحديات، إضافة إلى جانب مهم يتمثل في مدى الجهد المالي والتنظيمي في إدارة مراكز انتخابات تنتشر في ربوع الوطن من أقصاه إلى أقصاه، والأهم من ذلك تأخر عمليات الفرز وما يصاحب العملية الانتخابية من ممارسات خاطئة داخل المراكز الانتخابية والتي دائمًا ما كانت مصدر شكوى وتذمر.

إن ما قامت به وزارة الداخلية من عمل مُتقن بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة يجعلنا كمواطنين فخورين بما نشاهده من تحولات في هذا العهد المتجدد من النهضة المباركة بقيادة مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ويجعلنا حريصين على أن يكون عطاء جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة بنفس هذا المستوى وأعلى "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" وحَمّل المسؤولين عن هذه الوحدات مسؤولية كبيرة في تقديم عمل يتوافق من النهج الحديث ويحقق مستهدفات رؤية "عمان 2040"، هذا العمل الذي يستطيع أن ينتقل بسلطنة عمان إلى مصاف الدول المتقدمة ويرتقي بمعيشة المواطنين ويجود الحياة وينعكس كل ذلك بالإيجاب على كل فرد.

لم يكن يومُ انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة عاديًا، فقد أجادت وزارة الداخلية في صناعة الحدث الوطني بامتياز، حتى عملية إعلان المؤشرات الأولية للنتائج زادت من حماس العملية الانتخابية وصنعت حراكًا في المجتمع ووسائل التواصل الاجتماعي وزادت من نسبة المشاركين وحركت الانتخابات بشكل واضح، وما ارتفاع نسبة المصوتين مع نهاية اليوم ووصوله إلى ما يتجاوز 65% من مجموع الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي إلا دليل واضح على دور النظام الجديد في الانتخابات وهذه النسبة تجاوزت النسبة المسجلة في الانتخابات السابقة والتي لم تتجاوز وقتها 49%.

الأمر الآخر والذي تجب الإشادة به هو التطبيقات المستخدمة في النظام الإلكتروني للانتخابات حيث أثبتت جودة عالية ولم يحدث أي عطل للنظام؛ بل إن عملية الاقتراع لم تأخذ من الناخب إلا ثوانٍ معدودة، وهذا الأمر لم يكن ليتحقق لولا الجهود الكبيرة التي بُذلت قبل هذا اليوم المحدد؛ حيث أجاد الفريق الفني العمل ومضى وفق ما رسمه المعنيون بالانتخابات، واستطاع أن يضبط جميع المتغيرات وأن يتوقع جميع التحديات قبل بدء الاقتراع، وكل ذلك يحسب لوزارة الداخلية التي كسبت الرهان بامتياز، واستطاعت أن تقود الانتخابات بكفاءة معهودة وعمل متقن..

تحيةٌ ملؤها الفخر لهذا العمل الوطني الكبير لكل فرد في هذه المؤسسة، وكما يقال في وسائل التواصل الإلكترونية "وزارة الداخلية تفوز".

تعليق عبر الفيس بوك