محمد بن رامس الرواس
كل يوم يمر على الكيان الإسرائيلي يفقد فيه صفته كدولة تنتمي للمجتمع الدولي المتحضر، وكل ساعة تمر فيه معركة طوفان الأقصى يزداد يقين الأفراد بحقوق القضية الفلسطينية، وليس أدل على ذلك من المظاهرات التي تجتاح العالم من جاكرتا إلى لندن.
يأتي في مقدمة الأهداف التي تتذرع بها إسرائيل للاجتياح البري الذي بدأته بالأمس القريب تحرير الأسرى الإسرائيليين الذين يتجاوز عددهم 200 أسير، هذا بجانب رغبتها برد هيبة الجيش الإسرائيلي التي سقطت في السابع من أكتوبر الجاري، وجميعها أهداف لا يعلم الجيش الإسرائيلي وأعوانه كيفية تحقيقها فلا هم يعلمون أماكن تواجد الأسرى ولا مكامن الأنفاق، لكن الحقيقية أننا جميعنا يعلم أن هذه المعركة البرية في مقدمة أهدافها من الجانب الإسرائيلي هو تصفية حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام وقياداتها من المشهد السياسي الفلسطيني وإيجاد بديل سياسي جديد يتوافق مع توجهات إسرائيل في الفترة القادمة، لذلك أصبحت المعركة البرية مسألة حياة أو موت كما أطلق عليها الطرفان الإسرائيلي وكتائب المقاومة الفلسطينية.
ستدفع إسرائيل بلا شك ثمنًا باهظًا من خلال هذه المعركة البرية، أولًا على المستوى الاقتصادي والمالي؛ حيث ستتكبد خسائر لا يمكن التكهن بها أو بأرقامها، وثانيًا أنهم يواجهون فصائل المقاومة المسلحة التي تتحلى بعقيدة الإيمان والدفاع عن أرضهم والاستبسال من أجلها، بينما قيادات الجيش الإسرائيلي يساورهم خوف وتوجس من حدوث مفاجآت عندما يتحرك جنودهم لدخول غزة، لذلك ليس لديهم في هذه المعركة سوى الاعتماد على سياسة الأرض المحروقة عبر قصف المدن، فهم يعلمون أن ما ينتظرهم على مستوى الاشتباك البري شيء يرعبهم، لذلك يفضلون حاليا سياسة "أقتل ولا تقاتل" عبر الذراع الجوي، فهم لا يتمنون الاشتباك في حارات غزة وأزقتها ومع رجال المقاومة والقناصة كما لا يرغبون المواجهة وجهًا لوجه؛ فالسيناريو سيكون عبارة عن مسرح مفتوح لعمليات عسكرية دامية ومرهقة وطويلة للغاية لا يتحملها الجيش الإسرائيلي الذي تعود على الحروب السريعة؛ فالنتيجة معروفة ومحسومة مسبقًا – بإذن الله تعالى – فهنالك مفاجآت لا يمكن التكهن بها، على سبيل المثال الإنفاق التي تمتلكها فصائل المقاومة الفلسطينية والتي يبلغ عددها 1300 نفق مزودة بكافة سبل الحياة وشبكة الاتصالات الخاصة التي لا يستطيع الجيش الإسرائيلي التنصت عليه، ومخابئ الأسلحة وغيرها.
ختامًا.. إن الحرب البرية تُعد سيناريو مجهولًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي، فلا يعلمون أماكن الإنفاق ولا تواجد أماكن الأسرى ولا أين تتمركز فصائل كتائب القسام، وبالتالي هي حرب مفتوحة يتم فيها توقع كافة الاحتمالات، وليس لها وقت محدد لانتهائها وهذا ما لا تتحمله إسرائيل.. وللحديث بقية.