قانونيون: مجازر الاحتلال بحق الفلسطينيين جرائم حرب.. ويجب معاقبة إسرائيل دوليًا

 

◄ المعولي: أمريكا تعرقل جهود المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الاحتلال

◄ المعولي: الاحتلال لا يأبه بالقوانين الدولية ويجب الإسراع في معاقبته

◄ الجهوري: يجب محاكمة قادة الاحتلال على الانتهاكات الإنسانية

◄ باقوير: جرائم إسرائيل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي يقف صامتا

◄ الغيلاني: ردود الفعل الدولية على الجرائم الإسرائيلية منحازة للاحتلال وغير مقبولة

الرؤية- ريم الحامدية

يؤكد عدد من القانونيين والمحللين السياسيين أن ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة، يعد انتهاكات بحق الإنسانية ويرتقي إلى جرائم الحرب التي يجب المعاقبة عليها، وذلك وفقًا للاتفاقيات الدولية، مشددين على ضرورة اتخاذ موقف دولي موحد يدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

ويقول المحامي سعود بن صالح المعولي، محام مُقيد لدى المحكمة العليا ورئيس ادعاء عام سابق، إن هناك محكمتين دوليتين للنظر في مثل هذا النوع من النزاعات، وهما المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، لافتاً إلى أنَّ المحكمة الجنائية الدولية أنشئت عام 2002م بموجب اتفاقية النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما)؛ لملاحقة "الأفراد" الذين يرتكبون أشد الجرائم خطورة التي يوليها القانون الدولي اهتماما كبيرا وهي: جرائم الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جريمة العدوان، بحسب ما عرفها النظام الأساسي للمحكمة.

ويضيف أنَّ المحكمة تملك مُعاقبة المحكوم عليهم بعقوبات تصل للسجن المؤبد والسجن المؤقت الذي يصل إلى 30 سنة، فضلاً عن الغرامات ومُصادرة العائدات والأصول وإلزامهم بجبر الأضرار من خلال التعويضات، لافتا إلى أن فلسطين انضمت إلى هذه الاتفاقية في أبريل 2015م، وهو ما يتيح للسلطة الفلسطينية التقاضي أمام هذه المحكمة بشأن الأوضاع في أراضيها المُحتلة، وذلك إعمالاً للفقرة (أ/13) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما يمكن تقديم شكوى مُدعّمة بالمؤيدات والمعلومات للمدعي العام بالمحكمة المذكورة من قبل الضحايا أو مُمثليهم أو المنظمات الحقوقية أو الدول العربية، بموجب ما يملكه المدعي العام من صلاحية مباشرة التحقيق في الجرائم التي تختص بها المحكمة الدولية الجنائية من تلقاء نفسه وفق المادتين: (ج/13) و(15) من النظام الأساسي للمحكمة.

ويوضح المعولي أن ما تقوم به إسرائيل يُمثل جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ويجب على العالم أن يقف موقفا صادقا وصارما للمُطالبة بمقاضاة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تملك الاختصاص بموجب قرارها الصادر من هيئتها التمهيدية في فبراير 2021م؛ حتى لا يُسمح بارتكاب الجرائم والإفلات من العقاب، فضلاً عن مُطالبة المحكمة الجنائية الدولية بسرعة البت في الدعاوى المرفوعة على مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يأبه للقوانين الدولية، إذ إن التأخير في محاسبة من يرتكب الجرائم يزيد من وتيرة هذه الممارسات وضياع العدالة في المجتمعات.

ويؤكد المعولي أن السلطة الفلسطينية باشرت إجراءات مُقاضاة المسؤولين الإسرائيليين فور قبول انضمامها لاتفاقية النظام الأساسي للمحكمة عام 2015م بموجب الفقرة الثالثة من المادة (12) من نظام المحكمة، وفي عام 2018م أحالت السلطة الفلسطينية الجرائم المتعلقة بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المُحتلة للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، وطالبت رسمياً بمُباشرة التحقيق في جرائم الاحتلال التي تختص بها المحكمة، وقد دعمت المنظمات الدولية الحقوقية كمنظمة هيومن رايتس ووتش المُضي قُدماً في التحقيق في الجرائم الخطرة التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي عام 2019م قرَّر مكتب المدعية العامة بالمحكمة الجنائية أن جميع المعايير اللازمة للشروع في تحقيق رسمي في الجرائم الخطيرة تم استيفائها، كما استطلعت المدعية العامة رأي الهيئة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية بشأن الاختصاص، فحسمت الهيئة ذلك وقررت بتاريخ 5 فبراير 2021م اختصاص المحكمة، فقررت المدعية العامة بالمحكمة بتاريخ 3 مارس 2021م فتح تحقيق في الجرائم الدولية المرتكبة في أراضي دولة فلسطين، وأرسلت المحكمة طلباً للحكومة الإسرائيلية تطلب منها التعاون بشأن التحقيق، إلا أن الأخيرة أعلنت صراحة عدم رغبتها في التعاون بذريعة أن المحكمة لا تملك صلاحية إجراء تحقيقات تتعلق بإسرائيل؛ كونها لم تُصادق على مُعاهدة النظام الأساسي للمحكمة (نظام روما)، فضلاً عن إدعائها بأن فلسطين ليست دولة بالمعنى القانوني المقصود في نظام روما، وبالتالي ليس لها الحق بطلب التقاضي أمام المحكمة.

ويتابع: "لقد واجهت المحكمة الدولية ضغوطاً شديدة للحيلولة دون التحقيق في جرائم إسرائيل، لاسيما من الإدارة التنفيذية الأمريكية التي فرضت عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية، كمنعهم من دخول الأراضي الأمريكية وتجميد أصولهم، وأهم هؤلاء المسؤولين المدعية العامة فاتو بنسودا التي درست الحالة دراسة أولية، وقررت مباشرة التحقيق في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية، وقد سبق وطلبت منظمة العفو الدولية من مجلس الأمن استخدام صلاحيته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والفقرة الثانية من المادة (13) من نظام روما، بإحالة ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم الخطرة التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المُحتلة للمحكمة الجنائية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق النقض (الفيتو) وهو موقفها المعتاد بشأن أي قرار يتعلق بانتقاد إسرائيل".

ويقول المعولي: "سبق أن قدّمت شكاوي لدى مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية بشأن استهداف الصحفيين من قِبل الاتحاد الدولي للصحفيين، ونقابة الفلسطينيين والمركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين، وقد وثِّقت جرائم الاحتلال الإسرائيل بالعديد من التقارير الأممية الصادرة عن الأمم المتحدة، وأكدت الكثير من التقارير أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم عدوان، ويجب أن لا يُفلت مسؤوليها من العقاب".

ويبين أن محكمة العدل الدولية معنية بنظر النزاعات بين الدول التي تقبل الاحتكام إليها، بشأن انتهاك أحد أطراف النزاع لأحكام القانون الدولي، وأنه لا يمكن للسلطة الفلسطينية التقاضي أمامها لأنه يجب موافقة إسرائيل على ولاية المحكمة حتى يصبح حكم المحكمة ملزم لها، وهو الأمر الذي لن تقبله إسرائيل.

ويبيّن الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري، محامي ومستشار قانوني، أنه يمكن للدول والجهات المختصة أو المدعي العام الممثل للدولة الفلسطينية رفع دعوى جنائية لدى محكمة العدل الدولية، لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والانتهاكات في حق المدنيين من قتل وهدم للمنازل وهجوم على المستشفيات والأماكن المدنية الآمنة، حتى تتحصل على أحكام جزائية في حق المتسببين في الجرائم وتعويض المتضررين، مضيفاً أنه يمكن الحصول على قرار من أعضاء مجلس الأمن بالتدخل العسكري لوقف العدوان.

ويشير إلى أنه وفقاً للأعراف الدولية، يمكن مناصرة القضية الفلسطينية عن طريق المسيرات والوقفات السلمية أمام السفارات الداعمة للاحتلال لإيصال رسالة مفادها أن ما تقوم به إسرائيل جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بالإضافة إلى ضرورة قيام الدول والجهات المختصة المسؤولة عن الشعب الفلسطيني برفع دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية وفق الإجراءات القانونية وتقديم جميع المستندات القانونية لمحاكمة المسؤول والمتسبب في العدوان على المدنيين العزل، ومقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وتقديم المساعدات الإنسانية من خلال الجهات الخيرية الرسمية، ورفع التقارير بخصوص العدوان لمنظمات حقوق الإنسان للحصول على قرارات إدانة ضد الاحتلال.

من جانبه، يقول عوض بن سعيد باقوير، صحفي وكاتب سياسي، إنَّ جرائم الاحتلال الإسرائيلي مستمرة منذ عقود طويلة، ويقوم بممارسة العديد من الانتهاكات التي ترتقي إلى "جرائم حرب" مضيفًا: "يجب توثيق تلك الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين وعمل ملف متكامل يقدم للمحاكم الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب، في ظل وجود دعم شعبي عالمي ضد جرائم الاحتلال".

ويوضح أن نقابات المحامين العرب عليهم واجب وطني وأخلاقي ومهني في دعم ملف الانتهاكات الخطيرة في قطاع غزة، نظرا لما يتركبه الاحتلال الإسرائيلي من إبادة جماعية لم يشهد لها مثيل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مضيفا: "السلوك الإجرامي للاحتلال الإسرائيلي سيظل وصمة عار على جبين الإنسانية والمنظمات الدولية المععنية بحقوق الإنسان، ويجب محاصرة الاحتلال قانونيا وإعلاميا وأخلاقيا حتى تنكشف كل جرائمه ضد الإنسانية وضد الشعب الفلسطيني".

ويؤكد باقوير أن الشعوب العربية أعلنت تضامنها مع الشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن أرضه، ويجب تقديم كامل الدعم للقضية الفلسطينية معنويا وماديا وإمداد الفلسطينيين بالمستلزمات الطبية والغذاء والمساعدات المالية وإعمار المناطق التي دمرها الاحتلال بطائراته، مضيفًا: "لقد رأينا وقفة الشعب العُماني الذي عبَّر عن غضبه ومساندته لأشقائه في غزة وعموم فلسطين، بالإضافة إلى تضامن الشعوب العربية الأخرى، لإيصال رسالة إلى المجتمع الدجولي مفادها أن الشعوب العربية رافضة للاحتلال الإسرائشيلي ولكل ممارساته الإجرامية ورافضة لاستهداف المدنيين خاصة الأطفال والنساء بالإضافة إلى رفض استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف، في محاولة لإخفاء فشله وهزيمته يوم السابع من أكتوبر، ولذلك فإن الوضع في قطاع غزة جريمة حرب ضد الإنسانية ولابد من معاقبة قادة الاحتلال على هذه الجرائم".

من جهته، يقول الدكتور خالد بن حمد الغيلاني باحث في السياسات العامة، إن قضية فلسطين هي قضية بين العرب والمسلمين من ناحية والاحتلال الإسرائيلي من ناجية أخرى، وإن الأمر لا يمكن اختصاره في حماس وباقي فصائل المقاومة، لأن قضية فلسطين قضية عقدية وجودية، مبينا: "هذه حقيقة لا بد من فهمها ومعرفتها وإدراك أبعادها، وبالتالي فإن مقاومة المحتل واجب على أبناء الأمة جميعًا كل بحسب استطاعته، وعلى الجميع دعم القضية الفلسطينية في ظل وجود وسائل دعم متعددة، فيمكن دعمهم بالمال والغذاء والمستلزمات الطبية والحديث عن القضية في وسائل التواصل الاجتماعي وحث الناس على مناصرة القضية الفلسطينية والدعاء لهم بالتمكين والنصر".

ويتابع الغيلاني قائلاً: "ما يحدث في فلسطين وخاصة غزة جريمة إبادة جماعية ترفضها الأديان السماوية والأخلاق والقيم ويجرمها القانون الدولي وكل الأعراف، فهو حصار غاشم وقتل جماعي، كما أن منع المساعدات الإغاثية جريمة جديدة تضاف لجرائم الاحتلال مع قطع للماء والكهرباء، وقصف المستشفيات والمدارس والمساكن، واستهداف الأطفال والنساء، وممارسة سياسة القتل الممنهج لتهجير الفلسطينيين عن أرضهم، فما يحدث هو جريمة مكتملة الأركان في ظل ردود فعل دولية غير مقبولة وانحياز المجتمع الدولي إلى الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يتطلب من الأمة العربية والإسلامية أن تتخذ قرارات لوقف هذه الحرب الغاشمة على قطاع غزة".

تعليق عبر الفيس بوك